قالت
صحيفة "
نيويورك تايمز"، في تقرير أعده اريك شميدت، إن تقييما أعدته الاستخبارات
الأمريكية بعد مقتل زعيم
القاعدة، أيمن الظواهري، بداية الشهر الحالي في قلب العاصمة
الأفغانية كابول، يؤكد عدم تجميع القاعدة صفوفها من جديد في أفغانستان.
وجاء
في التقييم الأمريكي أن عددا قليلا من عناصر تنظيم القاعدة القدامى ظلوا في أفغانستان.
وكشف
التقييم أن التنظيم لم يعد قادرا على شن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها من الأراضي
الأفغانية، وبدلا من ذلك فستعتمد القاعدة على عدد من الفروع الدولية الموالية لها لتنفيذ
هجمات محتملة ضد الغرب.
إلا
أن خبراء في مكافحة الإرهاب يعتقدون أن التقييم الأمني الأمريكي متفائل جدا، ويقدم لمحات
لفضاء "إرهابي" معقد ويتغير بسرعة.
واطلعت
صحيفة "نيويورك تايمز" على ملخص سري للتقييم، ويمثل إجماع المؤسسات الأمنية
الأمريكية. ووصفه إدموند فيتون- براون، المسؤول السابق لمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، قائلا: "التقييم دقيق من الناحية الجوهرية، لكنه رؤية إيجابية جدا لتهديد لا يزال
متقلبا".
وتضيف
الصحيفة أن التقييم أعد بعد مقتل أيمن الظواهري في كابول في عملية نفذتها (
سي آي إيه).
وكان
مقتل الظواهري، الذي يعد من أكبر المطلوبين في العالم، واحدا من انتصارات الرئيس بايدن،
إلا أنه أثار أسئلة حول وجود الظواهري في أفغانستان بعد عام من سقوط كابول بيد طالبان
والخروج الفوضوي للقوات الأمريكية منها.
واتهم
الجمهوريون الرئيس بتعريض الولايات المتحدة للخطر، وحقيقة شعور زعيم القاعدة بالأمان
لكي يعود إلى العاصمة الأفغانية، هو دليل على فشل سياسة قامت على منع القاعدة من إعادة
بناء معسكرات التدريب والتآمر، ورغم تعهد طالبان بمنع تحول أفغانستان إلى ملجأ آمن لها.
وقال
مسؤول بارز في البنتاغون، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن القاعدة تستطيع إعادة
تجميع نفسها بأفغانستان وضرب الولايات المتحدة بمدى عامين. ودافع مسؤولو الإدارة عن
سياسة الرئيس بايدن ومنها تعهد للرئيس عندما أعلن عن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، "كما قال الرئيس، فسنواصل توخي اليقظة مع حلفائنا للدفاع عن أمتنا، والتأكد من عدم
تحول أفغانستان مرة أخرى إلى ملجأ آمن للإرهاب"، لكن الكثيرين خارج خبراء مكافحة
الإرهاب رأوا في التقييم أنه مفرط في التفاؤل.
ووجد
تقرير للأمم المتحدة هذا الربيع أن القاعدة "زادت من حرية الحركة" في أفغانستان
منذ سيطرة طالبان. ولاحظ التقرير انتقال عدد من قادة القاعدة في كابول وزيادة في الرسائل
التي نشرها الظواهري، وأنه كان قادرا على العمل بشكل مؤثر منذ وصول طالبان للحكم.
وقال
كولن بي كلارك من مجموعة صوفان في نيويورك: "هذا تقييم وردي مفرط إلى درجة قصر
النظر". وأضاف أن الملخص تجنب الحديث عن منظور بقاء القاعدة على المدى البعيد.
ووضع
مقتل الظواهري القاعدة مرة أخرى في مركز الضوء، فقد واجهت بعد مقتل أسامة بن لادن في
عام 2011 منافسا قويا وهو تنظيم الدولة. ويرى العديد من محللي الإرهاب أن سيف العدل،
المطلوب أمريكيا بتهمة تفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا عام 1998، سيكون
الخليفة المحتمل للظواهري، ويعتقد أنه في إيران.
