هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تبون يملك نوايا حسنة لكنه لا يملك آلياتها العملية وهو يفتقد لمشروع سياسي واضح
نرحب بأي مبادرة تلم شملنا الجزائري لكننا سمعنا عنوانا ولم نر أي محتوى حتى الآن
الحكومة مُقبلة على رفع الدعم الاجتماعي وتسعى لاستغلال الظروف السياسية المؤقتة
أتمنى على تبون أن يخرج من عباءة "بوتفليقة" ويصحح المسار فيما بقي له من العهدة الرئاسية
الرئيس اكتسب تقديرا شعبيا كبيرا داخليا خارجيا بموقفه القوي الرافض للتطبيع مع الاحتلال
قال
وزير الصناعة الجزائري السابق والسياسي البارز، عبد المجيد مناصرة، إنه يخشى أن تكون
مبادرة "لم الشمل" التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون عبارة عن "فنكوش
سياسي"، مضيفا: "الجميع سمع بها، واهتم بها، لكنه لا يعرف عنها أي شيء،
بالرغم من مرور ما يقارب الشهرين على الإعلان عن المبادرة، وهذا لا يخدم انطلاقة صحيحة
وناجحة لها".
وكشف
مناصرة، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الحكومة مُقبلة على رفع الدعم
الاجتماعي، وقد تكون هناك جرأة ورغبة لدى الحكومة في استغلال ظروف سياسية مؤقتة لتمرير
مشروع رفع الدعم الذي يستهلك أموالا ضخمة وفاتورة عالية مع تسيير إداري رديء وفاسد".
وأضاف:
"الحكومة متخوفة من هذه الخطوة، مع قناعتها بضرورتها، وتريد أن تحصل على موافقة
ومباركة من الأحزاب والنقابات، ولا تريد أن تدفع الثمن وحدها؛ فهي تخاف من الشارع وانتفاضته،
ولا تقبل أن يصب ذلك في صالح المعارضة فتستفيد منه سياسيا".
وشدّد
مناصرة، وهو الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، على أن "الاستقرار قائم في الجزائر، لكن الخطر قادم ما لم تتحقق آمال الناس"، مردفا: "في ظل غياب ديمقراطية
حقيقية، وحريات شاملة، وتنمية مستقرة، فإن السنتين المقبلتين ربما تحملان مفاجآت غير
سارة".
وتمنى
على الرئيس تبون أن "يستدرك في ما بقي له من العهدة الرئاسية، ويصحح المسار، ويخرج
من عباءة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ولا يكرر سياسات جُربت وفشلت، أو يعيد
نفس الطرائق القديمة ثم ينتظر نتائج جديدة".
وتاليا
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف
تقيم أداء الرئيس عبد المجيد تبون بعد مرور نحو عامين ونصف العام على فوزه بانتخابات
الرئاسة؟
لقد
استهلك الرئيس تبون نصف عهدته، وهي مدة كافية للتقييم الموضوعي. وفي رأيي الشخصي هو
يملك نوايا حسنة، ولكنه لا يملك آلياتها العملية، كما أنه يفتقد لمشروع سياسي، واكتفى
بطرح وعود انتخابية حاول الوفاء بها وتطبيق بعضها، ولكن حقيقة الواقع كانت أقوى، وتحديات
المرحلة أكبر، ومتطلبات شعب ما بعد حراك 22 شباط/ فبراير أعلى مما تملكه السلطة أو
تقدر على تحقيقه.
ولذلك،
سجلنا انسحابا شعبيا كبيرا من العملية الانتخابية في 3 مناسبات متتالية: الاستفتاء
حول الدستور (1 تشرين الأول/ نوفمبر 2020)، والانتخابات التشريعية (12 حزيران/ يونيو
2021)، والانتخابات المحلية (27 تشرين الأول/ نوفمبر 2021)، مما يُهدّد العملية السياسية
برمتها.
وأتمنى
على الرئيس أن يستدرك في ما بقي له من العهدة الرئاسية، ويصحح المسار، ويخرج من عباءة
الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة -رحمه الله- ولا يكرر سياسات جُربت وفشلت أو يعيد
نفس الطرائق القديمة ثم ينتظر نتائجا جديدة.
