هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتداعى الأصوات الإسرائيلية المطالبة باستغلال حالة الضعف التي تعانيها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وتحويل هذا الخطر إلى فرصة حقيقية لعدم التمسك الدائم بالسياسة التي تعلنها إدارة بايدن، وعدم الاعتماد عليها في العمليات الإقليمية المهمة.
ومما ساهم في زيادة هذه القناعات الإسرائيلية أن ما أسمته "ضجة مهرجان" زيارة بايدن، لم تسفر عن تحقيق الإمكانات الكامنة منها لإحداث تغيير استراتيجي في المنطقة، ما يطرح تساؤلات جدية في تل أبيب حول مدى تأثير التغييرات الحاصلة في المنطقة على النفوذ الأمريكي، ومدى واقعية الحاجة الإسرائيلية للتعلق بها، رغم أن زيارة بايدن أظهرت العلاقة الحميمية الأساسية بين تل أبيب وواشنطن، والتزام الأخيرة بأمن الاحتلال، ومصالحهما المشتركة في تعزيز العلاقات مع الدول المطبعة.
الجنرال يوسي كوبرفاسر الرئيس السابق لقسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية- أمان، والباحث بمعهد القدس للشؤون الدولية، ذكر أن "تل أبيب تشعر بجدية الخلافات مع واشنطن في المواقف من الملفين الإيراني والفلسطيني، وتباين استشرافهما للمستقبل، وكأن ذلك عكس الاعتراف الأمريكي الصعب بالواقع الجديد الناشئ نتيجة الحرب في أوكرانيا، وعدم نجاح العودة للاتفاق مع إيران، ما قد يجبر إدارة بايدن على الإقرار بتهديد المصالح الأمريكية الحيوية، وهذا مصدر قلق إسرائيلي".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "التغيير الجاري في النظرة الأمريكية لتطورات المنطقة قد يصبح فرصة لإسرائيل، رغم أن الزيارة الأخيرة لم تنجح في إطلاق فكرة نظام دفاع إقليمي مشترك، وأن ذلك ليس سببًا للتخلي عنها، بل إنه يمكن الاستمرار في دراسة سبل تعزيزها، على أساس التعاون الثلاثي بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية البراغماتية بحسب احتياجاتها، ولعل زيارة رئيس الأركان كوخافي للمغرب خطوة بهذا الاتجاه".
اقرأ أيضا: تقرير: مكاسب باهتة لزيارة بايدن لا تستحق كل هذا العناء
وأشار إلى أن "التراجع الأمريكي في المنطقة، يقابله نهج روسي أكثر عدوانية ضد حرية إسرائيل في التحرك في الأجواء السورية، ومحاولات إيران وأذرعها مواصلة استغلال الموقف الإقليمي، دون أي رد من الولايات المتحدة ما قد يضعها أمام تحديات جديدة، في حين قد يضع حزب الله إسرائيل على المحك في سياق استخراج الغاز في حقل "كاريش"، رغم أنه يوجد في الصورة المقابلة تطور متصاعد في العلاقات التطبيعية في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، رغم معارضة الفلسطينيين".
ومن الواضح أن التقييم الإسرائيلي السلبي للسياسة الأمريكية الجارية في المنطقة، قد يدفع دولة الاحتلال ضمن السياق الإقليمي لمحاولة الاستفادة من أي تغييرات قد تراها "إيجابية"، رغم أن العوامل السائدة في المنطقة باتت تمثل تحدياً لدولة الاحتلال ذاتها ومعها الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يقلل من فرص الاستفادة الإسرائيلية من هذه التطورات، وبالتالي يؤدي إلى تفاقم المخاطر على إسرائيل والاستقرار الإقليمي برمته.
ولعل ما يزيد حالة الإحباط الإسرائيلي أن تردد الدول المطبعة، أو تلك التي بصدد إعلان التطبيع، تشترط الدفع قدما بالقضية الفلسطينية إلى الأمام، على الأقل لمحاولة ترويج هذا التطبيع لدى رأيها العام الداخلي، رغم أن الاكتفاء بالمساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، والحديث الإسرائيلي عن تسهيلات مزعومة لم تفلح في توفير البضاعة اللازمة، ما قد يبقي عجلة التطبيع عند ما وصلت إليه، دون ضم المزيد من الدول العربية إليها.