هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشدد السلطات الإيرانية الخناق على الإنترنت من خلال فرض مزيد من القيود الصارمة على الوصول إليه، وسط تصاعد الاحتجاجات في البلاد، في حين اتهم الرئيس ابراهيم رئيسي المتظاهرين بـ"إثارة الفوضى".
وتقترب الاحتجاجات من أسبوعين منذ اندلاعها عقب وفاة الفتاة مهسا أميني بعد اعتقالها من "شرطة الأخلاق" بدعوى أنها ترتدي "لباسا غير محتشم".
قيود على الإنترنت
وتحاول السلطات الحد من نشر صور التظاهرات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد.
وقالت مهسا علي مرداني، الباحثة في الشأن الإيراني لدى جمعية "آرتيكل 19" (Article 19) المتخصّصة في الدفاع عن حرية التعبير: "ليس هناك تعطيل للإنترنت (...)، العبارة الأبسط لوصف ما يحدث هو الخنق الشديد".
وأشارت إلى أن "الاضطرابات قوية"، موضحة أن الانقطاعات عن الشبكة كانت أكثر حدّة ابتداء من نهاية فترة بعد الظهر حتى منتصف الليل عندما تحدث غالبية الاحتجاجات.
اقرأ أيضا: الأمن الإيراني يشتبك مع المحتجين.. و"محاكم خاصة" ضدهم
ولاحظ الناشطون والمحطّات التلفزيونية الناطقة باللغة الفارسية، المتمركزة خارج إيران، انخفاضا في تحميل مقاطع فيديو الاحتجاجات التي تمّ تصويرها على الهواتف المحمولة.
كذلك، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود": "منذ بداية التظاهرات، منعت إيران بشدّة الوصول إلى إنستغرام ولينكدإن وسكايب، وهي آخر أكبر منصّات غربية كانت لا تزال متاحة في إيران".
— RSF (@RSF_inter) September 27, 2022
وبات استخدام الشبكات الخاصّة الافتراضية (VPN) - وهي خدمة تتيح تصفّح الويب عبر تجاوز الحظر - أكثر صعوبة أيضا.
ومع ذلك، فإنّ هذه القيود لا يمكن مقارنتها بالإغلاق التام للإنترنت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أثناء قمع التظاهرات التي خلّفت 321 قتيلا على الأقل، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
ولا تزال مقاطع الفيديو الخاصّة بالاحتجاجات والانتهاكات المفترضة من السلطات تتسرّب على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لم تعد بالحجم ذاته الذي كانت عليه عندما بدأت هذه التجمّعات.
وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ الوصول إلى الإنترنت "اضطرب بشكل كبير أو قُطع بالكامل" في الأيام الأخيرة. وأضافت أنّ "انقطاع الإنترنت لا يزال يتسبّب في تأخير إحصاء" القتلى في هذه الاحتجاجات.
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) September 20, 2022
من جهتها، لفتت منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى أن "الحكومة تحظر خوادم DNS في البلاد التي يعدّ تشغيلها الصحيح أمراً ضرورياً لضمان الاتصال بالشبكة العالمية وكذلك في العديد من المواقع وخوادم VPN".
وأوضحت أن "غوغل بلاي (google play) وآبل ستور (Apple store) قد حُظرا أيضاً"، مشيرة إلى أن "هاتين المنصّتين تقدّمان خدمات ومنتجات استراتيجية للالتفاف على الرقابة.. حظر متاجر التطبيقات يمنع الإيرانيين من الوصول إلى شبكات VPN لأجهزتهم المحمولة".
رئيسي: "الفوضى" غير مقبولة
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأربعاء، إن وفاة الشابة مهسا أميني في احتجاز الشرطة "أحزنت" الجميع في البلاد، لكنه نبه إلى أن "الفوضى" لن تكون مقبولة وسط انتشار الاحتجاجات العنيفة على وفاتها.
وقال رئيسي في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، في الوقت الذي استمرت فيه الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد: "نشعر بالحزن جميعا لهذا الحادث المأساوي... (وعلى الرغم من ذلك) فإن الفوضى غير مقبولة".
وأضاف أن "الخط الأحمر للحكومة هو أمن شعبنا... لا يمكن السماح للناس بتعكير صفو المجتمع من خلال أعمال الشغب".
وعلى الرغم من ارتفاع عدد القتلى وحملة قمع شرسة من قبل قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، وفي بعض الحالات، الذخيرة الحية، أظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي استمرار الإيرانيين في الاحتجاجات وترديد "الموت للديكتاتور".
اقرأ أيضا: نجل شاه إيران يشيد بـ"تظاهرات النساء".. ويبشر بنظام جديد
وتوفيت أميني، وهي من مدينة سقز الكردية شمال غرب البلاد، بعد ثلاثة أيام في المستشفى بعد دخولها في غيبوبة، ما أدى إلى أول ظهور كبير للمعارضة في شوارع إيران منذ أن سحقت السلطات احتجاجات ضد ارتفاع أسعار البنزين في عام 2019.
وقال رئيسي، الذي أمر بإجراء تحقيق في وفاة أميني: "الطب الشرعي سيقدم تقريرا عن وفاتها في الأيام المقبلة".
وعلى الرغم من أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي لم يعلق بعد على الاحتجاجات، فإن مجلس صيانة الدستور دعا القضاء "إلى التعامل بحسم مع المرتكبين الرئيسيين ومن هم مسؤولون عن قتل وإصابة الأبرياء وقوات الأمن".
ودعم رئيسي قوات الأمن الإيرانية، قائلا: "إنهم يضحون بأرواحهم من أجل تأمين البلاد".
وأيد العشرات من المشاهير ولاعبي كرة القدم والفنانين من داخل البلاد وخارجها المظاهرات، بينما دعا نشطاء إلى الإضراب في عموم البلاد. وبحسب وسائل الإعلام الرسمية، فإن القضاء الإيراني المحافظ قال إنه سيوجه اتهامات ضدهم.
وحذر رئيسي من أن "كل من شارك في إثارة الفوضى وأعمال الشغب سيحاسب" ، مضيفا أنه "ينبغي ألا يخشى أحد التعبير عن آرائه".