ألا
ترى أن الأوضاع في البلاد باتت أقرب إلى الاستقرار منذ حراك 22 شباط/ فبراير؟
الاستقرار
قائم، ولكن الخطر قادم ما لم تتحقق آمال الناس التي علقت على نتائج الحراك الذي باركه
الرئيس بنفسه في أول خطاب له بعد توليه الرئاسة. وأيضا في ظل غياب ديمقراطية حقيقية،
وحريات شاملة، وتنمية مستقرة، وعدالة اجتماعية، وآفاق مبشرة، فإن السنتين المقبلتين
ربما تحملان مفاجآت غير سارة لا قدر الله.
وأنا
كأي مواطن جزائري أتمنى أن تخرج الجزائر من هذا المأزق الخانق، وتقرأ السلطة جيدا الواقع
المحلي والإقليمي والدولي ومسارات تطوراته، وتفتح حوارا حقيقيا شاملا وجامعا ومسؤولا
وتعيد استحضار مطالب الحراك الشعبي الذي كان يمثل بعقل واع وبحس وطني وبمسؤولية تاريخية
كل الشعب الجزائري دون استثناء، وتعمل على تحقيقها تدريجيا بالتوافق مع القوى السياسية
والاجتماعية.
وعلى
السلطة في هذه المرحلة الحرجة والحساسة أن تبتعد عن القرارات الشعبوية والقرارات غير
الشعبية؛ فالشعب الجزائري لم يعد يتحمل قرارات تضر بأساسيات معيشته، ولن تنطلي عليه
شعبويات لا تسمن ولا تغني من جوع .
ما قراءتكم
لمبادرة "لم الشمل"؟ وهل ستنجح في كسر الجمود السياسي؟
أنا
بطبعي تستهويني المبادرات التي تتحدث عن "لم الشمل" والمصالحة والتوافق والوحدة؛
فمن حيث المبدأ أرحب بأي مبادرة تلم شملنا الجزائري، وتوحد جهودنا السياسية، وتصالح
بين أبناء الوطن الواحد، وتؤسس لتوافق وطني، وتصنع انتقالا ديمقراطيا.
لكن
لحد الآن سمعنا عنوانا ولم نر شيئا، ولم يقدم له أي محتوى، والجميع يتحدث عن شيء كأنه
معلوم مجهول غير مُحدد المعالم بالرغم من مرور ما يقارب الشهرين على الإعلان عن المبادرة،
وهذا لا يخدم انطلاقة صحيحة وناجحة لهذه المبادرة.
أخشى
أن تكون مبادرة "لم الشمل" عبارة عن "فنكوش سياسي". الجميع سمع
بها، واهتم بها، ولكنه لا يعرف عنها أي شيء، وإذا سُئل عنها لا يكاد يبين.
برأيكم،
ما الهدف الحقيقي من المشاورات التي يجريها تبون مع قادة الأحزاب والشخصيات السياسية
والنقابات؟
مما
يحسب للرئيس تبون أنه في ظرف سنتين ونصف أجرى 3 جولات من المقابلات. وهذه الجولة الأخيرة
تميزت بالتكتم؛ فالذين يستقبلون يخرجون من المقابلة (الضيقة) وعلى وجوههم البشاشة،
وعلى ألسنتهم الدهشة، والمتابع لا يفهم شيئا كأنها لقاءات بروتوكولية.
الذي
فهمته أن الحكومة مُقبلة على رفع الدعم الاجتماعي، وهذا مشروع قديم جدا كل مرة يحضر
ويُناقش في بعض دوائر السلطة ثم يُسحب ويُطوى ويُؤجل إلى وقت آخر يكون مناسبا. هذه
المرة قد تكون هناك جرأة ورغبة لدى الحكومة في استغلال ظروف سياسية مؤقتة تتميز بتشتت
المعارضة، وهشاشة النقابات، وانسحاب الشعب سياسيا، وانشغاله بلملمة بقاياه، بعد خيبة
ما بعد الحراك، وآثار أزمة جائحة كورونا، لتمرير مشروع رفع الدعم الاجتماعي الذي يستهلك
أموالا ضخمة وفاتورة عالية مع تسيير إداري رديء وفاسد.
