وصفت نتائج
الانتخابات
التشريعية الأخيرة بتونس "بالزلزال"، بالنظر للضعف الكبير وغير المسبوق بنسب المشاركة، حيت بلغت 8.8 بالمئة، وفق النتائج الأولية لهيئة الانتخابات.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن قرابة 900 ألف ناخب قاموا بالاقتراع من أصل أكثر من 9 ملايين ناخب مسجل،
وبالمقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة التي عرفتها
تونس ما بعد الثورة، فهي على الأقل بلغت سنة 2019 نسبة 40.32 بالمئة، وسنة 2014 نسبة 69 بالمئة، ووصلت سنة 2011
إلى 52 بالمئة.
وبظهور النتائج
الأولية للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، والتي جرت وفق قانون الاقتراع على
الأفراد عوض القائمات ولأول مرة في تاريخ تونس، طالبت أغلب الأحزاب والشخصيات على
اختلاف الانتماء الرئيس
قيس سعيد "بالرحيل الفوري"، واعتبار حكمه قد
"انتهى" بقرار شعبي .
هذا وتعالت الدعوات
الحزبية (أغلب وكبرى الأحزاب قاطعت الانتخابات) بضرورة إجراء انتخابات رئاسية
مبكرة.
"سحب
الوكالة"
وقال القيادي بحركة
النهضة محمد القوماني، إن "النتائج الهزيلة للانتخابات هي سحب للوكالة من
الرئيس قيس سعيد".
وأفاد القوماني في
تصريح خاص لـ"عربي 21" بأن "النتائج هي تأكيد أن الرئيس فقد
الشرعية والمشروعية، وأن مشروع مسار 25 يوليو وصل "للزنقة".
واعتبر القوماني أن
الرئيس سعيد " لم يعد الشخص المناسب لإدارة البلاد، حيث أخذ كل السلطات والوقت، وأظهر عجزا في التسيير".
وشدد على أننا "إزاء
لحظة تغيير حقيقية، وعلى الرئيس الاستقالة والرحيل اليوم قبل الغد، وإن لم يفعل ذلك
فعلى كل القوى الحية أن يعملوا على غلق هذا القوس، والدخول في مرحلة جديدة تبدأ
بإصلاحات كبرى".
من جانبه قال الرئيس التونسي الأسبق، محمد المنصف
المرزوقي، إن الرئيس قيس سعيّد "انتهى تماما وإلى الأبد، ولم يعد له أي ذرة
من الشرعية أو المشروعية"، لافتا إلى أن "سعيّد تلقى الصفعة الثالثة
والأخيرة عقب إجراء مهزلة الانتخابات التشريعية التي كتبت الفصل الأخير في مسيرة
المنقلب الأحمق".
وأضاف، في تصريحات
خاصة لـ"عربي21"، معلقا على الانتخابات التشريعية ونتائجها الأولية:
"إنه انهيار كل مصداقية لمشروع سياسي شعاره (الشعب يريد). بداهة الشعب لا
يريد ما يريده المنقلب، والرسالة واضحة تماما، والرجل (سعيّد) لم يعد يتكلم إلا
باسم أقل من نسبة 10% فقط من الشعب التونسي".
ولفت المرزوقي إلى أن
"خيار المقاطعة كان هو المسار الأفضل بالنسبة لقوى المعارضة المختلفة، وإلا
كانت ستشارك في تشريع الانقلاب المستبد والفاسد"، منوها إلى أن "سعيّد
فرّق وشتّت شمل ووحدة التونسيين بصورة لم يفعلها أي أحد من قبله، ولا أتصور أن
يفعلها أحد من بعده".
واختلف تماما مع من
يقولون إن سعيّد عقب الانتهاء من الانتخابات التشريعية يكون قد أنجز آخر محطة في
خارطة الطريق التي أعلن عنها سابقا، واكتسب مزيدا من الشرعية، وقال: "العكس
هو الصحيح، قولا واحدا. الملك اليوم عار تماما من كل شرعية، بما أن الأغلبية الساحقة
قاطعت مراحل مشروعه، أي رفضته وبنسب متزايدة وواضحة للجميع".
ودعا سعيّد إلى
الاستقالة بعد "كل هذه المهازل والمساخر، لكني أدرك أنه لن يستقيل، لأنه لا
يتمتع بمِثقال ذرة من الكرامة، لكنه في كل الأحوال كتب شهادة وفاته السياسية بيديه
قبل أيادي الآخرين، ولن يكون له أي مكان أو دور في المستقبل".
وأشار الرئيس التونسي
الأسبق إلى أن "الحل سيأتي إما من مشغلي الرجل، أي الدولة العميقة، التي لا
شك أنها تُسرع الآن في البحث عن بديل، أو من قِبل الشعب على غرار ما حدث في ثورة
الياسمين".
