هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت
صحيفة "نيويورك تايمز" إن مقتل مسلمين في البكيرك، نيومكسيكو أثار أشباح
الطائفية.
وجاء
في التقرير أن محمد سيد كان يعاين قبل خمسة أعوام حياة جديدة مع عائلته في أرض جديدة.
فقد هربوا من بلدهم الذي يعاني من الحرب وسكنوا في منزل صغير من طابقين قرب مطار البكيرك،
وعثر سيد على عمل كسائق شاحنة ثم بدأت المشاكل. فقد جاء من ثقافة تظل المرأة فيها بالبيت،
وأصبح غاضبا من زوجته التي بدأت بتعلم السياقة، حيث كان يمسكها من شعرها ويرميها أرضا،
وذلك حسب عدة تقارير عن العنف المنزلي والشرطة التي استدعيت إلى البيت. وأظهرت كاميرا
مراقبة بالمركز الإسلامي في البكيرك سيد وهو يمزق إطار سيارة لامرأة أخرى حيث منع من
ارتياد مكان العبادة.
وعندما
سجلت ابنته في الجامعة للدراسة حاول تسجيل شقيقها ليكون مرافقا لها. وعندما بدأت علاقة
غرامية مع فتى أفغاني من الطائفة الشيعية هدده سيد السني بالقتل، حسبما أخبر الفتى
الشرطة لاحقا.
وقال
المهاجر الأفغاني شريف أحمدي هادي: "كان سيد منفجرا وعنيفا ويحاول الانتقام دائما".
وتابع هادي الذي افتتح مع شقيقه محلا للطعام الحلال وخدمة المجتمع المسلم المتزايد في
البكيرك ويعرف عائلة سيد: "غادرنا أفغانستان لنبتعد عن أشخاص مثله، ولكنهم تبعونا
هنا".
وأصبح
سيد المشتبه الرئيسي في سلسلة من عمليات القتل المريعة بما فيها شقيق هادي الصغير،
وكلهم شيعة. وقالت السلطات يوم الاثنين إن نجل سيد، شاهين، اشترى أسلحة لنفسه ووالده
وربما ساعده على مراقبة واحد من الضحايا قبل قتله.
وتضيف
الصحيفة أنه بعد عام على الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، فإن القتل الذي ربطته
السلطات بالرجل الذي صلى في نفس المسجد إلى جانب ضحاياه قد هز المجتمع المسلم في نيومكسيكو
بترددات للعنف الذي قطع الكثير من المسلمين في نيومكسيكو آلاف الأميال هربا منه.
وجاء
إلى البكيرك 300 شخص في عملية الجلاء عن أفغانستان بعد سقوط كابول بيد طالبان. وصدمت
حقيقة تحول الخلاف الطائفي إلى عامل المجتمع المسلم. ففي الوقت الذي كان فيه الخلاف بين
السنة والشيعة مصدرا للنزاعات في العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان إلا أنه كان نادر
الحدوث في الولايات المتحدة.
واتهم
سيد بقتل كل من أفتاب حسين ومحمد أفضل حسين بناء على بقايا رصاصة عثر عليها في مكان
الحادث.
وتقول
الشرطة إن سيد هو متهم رئيسي بقتل شقيقي هادي.
ووجهت
تهمة لشاهين سيد بالكذب عندما أعطى عنوانا مزيفا لشراء بندقيتين في عام 2022، وفي الدعوى
القضائية الجديدة، قال المدعون الفدراليون إنه كذب على المحققين حول مرافقته والده
إلى محل بيع أسلحة عندما اشترى والده السلاح، بما في ذلك يوم 1 آب/أغسطس وهو اليوم
الذي قتل فيه محمد أفضل حسين. وقال المدعون أيضا إن بيانات هاتف شاهين سيد التقطها
برج اتصالات في نفس اليوم الذي قتل فيه نعيم حسين، في 5 آب/أغسطس والذي حضر جنازة ضحيتين،
وذلك وقت الجنازة في الساعة 3.39 مساء، وبعد 20 دقيقة تحرك نحو المنطقة التي قتل فيها
حسين في سيارته.
وكشفت
البيانات من هاتف محمد سيد أنه كان في المنطقة التي قتل فيها حسين بعد الساعة الرابعة
مساء. وكشفت الملفات القضائية الجديدة أن شاهين وشقيقه عادل تورطا في عملية إطلاق نار
في متجر وولمارت في تموز/يوليو 2022، فيما وصفه شاهين سيد بأنه حادث تحرش في الشارع.
وأطلق عادل النار على سيارة رجل قال هو وشقيقه إنه كان مسلحا. ولم يتم توجيه تهم لأي
من الطرفين في ذلك الحادث.
وأخبر
محمد سيد الشرطة بأنه لا علاقة له بجرائم القتل، ورفض المحامون عنه وابنه مناقشة القضية.