ويرى
دانيال بيمان، البرفسور في جامعة جورجتاون: "بشكل رئيسي، أرى أن تقييم المجتمع
الاستخباراتي مقنعا"، وكان بيمان قد أثار الشكوك في الماضي عن عودة جديدة للقاعدة
في أفغانستان.
ويختلف خبراء مكافحة الإرهاب مع التقييم، وبخاصة الزعم
الوارد في التقييم الأمني، وهو أن القاعدة لم تُعد تجميع شبكة تهديدها في أفغانستان،
وأن الظواهري هو الرمز الوحيد الذي حاول إحياء حضور للقاعدة في أفغانستان بعد انتقال
عائلته إلى كابول بداية هذا العام.
وكتب
أسفنديار مير، الخبير في معهد السلام الأمريكي: "حقيقة حصول الظواهري، الزعيم
للقاعدة، على دعم من طالبان وتقديمه التوجيهات لجماعته هو في نفسه عملية إعادة تجميع".
وأضاف أن التقييم "فشل في الأخذ بعين الاعتبار قدرة عدد قليل من قادة القاعدة
الرئيسيين على الاستفادة من وجودهم في أفغانستان، وتقديم التوجيه السياسي للشبكات الموالية"، و"لا تحتاج القاعدة لمعسكرات كبيرة كي تكون خطيرة".
واختلف
خبراء مكافحة الإرهاب مع تقييم الحكومة الأمريكية المتعلق بوجود عدد قليل من زعماء
القاعدة القدامى، وأن بعضهم موجود، على الأرجح، في أفغانستان قبل سقوط الحكومة الأفغانية
السابقة. ويرى بروس هوفمان "هذا العدد من الناشطين الرئيسيين من القاعدة في أفغانستان-
باكستان لا معنى له". مضيفا أنه تم تحرير أعداد كبيرة من قادة القاعدة العام الماضي
من السجون الأفغانية، "وأشك كثيرا بأنهم تحولوا للزراعة والمحاسبة في مرحلة ما
بعد سجنهم".
ويقول
هوفمان إن الكثير من ناشطي القاعدة أو الجماعات الموالية لها حصلوا على مسؤوليات إدارية
في ثماني ولايات أفغانية على الأقل. وقال إن اغتيال زعيم القاعدة هو محاولة من إدارة
بايدن لحرف النظر عن الانسحاب الكارثي للقوات الأمريكية من أفغانستان. ويقول التقييم
الأمني إن عددا من عناصر القاعدة والجماعات الموالية لها في أفغانستان، وعرفت سابقا باسم
القاعدة في شبه القارة الهندية، ظلوا غير ناشطين، وركزوا على الإنتاج الإعلامي. إلا أن
تقرير الأمم المتحدة قدر عددهم بما بين 800- 1.400 مقاتل، "ومعظمهم من بنغلاديش
وميانمار وباكستان ممن كانوا جزءا من وحدات قتالية لطالبان".
وقال
مير: "نعرف من عدة مصادر أن تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية شاركت في التمرد
ضد الوجود الأمريكي وتنظيم الدولة- ولاية خراسان".
ويتفق
الجميع على أن القاعدة ليست قادرة على شن هجمات ضد الولايات المتحدة ومصالحها في الخارج
من داخل الأراضي الأفغانية. ويتفق تقرير الأمم المتحدة في تموز/ يوليو على هذا الحكم، وأن القاعدة ليست تهديدا دوليا من ملاجئها الآمنة في أفغانستان، نظرا لعدم توفر القدرات
العملياتية لها، ولأنها لا تريد إحراج طالبان.
ويتفق
المسؤولون في الحكومة وخارجها على أن القاعدة وفي المدى القصير ستعتمد على الجماعات
التابعة لها للقيام بعمليات ضد الغرب. ولا يمثل أي منها تهديدا على الولايات المتحدة
كما كانت في مرحلة ما بعد هجمات 9/11 لكنها تتسم بالعزيمة والتصميم.
وقتل
تنظيم موال للقاعدة 3 أمريكيين في قاعدة عسكرية في كينيا عام 2020، كما قتل متدرب
سعودي في فلوريدا ثلاثة جنود وجرح ثمانية آخرين عام 2019.