رجحت مجلة "ايكونوميست" البريطانية أن النظام
الإيراني يشهد حالة من التراجع، بسبب تواصل
الاحتجاجات الشعبية لقرابة الثلاثة أشهر.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات الإيرانية ألمحت إلى إلغاء شرطة الأخلاق، في أول تنازل لها منذ اندلاع المظاهرات في أيلول/ سبتمبر بعد وفاة مهسا أميني لعدم ارتدائها الحجاب "المناسب"، حيث أنه قد يتلاشى هذا الرمز المميز للنظام البالغ من العمر 43 عاما.
ولفتت الإيكونوميست إلى أن قرار النظام كان مفاجئا، حيث أعلن النائب العام محمد جعفر منتظري ذلك خلال اجتماع لجنة برلمانية، كما قال في اجتماع آخر إنه سيتم اتخاذ قرار بحلول منتصف كانون الأول/ ديسمبر الجاري بشأن ما إذا كان سيتم إلغاء الحجاب الإلزامي بالكامل.
واعتبرت المجلة أن هذه البادرة التصالحية تشير إلى نهج جديد لرجال الدين، بعدما هدد متحدثون مقربون من النظام بإعدام المخالفين والمتظاهرين.
وقال المرشد الأعلى، علي
خامنئي، إن "كل مثير شغب، كل إرهابي" سيعاقب، بحسب المجلة.
ومنذ بدء الاحتجاجات، ذكرت جماعات حقوقية أن حوالي 470 شخصا قُتلوا واحتُجز ما لا يقل عن 18 ألفا، كثير منهم من المراهقين.
وتحدى المتظاهرون، وكثير منهم من النساء، إطلاق النار والضرب والخوف من الاغتصاب في زنزانة للشرطة، بينما تخلت نساء عن حجابهن وأحرقنه في بعض الأحيان، وفقا لما ذكرته المجلة.
وحسب الإيكونوميست، ألمحت السلطات إلى مزيد من التنازلات في المستقبل، حيث تحدث الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مؤخرا عن اعتماد أساليب "مرنة"، بينما عاد سلفه الإصلاحي، محمد خاتمي، إلى الظهور في وسائل الإعلام الحكومية بعد سنوات من منع ظهوره.
ورجحت المجلة أن يصاب النظام الإيراني بخيبة أمل ، في ظل أمل في تهدئة الاحتجاجات، بسبب انخفاض الثقة في كلام النظام إلى مستوى غير مسبوق.
وقال مطلعون من داخل النظام إن قرار الحجاب قد يكون حيلة لتقسيم المحتجين، حيث أكد أحدهم أنه "يمكن للمدعي العام أن يقول إن وسائل الإعلام أساءت النقل عنه"، بحسب ما نقلته المجلة.
اقرأ أيضا: دعوات لإضراب عام بإيران.. هل تنتهي التظاهرات بحل "شرطة الأخلاق"؟
ويلاحظ المراقبون أن شرطة الأخلاق عادة ما تخفض من ظهورها في فصول الشتاء الباردة في إيران، عندما تتستر النساء على أي حال، بينما يشك البعض الآخر في أن مسؤوليات شرطة الأخلاق يمكن نقلها إلى أذرع أخرى لجهاز الأمن الضخم للنظام.
وأشارت المجلة إلى أن مزاج الشارع يطغى عليه التشكيك، حيث قالت متظاهرة في شرق إيران: "قرار متأخر جدا".
واعتبرت الإيكونوميست أن احتمالية وجود نظام في موقف دفاعي تذكر بالأشهر الأخيرة للشاه عام 1979، ما قد تدفع المحتجين إلى مضاعفة جهودهم.
ودعت مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي إلى إضراب عام لمدة ثلاثة أيام هذا الأسبوع، حيث لا يرضى العديد من الإيرانيين بأقل من تنازل رجال الدين وأتباعهم عن السلطة.
وختمت المجلة بالقول إن خامنئي ورئيسي هما المسؤولان بشكل أساسي عن الاحتجاجات رغم لومهم للدول الغربية، فقد شددوا من صرامة القواعد عوضا عن تخفيفها على عكس دول أخرى في الشرق الأوسط على غرار المملكة
السعودية .