يسعى الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، مقترحا آلية ثلاثية مع روسيا وسوريا لتسريع الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق.
وكشف أردوغان قبل أيام عن عرض قدمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء لقاء ثلاثي بين زعماء
تركيا وروسيا وسوريا، يسبقه وكالات الاستخبارات ثم وزراء الدفاع ثم خارجية الدول الثلاث.
مساعي الرئيس التركي لتطبيع العلاقات مع دمشق، وإعلانه الاستعداد للقاء بشار
الأسد، جاء بالتزامن مع هدف تركي للقضاء على
وحدات حماية الشعب الكردية الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني.
وتحدث أردوغان بأنه لا يوجد خصومة أبدية في السياسة، واتخذ خطوات منذ العام الماضي لتطبيع العلاقات مع الإمارات والسعودية ومصر والاحتلال الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
وتنظر أنقرة بقلق تجاه وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، وتبدي امتعاضها من عدم التزام الولايات المتحدة وروسيا بتعهداتها بشان إبعاد المنظمة الكردية عن الحود التركية لعمق 30 كم، وسط استياء من مواصلة واشنطن تقديم الدعم لها، بهدف تشكيل كيان ذاتي على الحدود الجنوبية مع تركيا.
المعارضة تضغط بشأن اللاجئين
الصحفي التركي اسماعيل جوكتان، قال لـ"عربي21"، إنه منذ ما يقارب الأربع سنوات تتصدر قضية اللاجئين والإرهاب المشهد في تركيا، وتواجه الحكومة هجمات من المعارضة بشأنهما.
وأوضح في حديث لـ"عربي21"، أن قضية اللاجئين السوريين أصبحت المادة الأولى في أعمال المعارضة خاصة مع بداية الأزمة الاقتصادية.
وأشار إلى أنه "رغم قيام الجيش التركي بعدة عمليات عسكرية في شمال سوريا ضد تنظيم PKK/PYD الإرهابي فإنه لم يتم إنهاء خطر هذا التنظيم لتركيا، وحاولت أنقرة مرات عدة أن توجه الضربة الأخيرة والقاتلة للتنظيم لكنها اصطدمت بمعارضة الولايات المتحدة التي تقوم بحماية هذا التنظيم بذريعة محاربة تنظيم الدولة، إلى جانب عدم وفائها والروس لتعهداتهم المتمثلة بسحب مليشيات PKK/PYD الإرهابي من الحدود".
ورأى أن "أردوغان اضطر لبحث طرق بديلة لإنهاء وجود هذه المليشيات، لاسيما أن هناك بعض القوى المقربة من الحكومة كزعيم حزب الوطن دوغو برينجك، و دولت بهتشلي زعيم حزب حركة القومية.. يرون الحل في الاقتراب من النظام السوري حتى يتم منع فقدان القوى السياسية في الانتخابات المقبلة".
ونوه إلى أن أردوغان يحاول أن يطمئن الجهات المتحالفة معه وقاعدته الشعبية بالتقارب مع النظام السوري و ترويج فكرة القتال المشترك ضد PKK/PYD.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد جوكتان، أن تصريحات أردوغان تشير إلى أن أنقرة ترغب في تحجيم اختلافاتها مع القوى الإقليمية بما فيها سوريا، وقد تم تطبيع العلاقات الثنائية مع كل من مصر والإمارات والسعودية و"إسرائيل" لتحقيق ذلك.
ورأى أن "تركيا تريد أن تقنع النظام السوري لعودة اللاجئين بشكل آمن مع أننا متأكدون أن النظام السوري لن يقبل ذلك أبدا".
ونوه إلى أن تركيا تدرك الوضع الحرج للنظام السوري، لكنها تهدف لخلق أجواء هادئة قبيل الانتخابات، و تسعى لإرسال رسالة إلى المعارضة والناخبين مفادها أن الحكومة ترغب في إعادة اللاجئين وأن عدم إنهاء الخطر الارهابي سببه القوى الخارجية.
لماذا إيران ليست ضمن الآلية؟
وحول عدم اقتراح إيران بالمشاركة في الآلية، أوضح الصحفي التركي، أن تركيا "منزعجة من أفعال المليشيات الإيرانية الذين حولوا سوريا إلى مصنع للمخدرات، وهذا يخلق اختلافات قوية أيضا بين النظام وإيران".
وأضاف أن استمرار التظاهرات ضد النظام الإيراني منذ ما يزيد على الثلاثة أشهر قلل أهمية الخارج بالنسبة للنظام الإيراني.
وتعتبر أنقرة "إيران من الدول الداعمة لمليشيا PKK/PYD الإرهابي وقد جرت اختلافات بينهما في الماضي بهذا الخصوص".
ما هدف أردوغان من إشراك روسيا؟
الكاتب التركي سادات إرغين، في
تقرير على صحيفة "حرييت"، ذكر أن "الآلية الثلاثية" ستجعل روسيا محاورا مباشرا، وتضعها في موقف الجهة التي لديها رأي في القضايا الثنائية بين أنقرة ودمشق.
وأشار الكاتب التركي إلى أن روسيا كانت تمارس هذا الدور لفترة طويلة بشكل غير مباشر، لكنها هذه المرة سوف تدخل ضمن المعادلة بصفتها صاحب مصلحة، لاسيما أنها كانت دوما تقترح بإصرار على تركيا أنه يجب حل الخاوف الأمنية الناشئة عن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا من خلال الحوار مع نظام الأسد.
اظهار أخبار متعلقة
ولفت إلى أن الوضع بين دمشق وأنقرة مع المشاكل الميدانية تظهر اختلافات كبيرة عن العلاقات مع الإمارات والسعودية ومصر، فتركيا لديها وجود عسكري داخل سوريا، كما يعيش نحو أربعة ملايين سوري في تركيا، وأصبحت قضية اللاجئين السوريين من أكثر المواضيع الحساسة داخليا.
وأضاف أن بروز عملية
التطبيع مع دمشق، وعودة بعض اللاجئين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، يساعد في تخفيف الضغط على أردوغان، ويسهم ذلك في إرسال رسالة إلى الرأي العام التركي بأنه وضع قضية اللاجئين السوريين على طريق الحل.
ورأى أن دعم تركيا القوي للمعارضة السورية والذي لا يزال قائما، يحمل عبئا سلبيا كبيرا على العلاقة بين الأسد وأردوغان.
واستدرك بأنه يجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير بوتين على الأسد كعامل مهم، بحيث إنه إذا اتبع موقفا مترددا تجاه أنقرة، فإن تدخل الرئيس الروسي سيحد من هامش قدرة رئيس النظام السوري على رفض المقترح.
وأوضح أن وجود بوتين في الآلية الثلاثية يحمل وظيفة حاسمة، ومع ذلك فقد يمنح هذا الوضع بوتين ورقة رابحة إضافية في ميزان العلاقات بين تركيا وروسيا.
وتابع بأنه عند النظر إلى مسألة التطبيع مع سوريا، فيجب أخذ بعض العوامل بعين الاعتبار، وهي: "هل يريد الأسد حقا عودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم؟.. وكم عدد طالبي اللجوء الراغبين بالعودة الطوعية إلى سوريا؟.. وإذا انسحبت تركيا من المناطق الآمنة فهل الأسد لديه القدرة العسكرية لضمان الأمن في تلك المناطق؟.. هل يمكن لروسيا التي تركز في أوكرانيا سد هذه الفجوة في سوريا؟... وإذا تحقق التطبيع فهل سيبقى الجيش الوطني السوري المعارض تحت حماية تركيا؟".