إلا أن محامي شاهين سيد، جون سي أندرسون قال إن موكله يجب الإفراج عنه وعدم التحفظ
عليه بناء على "دليل واه يقوم على التكهن" وفي جرائم لم توجه فيها اتهامات
له. وقال إن برج الاتصالات لم يعد معلومات دقيقة حول مكان وجود شاهين في مكان الجريمة،
100 ياردة أو على بعد خمسة أميال.
ولا
تعرف الشرطة كيفية وصف الجرائم إن كانت تعبيرا عن عمل سفاح أم جرائم كراهية، ولن يتم
وصفها إلا بعد القيام بمزيد من التحقيقات.
وترى
الشرطة أن العدوانية لدى سيد والنزاعات الشخصية له منذ وصوله إلى البكيرك تجعل من تصنيف
تصرفاته أمرا صعبا.
وعاش المسلمون البالغ عددهم 10.000 شخص من نصف مليون
في البكيرك على أعصابهم خلال الأسابيع الماضية، ولجأت بعض العائلات إلى بيوتها واستحكمت
فيها فيما كانت أخرى تخطط لمغادرة نيومسيكو. إلا أن نعيم حسين، 25 عاما الذي هاجر من
باكستان قبل فترة وبدأ شركة شاحنات خاصة به قرر العودة في 5 آب/أغسطس لحضور جنازة محمد
أفضل حسين، 27 عاما من باكستان وكان يعمل في تخطيط المدن وكان يحضر للدراسة في جامعة
نيومكسيكو والأفغاني افتاب حسين، 41 عاما وكان يعمل في مقهى فلاينغ ستار المعروف في
البكيرك.
وارتدى نعيم حسين القميص الأسود والبنطال الأزرق وتوجه إلى الجنازة في مساء
ذلك اليوم. وبعد ذلك ترك نعيم المكان وزملاءه من سائقي الشاحنات واتفقوا على اللقاء
في شقة نعيم بعد وقت. وعندما لم يحضر نعيم تحرك زملاؤه في سياراتهم نحو مركز المهداوي
للمشاركة في الساعة السادسة مساء باحتفالات عاشوراء. ولم يصل نعيم أبدا، وفي تلك الليلة
شعر زملاؤه بالقلق لأنه لا يرد على مكالماتهم أو رسائلهم النصية. ولجأوا إلى تطبيق
"زينلي" الذي يستخدمونه لتتبع أثر بعضهم البعض وهم في الطريق. وكشف أن سيارة
نعيم كانت متوقفة قرب تقاطع ترومان ستريت وغراند أفنيو. وعثروا في الساعة 11:20 على
سيارة نعيم البيضاء من نوع تويوتا في موقف سيارات مركز خدمات العائلة اللوثرية الذي
كان يتجمع فيه اللاجئون. وعندما اقتربوا من السيارة رأوا أن محرك السيارة لا يزال عاملا.
وكان نعيم جالسا على المقعد ودمه على المقعد الأمامي، وفتحت الشرطة التحقيق في جريمة
رابعة.
وقال
حسين، أحد زملاء نعيم "كانت عيوني تحترق" و"لم أستطع النوم، وكل شيء
كان حاضرا في ذهني". واتصل هو والشيعة في المدينة ببعضهم البعض متسائلين إن كان
القاتل مسلما ويستهدف الشيعة في عاشوراء. ويشترك الثلاثة الذين قتلوا في مدى 10 أيام
باسم حسين، لكن مقتل محمد أفضل حسين وهو سني، قاد البعض للتساؤل إن كان القاتل قد استهدفه
بالخطأ. وخرج أصدقاء نعيم بشاحناتهم إلى فيرجينيا للبقاء مع أصدقائهم. وقال حسين:
"جئنا من الجانب الآخر من العالم بسبب هذا الوضع" و"هم يفعلون نفس الشيء
الذي يفعلونه هناك"، في إشارة للخلاف الطائفي. وربما تم حل لغز من قام بالقتل
عندما أعلنت الشرطة عن محمد سيد كمتهم رئيسي، لكن الدافع لهذه الجرائم لا يزال
غير معروف.
ومع
أن سيد قاتل طالبان في أفغانستان، لكن لا يوجد ما يشير إلى تشدده. وبعد وصول العائلة
إلى أمريكا عام 2016 كافحت لتأمين لقمة العيش، حسب شخص زارها عدة مرات. وأصبح سيد الذي
عمل طباخا في شركة بناء بأفغانستان سائق شاحنة، مع أنه من غير الواضح كيف كان يعمل.