اظهار أخبار متعلقة
بينما رأى أن
"مشغلي الرجل (سعيّد) لم يتفقوا حتى هذه اللحظة على مَن سيرثنا بعد طرد
كاريكاتير رئيس من قصر قرطاج، والذي لم تشهد بلادنا في عهده انهيارا كالذي نشهده
منذ توليه السلطة".
واختتم الرئيس التونسي
الأسبق بقوله: "لقد بدأت نهاية المغامرة الخرقاء بالاقتراب أكثر من نهايتها
المحتومة، والتي بدأت تلوح في الأفق. ولا بد من محاكمة الرجل وعدم السماح بالخروج
الآمن له".
مقاطعة غير مسبوقة
بدوره، قال الأمين العام
لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، إن "الشعب بهذه المقاطعة غير المسبوقة
في تاريخ الانتخابات في العالم قد قرر سحب الوكالة من الرئيس قيس سعيد".
وشدد الشواشي، في تصريح
خاص لـ"عربي21"، على أن "الشعب اقتنع بأن مشروع سعيد فاشل، ولا يمكن
أن يتواصل؛ لأن مقاربته الوحيدة التسلط والتفرد بالحكم واللامبالاة بواقع الشعب
الاقتصادي والاجتماعي " .
وأضاف الشواشي: "الشعب
قال لا للرئيس سعيد ومساره، وهو مجبور أن يتفاعل مع الرسالة الشعبية عبر ترك سلطة
الحكم، وليس أمامه أي خيار غير ذلك، عليه احترام الشعب العظيم بعد أن منحه الثقة، ليكتشف أنه رجل فاشل، ويعيش في عزلة، وبالتالي عليه الرحيل وفورا".
في مقابل ذلك، قال القيادي
بحركة الشعب، عبد الرزاق عويدات: "نحن شاركنا في الانتخابات بكل نزاهة وشرف،
صحيح أنها لم تكن مشاركة مكثفة من الشعب، لكن العزوف مبرر، يعود للوضع العام بالبلاد".
وأوضح عويدات في تصريح
خاص لـ"عربي21": "من شارك في الانتخابات كان حريصا على انتهاء مرحلة
الاستثناء والذهاب إلى مرحلة بها مؤسسات، ومن رفض وقاطع أقصى نفسه من المشهد
السياسي القادم، وفق تقديري".
وشدد عويدات "
إجراء الانتخابات أمر مهم جدا لتركيز برلمان ومحكمة دستورية، نسبة اقتراع ضعيفة لا
تحول دون شرعية البرلمان، الترشحات كان مفتوحة للجميع، ولم يتم منع أحد، ومن اختار
المقاطعة فليتحمل المسؤولية.
هذا وتوجه محدثنا
بالدعوة للرئيس بمخاطبة الشعب، ومصارحتهم بحقيقة الأمور والوضع؛ حتى يتم تجاوز الوضع
الصعب .
وقال عضو جبهة "
الخلاص الوطني"، جوهر بن مبارك، إن "الشعب التونسي أصدر شهادة وفاة لكل
منظومة ومسار قيس سعيد الانقلابي من حكومة وهيئات وضعها بصفة فردية ".
وأكد بن مبارك في
تصريح خاص لـ"عربي 21": "اليوم هناك سقوط كامل للمشروعية السياسية
والشعبية للرئيس سعيد، وهو ما يعني أن هذ المنظومة انتهت، ولم تعد تمثل الشعب، الذي
قال لها: لم أعد أعترف بك ".
من جانبه، قال السياسي
رضا بالحاج، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "نتائج الانتخابات عبر
نسبة مشاركة ضئيلة جدا هي عقاب للرئيس، الشعب قال من خلالها: لم نعد نريدك يا قيس
سعيد".
و اعتبر بالحاج أن
مقاطعة أكثر من 90 بالماة من الناخبين مفادها "ارحل يا سعيد".
هذا وطالبت عدة أحزاب
وشخصيات قانونية وحقوقية بضرورة المرور إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي بيان له، دعا حزب
"آفاق تونس" قيس سعيد لاحترام إرادة الناخبين، والاعتراف بفشل منظومته
السياسية وعجزها، والتوقف عن سياسة المكابرة والإنكار .
وطالب الحزب الرئيس
بإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة تؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاحات الحقيقية.
من جهته، وفور ظهور
نتائج الانتخابات، أصدر حزب "الدستوري الحر" بيانا، أعلن فيه "الشغور
في منصب رئاسة الجمهورية، والدعوة لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها طبق المعايير
الدولية".