على عكس ما تم الترويج إليه قبل أسابيع، عن رفع
إيران كميات النفط المورد إلى النظام السوري، اشتدت أزمة المحروقات مجددا في مناطق سيطرة الأخير، لتشهد المدن السورية أزمة مواصلات، يرافقها تعطل خدمة الاتصالات الخلوية بسبب توقف مولدات الكهرباء.
وكانت صحيفة "الوطن" السورية شبه الرسمية قد تحدثت، في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، عن اتخاذ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، قراراً بزيادة كميات الواردات النفطية، من مليونين إلى ثلاثة ملايين برميل شهريا، لمساعدة
سوريا على تجاوز أزمة الطاقة التي تعاني منها، من خلال الخط الائتماني الإيراني.
وأوضحت أنه جرى بحث الزيادة خلال زيارة وزير الطرق وبناء المدن في إيران رستم قاسمي مع رئيس النظام بشار الأسد، خلال زيارته إلى سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وكذلك خلال زيارة وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد إلى إيران الأخيرة.
وكانت إيران قد أعادت تفعيل الخط الائتماني لسوريا، خلال الزيارة التي أجراها رئيس النظام السوري بشار الأسد لإيران في أيار/ مايو الماضي، حيث تم التوقيع على مرحلة جديدة من هذا الخط، تشمل تزويد سوريا بمواد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى لسد النقص الحاصل في تلك المواد.
غير أن ما جرى هو العكس تماما، حيث أقرت وسائل إعلام تابعة للنظام بانقطاع شحنات النفط الإيراني مؤخراً، متحدثة عن صعوبات في عمليات النقل البحري، نتيجة حلول الشتاء.
اظهار أخبار متعلقة
ويشكك الخبير الاقتصادي أحمد عزوز في حديثه لـ"عربي21" بهذه الرواية، ويقول إن "ناقلات النفط الإيرانية لا تبحر في محيطات مفتوحة في طريقها إلى سوريا، أي لا تُبحر في طرق بحرية تضربها العواصف والأعاصير".
ويعود السبب الرئيسي، بحسب توقعات الخبير الاقتصادي، إلى انشغال إيران بالاحتجاجات التي تضرب المدن الإيرانية، ويقول: "يبدو أن الأولوية للداخل الإيراني، وهذا يعني أن طهران تواجه أزمة كبيرة".
ويتفق مع عزوز الباحث الأكاديمي الاقتصادي محمد حاج بكري، ويقول لـ"عربي21" إن "انشغال إيران بالاحتجاجات يعد من بين الأسباب".
"عقاب إيراني"
وبجانب ذلك، يُلمح الأكاديمي إلى ما يبدو شكلاً من أشكال العقاب الإيراني للنظام السوري، مرجحا أن "تكون طهران غير راضية عن التقارب السياسي بين النظام وتركيا من جانب، والاقتصادي بين النظام وبعض الدول العربية من جانب آخر".
ويرى حاج بكري أنه في الوقت الذي تؤيد فيه طهران أي انفتاح سياسي أو اقتصادي على حليفها الأسد، تخشى أن يكون ذلك على حساب مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولذلك تقلل إيران من كميات النفط؛ لتذكير الأسد أن مصالحها يجب أن تكون في الاعتبار.
اظهار أخبار متعلقة
النظام لا يسدد
من جانب آخر، لفت حاج بكري إلى عدم قدرة النظام على سداد ثمن كميات النفط الإيراني، في الوقت الذي تراجعت فيه فرص الاستثمار في سوريا، حيث كانت طهران تستحوذ على استثمارات مقابل النفط.
وقال حاج بكري إن الخط الائتماني الإيراني الجديد لا يُغطي كل احتياجات النظام من النفط، وخاصة في فصل الشتاء، حيث يزداد الطلب على المشتقات النفطية.
ولا تتوفر معلومات دقيقة عن الطرق التي يسدد بها النظام ثمن النفط لإيران، إلا أن غالبية التوقعات ترجح أن إيران تضع يدها على الاستثمارات ومقدرات الدولة مقابل النفط.
اظهار أخبار متعلقة
النفط لـ"حزب الله"
في مقابل ذلك، أكد الخبير بالشأن الإيراني ضياء قدور، أن هناك فعلا زيادة في عدد ناقلات النفط الإيراني التي تصل الساحل السوري، مستندا إلى معطيات مصدرها منظمة "متحدون ضد إيران النووية- UANI".
وبهذا المعنى، يعتقد خلال حديثه لـ"عربي21" أن كميات كبيرة من شحنات النفط تذهب نحو لبنان، وتحديداً إلى "حزب الله"، مشيراً كذلك إلى "الفساد الكبير في منظومة النظام السوري الاقتصادية".
يذكر أن حكومة النظام السوري خفضت مخصصات الوقود للسيارات الحكومية بنسبة 40 في المئة، وفرضت قيودا على السفريات الرسمية للأغراض غير الضرورية.
وأرجعت ذلك إلى النقص في المحروقات بسبب تأخر وصول الشحنات والعقوبات الأمريكية، مؤكدة أن قرار تخفيض المخصصات لا يشمل وسائل النقل الجماعي.
وتُقدر حاجة السوق السورية اليومية من النفط عند 200 ألف برميل، وفق أرقام نشرتها حكومة النظام في نيسان/ أبريل الماضي.