وسجلت الشرطة في تحقيقاتها مشاجرات مستمرة بين سيد ومن حوله. وأبلغت لبنى سيد الشرطة
في أيار/مايو 2017 بأن والدها صفعها لأنها تحدثت بالهاتف أثناء حديثه معها. وقال
واحد من أشقائها الذي كان يتستر على والده، فيما يبدو، للشرطة "عندها مشكلة في
الخيال". وفي تموز/ يوليو اتصلت مع الشرطة للإبلاغ عن الخلاف الجسدي واللفظي مع
والديها المحافظين. وقال سيد إنها كانت تجادل والديها عندما اقترح مرافقة أحد أشقائها
إلى جامعة نيو مكسيكو. ونفى سيد أن يكون ضربها، وكتب ضابط الشرطة أن احمرارا ظهر على
يد الفتاة وورما حول عينها. وقال الضابط "بناء على الخلافات الثقافية وشهادة لبنى
التي لم ترد اعتقال والدها لأن هذا سيسيء من وضع العائلة، قررنا عدم اعتقال أحد".
وبعد أشهر لاحقا وجهت الشرطة اتهاما بالضرب لسيد عندما أبلغ افتكار أمير عنه الشرطة
بأنه هو وزوجته وأحد أبنائه قاموا بضربه بعد عثورهم على ابنته معه في السيارة. وأخبر
أمير الشرطة أن العائلة رفضت مواعدته لابنتهم وأن محمد سيد هدده بالقتل. ولكنه لم يرد
توجيه اتهامات. وتزوج لبنى بعد أشهر واشتريا بيتا في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 ورفضا
التعليق.
لكن
الشرطة عادت إلى البيت عندما قالت زوجة سيد إنه أمسكها بشعرها ورماها على الأرض وعندما
قال ابنه إنه ضربه بملعقة. ويقول أصدقاء أمير إنه شعر بالتهديد من صهره الذي لم يكن
يريد زواج ابنته من شيعي. وكان أمير على علاقة جيدة مع أفتاب حسين، الذي قتل في تموز/يوليو،
حيث كانا يعملان في نفس المقهى. وقال شقيق القتيل، ألطاف حسين صمدي، 32 عاما إن أمير
أخبره بأن زواج لبنى منه كانت مثار غضب والدها و"قال: يجب أن يفعل شيئا ضدي وليس
للآخرين لو كانت له مشكلة معي".
وكانت
جريمة القتل الأولى التي حدثت في تشرين الثاني والتي لم يتهم بها سيد مع أنه المشتبه
الأول قد طالت محمد زاهر أحمدي، شقيق صاحب المحل هادي، حيث قتل وهو يدخن سيجارة في
موقف سيارات المحل الخلفي. واختار الأشقاء البكيرك بعدما جربوا حظهم في فيلادلفيا وتكسون
وأريزونا، وبدت نيومكسيكو بجوها الجاف وأمطارها الموسمية وسكانها الهسبانيين مناسبة
وتشبه جو كابول و"الناس يشبهون الأفغان وعرفت أن هذا مكان تشعر فيه أنك في وطنك"
كما قال هادي. ونظرا لتجارتهم فقد كانوا على معرفة واتصال مع المجتمع المسلم بمن فيهم
عائلة سيد.
وفي
يوم، وعندما كان أحمدي يعمل على الكاشير، جاء أحمد ومعه أربعة أكياس أرز اشتراها بناء
على كوبونات الطعام. وطلب سيد من هادي تقديم مال كبدل، وقال له هادي إن عملا كهذا يعتبر
غشا في كوبونات الطعام. وكان سيد غاضبا وحضر إلى المحل ثلاث مرات مهددا. وكان يطلق
على الإخوة بالكفار. ويعلق هادي: "عندما كنا نطلب منه مغادرة المحل كان يذهب إلى
سيارته في الموقف وينتظرنا لساعات" و"طلبنا الشرطة لكنها لم تحضر أبدا".
لكن الشرطة تقول إنه لا يوجد ما يشير لطلب المساعدة في سجلاتها.
ولكن
في شباط/فبراير 2020 سجلت كاميرا مراقبة المركز الإسلامي بنيومكسيكو سيد وهو يقوم بتمزيق
إطار سيارة زوجة هادي في موقف السيارات. وطلب المسؤولون عن المركز من هادي الابتعاد
عنه وهو ما فعله لعدة أشهر.
ويتهم
سيد الآن بقتل كل من أفتاب حسين ومحمد أفضل حسين، فيما تحاول الشرطة استكمال التحقيقات
في جريمتي القتل الأخريين.
ويقول
قادة المجتمع الأفغاني إنهم يشعرون بالإرتياح لتحديد هوية الفاعل ولكنهم ترددوا في
وصف الجرائم بأنها طائفية. وعلمتهم الحرب في بلادهم أنه من الصعب تحديد الدافع بعامل
واحد. ويرى سليم أنصاري، أحد قادة المجتمع الأفغاني والذي يعرف الضحايا وسيد:
"ربما كان مريضا عقليا أو لديه مشاكل شخصية مع الضحايا" و"من وجهة نظري
هي مسائل شخصية".