الحكومة
متخوفة من هذه الخطوة مع قناعتها بضرورتها، وتريد أن تحصل على موافقة ومباركة من الأحزاب
والنقابات، ولا تريد أن تدفع الثمن وحدها؛ فهي تخاف من الشارع وانتفاضته ولا تقبل أن
يصب ذلك في صالح المعارضة فتستفيد منه سياسيا. ويبقى السؤال الجوهري: هل الحكومة ستطرح
برنامجا شاملا للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي أم ستكتفي بمشروع رفع الدعم الاجتماعي؟
في هذه
الحالة الأخيرة لا أعتقد أنها ستجد معارضة واعية تقبل بذلك وتورط نفسها، وتضحي برصيدها
وتاريخها في تأييد هذا المشروع، لأن ذلك سيكون بمثابة انتحار سياسي لها.. فأولى للحكومة
أن تعيد حساباتها، ولا تجزئ الأزمة، ولا تتعامل معها بالقطعة، وتعالج منها ما يخدمها
هي فقط دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب والشركاء السياسيين والاجتماعيين.
في نقاط،
ما أبرز المحاور التي ترون أن مبادرة "لم الشمل" يجب أن تتطرق لها؟
الأزمة
عميقة ومتعددة ومتداخلة، وتحتاج إلى حلول تأتي ثمرة لحوار سياسي شجاع ومسؤول يطرح كل
الملفات الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والخارجية أيضا. وتُنظم في إطار
ندوة وطنية سيدة (قراراتها مُلزمة)، وتحقق التوافق الوطني على دستور توافقي، وعفو سياسي،
وانتقال ديمقراطي، وعدالة اجتماعية، وبرنامج اقتصادي، وإصلاح قضائي، وأمن إقليمي.
وستكون
الدولة هي المستفيد الأول من هذه الندوة ومخرجاتها باعتبار مسؤوليتها القائمة على الأوضاع،
وتعدد وتنوع الآراء سيصب حتما في مصلحة جودة النتائج.
هذا
الذي أنا مقتنع به ودافعت عنه، ومنذ سنوات طويلة وأنا أطرحه، وكناصح أمين لكل مَن يهمه
أمر الجزائر.. وغير هذا سيكون ترقيع لا يسع الخرق، وضحك على الذقون، وتكرار لنفس الأخطاء
السابقة، وعبث بالمكتسبات المتحققة، وتضييع للفرص المتاحة وتهديد للمستقبل القريب.
كيف
تنظرون لمدى فاعلية وقوة التيار الإسلامي في المشهد الجزائري اليوم؟ وهل من أفق لاستعادة
وحدته؟
التيار
الإسلامي السياسي متجذر في الجزائر مهما تعددت اللافتات، وتغيرت الظروف، ومهما حاولت
بعض الأطراف في السلطة تغييبه أو تحجيمه. ثم هو تيار سياسي متصافح مع الشعب ومتصالح
مع الدولة، ومتكيف مع التحولات، يملك رؤى وبرامج كما امتلك بمرور الوقت خبرات عملية،
وأصبح يتحرك بواقعية وبراغماتية، وأقام تحالفات وائتلافات كثيرة مع قوى سياسية واجتماعية
بحس وطني عال.
بالرغم
من كل ذلك، وبعد مرور أكثر من 30 سنة على التعددية الحزبية، فإن التيار الإسلامي وضع
له سقف لا يسمح بتعديه، لا يتجاوز 25%. ولكنه مستمر في إطار هذه اللعبة السياسية التي
تعيق التغيير الكامل ديمقراطيا وسلميا، وإنما تسمح بهوامش للإصلاح.
