رغم
سطوة اللوبي الإسرائيلي على مختلف وسائل الإعلام الغربية عموما، والأمريكية خصوصا، فإن تغطية الأخيرة للأحداث الدائرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثارت غضب
الاحتلال
بزعم عدم تبنيها لروايته عما يحصل حينا، وحينا آخر تجاهل موجة العمليات الفدائية الجارية،
وعدم تغطية تهديدات حزب الله ضد إسرائيل، ما ينعكس سلبا في تراجع تعاطف الرأي العام
الأمريكي مع الاحتلال.
ترصد
المحافل الدعائية الإسرائيلية أن صحيفة "
نيويورك تايمز" بشكل خاص، الأولى
على مستوى العالم، نشرت عددا قليلا نسبيًا من التقارير عن إسرائيل، ثلثاها كانت سلبية،
وأخرى شوّهت الصورة بطريقة متناقضة، من حيث تجاهل 52 عنوانًا رئيسيًا احتلت جزءًا كبيرًا
من وسائل الإعلام الإسرائيلية لتصاعد الهجمات الفلسطينية، لكن الصحيفة اختارت تركيز
عناوينها على مقتل الفلسطينيين بنبرة سلبية تجاه إسرائيل، دون إدانة العمليات المتصاعدة،
بل عدم ذكر كلمة "الإرهاب".
ليلاخ
سيغان الكاتبة في صحيفة "
معاريف"، زعمت أن "الإعلام الأمريكي عموما،
و"نيويورك تايمز" خصوصا، لم تذكر عدد الهجمات الفلسطينية، ولا في أي مكان
وقعت، ولم يرد فيها ذكر لحالة التأهب القصوى للأعياد اليهودية، بل نُشر مقالان بشأن
إسرائيل، طالبها أحدهما بأن تفعل المزيد لمنع وقوع إصابات في صفوف الفلسطينيين، والثاني
كتبه مدير منظمة الحق الذي اتهم إسرائيل بمحاولة إسكاتها، ما يعني أن كلا المقالين
ركّزا على تشويه سمعة إسرائيل".
وأضافت في مقال ترجمته "
عربي21" أن "الصحيفة الأمريكية تحدثت عن حكم بإعدام
5 جواسيس في غزة يعملون لصالح إسرائيل، دون ذكر
حماس في العنوان الرئيسي أو الفرعي، وبالتالي
فإنه ظهر من الصعب فهم المسؤول عن الأحكام، وكان من السهل الخلط والاعتقاد بأنها إسرائيل
التي اتهمتها الصحيفة بمنع سكان غزة من دخولها والتركيز على قتل الصحفية شيرين أبو
عاقلة للمرة الـ19 منذ الحادث، حتى عندما ذكرت الاعتذار الألماني عن عملية ميونخ،
فإنها وصفت منفذيها بأنهم "مقاتلون فلسطينيون"، وليسوا "إرهابيين"، ما يعني أن الصحيفة تتفهم سلوك حركتي حماس والجهاد بعدم تسميتهما منظمات إرهابية".
وأشارت
إلى أن "الصحيفة دأبت على وصف إسرائيل بأنها دولة الفصل العنصري، وكأنها باتت
حقيقة، لكنها جزء من محاولة نزع الشرعية عنها، ما يعني أننا أمام مؤامرة شائعة جدًا،
يتم دعمها من قبل حفنة من الإسرائيليين الذين يتم استغلالهم من قبل العناصر المعادية
لإسرائيل، بالتزامن مع اتخاذ تسع منظمات طلابية في جامعة بيركلي قرارًا بعدم السماح
لمؤيدي إسرائيل بالتحدث في الفعاليات، وتم تغطية الخبر بأنه إنشاء "مناطق خالية
من اليهود"، لتبرير الكراهية تجاه اليهود".
وأوضحت
أنها "راجعت أرشيف موقع الصحيفة الأمريكية الأولى، فتبين لها أن كلمتي "إسرائيل"
و"أبرتهايد" ظهرتا معًا 36 مرة منذ بداية 2022 في مقالات مختلفة، لكنّ كلمتي
"حماس" و"الإرهاب" ظهرتا معًا خمس مرات فقط".
وهي ليست
المرة الأولى التي تنتقد فيها الماكنة الدعائية الإسرائيلية التغطية "المنحازة"
للصحافة العالمية، لاسيما "نيويورك تايمز"، التي اعتبرت حتى عهد قريب لسان
حال اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، بزعم أنها لم تعد تتحدث عن "إرهاب"
فلسطيني، و"حماس" تُعرف بأنها "جماعة عسكرية إسلامية"، فضلا عن توسعها في الحديث
عن سياسة الاعتقال الإداري الذي تتبعه إسرائيل ضد الفلسطينيين، دون ذكر أعداد القتلى
الإسرائيليين في العمليات الفلسطينية المسلحة، أو آلاف حالات رشق الحجارة وزجاجات المولوتوف،
فيما ركزت على معاناة عائلتين من حي الشيخ جراح قامت شرطة الاحتلال بإجلائهما.
وتخشى
المحافل السياسية والدعائية الإسرائيلية أن تغطية "نيويورك تايمز" للقضية
الفلسطينية بهذه الطريقة ستؤثر على وسائل الإعلام الأخرى في الولايات المتحدة وحول
العالم، ما سيجعل الأمريكيين ينظرون للإسرائيليين على أنهم إمبرياليون استولوا على
أراضي الفلسطينيين، وسيطروا عليها، وهذه أخبار غير سارة لدولة الاحتلال، لأنها تتزامن
مع ما تشهده الجامعات الأمريكية من مواقف معادية لها.