هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوز ويك" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه
عن الإستراتيجية التي تستخدمها روسيا لعزل الولايات المتحدة عن أفريقيا.
وقالت المجلة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"،
إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أرسل رسالة واضحة للعواصم الأفريقية مفادها
أن العقوبات الغربية، وليس الحصار الذي تفرضه روسيا على البحر الأسود، هي المسؤولة
عن ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية التي تترك عشرات الملايين على شفا المجاعة
في جميع أنحاء العالم.
ووفقًا للمجلة؛ أدركت روسيا الدور الفعال الذي سيلعبه الأمن
الغذائي في تشكيل استجابة العالم لغزو بوتين، ففي الوقت الذي يتصارع فيه القادة حول
كيفية الرد على تداعيات الصراع، وجد الغرب نفسه مع عدد أقل من الحلفاء وأكثر عرضة للدعاية
الروسية مما كان يتوقع.
ولفتت المجلة إلى أنه في حزيران/ يونيو الماضي؛ حذر رئيس
الاتحاد الأفريقي والرئيس السنغالي ماكي سال قادة الاتحاد الأوروبي من أن رواية بوتين
كانت "حاضرة" بالفعل في أفريقيا، وقد أكد بوتين بعد أسابيع قليلة من مقابلة
سوتشي أن العقوبات ضد روسيا هي التي جعلت الوضع أسوأ.
وفي غضون ذلك؛ تتمثل الطريقة الوحيدة للغرب لمواجهة رواية
بوتين في إثبات أخذه لقضية انعدام الأمن الغذائي على محمل الجد، نظرًا لأن أزمة الغذاء
التي تلوح في الأفق لم تكشف عن نقاط الضعف في نظام الغذاء العالمي فحسب، بل عن عواقب
انسحاب القوى الغربية حول العالم في السنوات الأخيرة.
وأشارت المجلة إلى قدرة روسيا الكبيرة في نشر معلوماتها المضللة
عبر أجزاء كبيرة من أفريقيا، والتي من المرجح أن ترتكز على وجود حقائق خفية، كما أكدت
أن بعض عواقب استجابة الغرب مثل ارتفاع أسعار الطاقة، وصعوبة دفع ثمن الحبوب والأسمدة
الروسية من خلال نظام سويفت المصرفي، والإفراط في امتثال شركات الخدمات اللوجستية للعقوبات
لا يمكن أن تكون ضارة، إلا أنها تجعل الحياة أكثر صعوبة للمزارعين الذين يكافحون بالفعل.
وبالتالي؛ يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يكونا واضحين في التزامهما
بتخفيف الآثار المترتبة على عقوباتهما، أو المخاطرة بتأجيج نقاط الحوار الروسية.
وبحسب المجلة؛ فلا يقل أهمية عن ذلك الاعتراف بوكالة البلدان
النامية التي تتحمل وطأة ارتفاع الأسعار، وغالبًا ما يبدو هذا الصراع وكأنه قتال أبيض
وأسود، ولكن هل يمكنك تصور المشهد من وجهة نظر بلد أفريقي ليس له مصلحة مباشرة في الصراع؛
ومع ذلك يعاني بشكل غير متناسب من التداعيات؟
أما بالنسبة للعديد من البلدان، فإن آخر شيء يفكرون فيه يتمثل
في اختيار الجانب الذي ينحازون إليه. ولكن ليس من المستغرب أن العديد من القادة، الذين
يكافحون من أجل إطعام شعوبهم، منفتحون على المساعدة من أي مكان.
وأوضحت المجلة أن غزو بوتين يكشف عن مشكلة أعمق. الأمر الذي
يجعلنا نتساءل: لماذا تمتلك رواية بوتين التي تدعي أن الغرب سوف يفرض عقوبات دون النظر
في مدى تأثيرها على البلدان النامية، مثل هذا الصدى العالمي؟
ورغم أن الدول النامية لم تقبل مزاعم بوتين بصورة عمياء،
إلا أنها لم تتسرع في دعم أوكرانيا أيضًا؛ حيث إن ترددها في دعم الغرب كان بسبب أنه
يُنظر لها على أنها شريك غير موثوق به، وسريع في طلب الدعم عندما تكون مصالحه وقيمه
على المحك. فمثلًا؛ يتساءل الكثيرون في اليمن وليبيا وسوريا - الأماكن التي تشتد فيها
الصراعات - عن سبب حصول أوكرانيا على ما يرونه معاملة خاصة ولماذا يُطلب منهم إظهار
مستوى من الدعم الذي نادرًا ما يتلقونه في المقابل؟
وأفادت المجلة أن تحسين سمعة الغرب سيستغرق وقتًا طويلًا،
ولكن يجب البدء فورًا؛ حيث يجب أن تكون الأولوية لمعالجة أزمة غذائية تقاس بالأعوام
وليس بالأشهر، وهو ما يشمل أيضًا المساعدات الإنسانية، عن طريق تقديم الدعم الفوري
لضمان قدرة صغار المزارعين في جميع أنحاء العالم على تحمل تكاليف المعدات والأسمدة
اللازمة لحماية محاصيل العام المقبل. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار التدمير المتعمد
للمزارع والمعدات ومرافق التخزين الأوكرانية الذي سيجعل الحياة صعبة على البلدان النامية،
ليس فقط هذا العام، ولكن بالنسبة للكثيرين في المستقبل.
وأضافت المجلة أنه يجب أن تتم إعادة هيكلة أكثر جدوى لكيفية
إشراكنا في بقية العالم، وهو الأمر الذي يعني الاعتراف بشكل مباشر بالمكان الذي تسبب
فيه العقوبات ضررًا غير مباشر، وهو ما يتطلب أيضًا خطة واضحة حول كيفية مشاركة الغرب
بشكل فعال ومتسق وإستراتيجي في جميع أنحاء العالم.
وفي النهاية، أكدت المجلة أن هذه المعركة الدعائية لا تعد
أفضل طريقة لدحض رواية بوتين؛ فقد كان الغزو الروسي لأوكرانيا بمثابة جرس إنذار للغرب
في ما يتعلق بحالة إمدادات الطاقة لدينا، وقدراتنا العسكرية، وحالة تحالفاتنا العالمية.
وبالتالي، فإن أزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق هي أوضح إشارة إلى الآن على
أن الطريقة التي نتعامل بها مع العالم تستدعي إعادة تفكير جدية.