والوحدة
بين أطراف التيار الإسلامي في مشروع واحد مع تعدد اللافتات أو تقليصها يظل قائما، والجهود
مستمرة، وإنما غير المقبول هو التضاد والتنازع والعدمية بين أبناء الحركة الواحدة،
خاصة في ظل ساحة واسعة تسع الجميع ولم تملأ إلا جزئيا. مع ضرورة التعديل في طرائق العمل
وأشكال التنظيم وآليات اتخاذ القرار حتى تستوعب الآراء المتعددة والأفكار المختلفة
والمواقف المتنوعة وتبتعد عن الإقصاء والتهميش والاستخفاف بالآخر.
كيف
تنظرون لموقف الحكومات العربية والإسلامية من حملات الإساءة للرسول محمد (صلى الله
عليه وسلم)؟
مواقف
الحكومات العربية والإسلامية من حملات الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام في الغالب
متأخرة، وتأتي لمسايرة الغضب الشعبي، ولذلك لا تنتج عنها سياسات وقرارات مؤثرة بالرغم
من أنها تملك في أيديها أوراق ضغط كثيرة لو استخدمتها بشكل صحيح لما تجرأ علينا أحد،
كما حدث ويحدث من الدانمارك إلى هولندا إلى فرنسا إلى الصين إلى الهند وما إلى ذلك.
ونحن
من جهتنا لا نيأس من تكرار مطالبنا لحكوماتنا كلما كانت هناك مناسبة بنصرة الإسلام
ورموزه والدفاع عن مقدساته، بالرغم من أننا لا نتوقع منها عمليا الكثير.
برأيكم،
كيف يمكن مواجهة الإساءات الدولية التي تحدث من وقت لآخر للإسلام أو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؟
أهم
شيء يجب أن نحرص عليه في مواجهة الحملات المسيئة للإسلام ورموزه هو استصدار قرارات
دولية تُجرّم معاداة الأديان وتشويه رموزها والتحريض ضد أتباعها والتهجم على مقدساتها
وتعاقب عليها مع عدم الخلط بين هذه الأفعال المسيئة وحرية التعبير.. وأمامنا تجربة
اليهود الذين نجحوا في صك مصطلح "معاداة السامية" الذي أصبح سيفا مُسلطا
على كل مَن يريد أن يتحدث ضدهم.
ومن
جهة أخرى، ضرورة الاهتمام بتنمية الوعي لدى الأمة لتشكيل الحصانة والمناعة حتى لا تؤتى
من داخلها كما يحدث أحيانا من بعض الكتاب والمثقفين ثم تقوية أدوات المواجهة الشعبية،
وتولي الجهات الرسمية أدوراها الدبلوماسية.
كيف استقبلت تصريحات تبون بأن القضية الأولى والأساسية لدبلوماسية الجزائر تتمثل في
القضية الفلسطينية؟
الرئيس
تبون عبّر عن مواقفه بخصوص فلسطين بشكل واضح وقوي كما وقف ضد التطبيع في ظل الهرولة
الجماعية للأنظمة العربية للأسف الشديد نحو التطبيع بكل أشكاله مع كيانات ومؤسسات العدو
الصهيوني المحتل لفلسطين والقدس والأقصى المبارك. ولا يفوت أيّة مناسبة إعلامية أو
رياضية أو سياسية أو اقتصادية لإعلان هذا الموقف المساند للقضية الفلسطينية، وهو بذلك
ينسجم تماما مع الموقف الجزائري التاريخي الشعبي والرسمي المعنون: "نحن مع فلسطين
ظالمة أو مظلومة"، مما أكسب الرئيس تقديرا شعبيا كبيرا داخليا خارجيا بهذا الخصوص.
ولم
يتوقف الرئيس عند حدود التعبير عن الموقف، بل تجاوزه إلى طرح مبادرة مصالحة وطنية فلسطينية،
نتمنى أن تجد استعدادا حقيقيا لدى الأطراف الفلسطينية لتحقيقها من أجل التحرك صفا واحدا
لحماية الأقصى المبارك من التقسيم وحماية القدس الشريف من التهويد وتحرير فلسطين من
الاحتلال.
وهو
حريص على إعادة طرح القضية الفلسطينية في جدول أعمال قمة دول الجامعة العربية المزمع
عقدها بالجزائر هذه السنة كقضية مركزية في العمل العربي المشترك.