ما زالت
الحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها على الوضع الداخلي في دولة الاحتلال، لا سيما
في ضوء الاستقطاب القائم بين طرفيها للحصول على موقف إسرائيلي داعم لأحدهما، فيما يواجه
الاحتلال خيارات معقدة من هذه الحرب الطاحنة.
ففيما
تنحاز دولة الاحتلال من الناحية السياسية إلى المنظومة الغربية عموما، والأمريكية خصوصا،
في إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها في الوقت ذاته من النواحي العسكرية والأمنية
لم تستجب لمطالب تلك المنظومة، وآخرها ما تقدم به الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته
له بتقديم سلاح لأوكرانيا؛ خشية إغضاب الروس الذين قد يعيقون تحركات جيش الاحتلال في
الأجواء السورية.
آخر
التبعات الإسرائيلية المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية ذكرتها صحيفة "
يديعوت
أحرونوت"، على لسان سفير الأخيرة في تل أبيب يفغيني كورنيتشوك، بقوله إن
"موسكو تنظم مظاهرات مناهضة لأوكرانيا في إسرائيل، ممن لوحوا بالأعلام الروسية
في حيفا، كما تظاهروا أمام السفارة في تل أبيب، حتى أنني سألتهم عن المبلغ الذي حصلوا
عليه مقابل خروجهم للتظاهر تأييدا لروسيا، ومناهضة لأوكرانيا".
وأضافت
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "هذه المظاهرات جاءت تأييدا لروسيا ومعادية لأوكرانيا، نظمتها ومولتها روسيا،
ومنها ما شهدته مدينة نتانيا وحيفا وتل أبيب، وتخللها رفع أعلام روسيا، زاعما أنه رغم
ذلك فإن الدعم لأوكرانيا في إسرائيل آخذ في الازدياد، لأن معظم اليهود الناطقين بالروسية
غادروا روسيا، وهربوا من نظامها الشمولي، وبالتالي فإذا جاء شخص من روسيا، فلا معنى
له أن يدعم الحرب ضد أوكرانيا".
في المقابل،
نقلت الصحيفة عن السفير الإسرائيلي في كييف، ميخائيل برودسكي، أن "التقديرات الإسرائيلية
عند اندلاع الحرب قبل خمسة أشهر رجحت ألا تزيد عن يومين أو ثلاثة أيام، لن أخفي ذلك،
لقد اعتقدنا، مثل كثيرين غيرنا، أن الحرب لن تزيد عن هذه الأيام، هكذا تحدث مجتمع الخبراء
العسكريين والاستراتيجيين لدينا، انطلاقا من مقارنة بين الجيشين الروسي والأوكراني،
ولكن عندما مر أسبوع، وآخر، تغيرت استنتاجاتنا بأن أوكرانيا ستصمد، وأنها حشدت صفوفها،
حتى بدأت الحرب تسير بطريقة مختلفة عما كانت عليه".
تكشف
هذه المواقف الإسرائيلية والأوكرانية عن حجم الانخراط الإسرائيلي في الحرب الدائرة،
حتى باتت تطغى على تطوراتها الداخلية، في ضوء حجم التبعات المتوقعة عليها، ما زاد
من انشغالها الواضح الذي لا تخطئه العين بالسيناريوهات المحتملة لموقفها من تطورات
الأزمة، بغض النظر عن مآلاتها المحتملة، مع أن تقديراتها اعتبرت أن وصول الأزمة الروسية
الأوكرانية إلى مرحلة الحرب شكلت بالنسبة لها "السيناريو الكابوس"، بسبب
علاقاتها القوية معهما.
في الوقت
ذاته، تخشى المحافل الإسرائيلية أنه كلما استمرت الحرب، فإن ذلك سيجبر دولة الاحتلال
على دفع أثمان باهظة مع طرفي الأزمة الكبار، موسكو وواشنطن، وهي لا تريد ذلك، ولعل
حديث السفير الإسرائيلي في كييف يؤكد أن دوائر صنع القرار في تل أبيب لم تكن تملك تقدير
موقف دقيق عن طبيعة الموقف المتخذ بعد أن وصلت الأمور إلى هذا المستوى من التدهور،
لأنه يعني "حشرها في الزاوية".