أبرز عمليات الاستهداف الإسرائيلي للمطارات العربية.. "بلطجة دولية"

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب، جوزيف مسعد، استعرض فيه تاريخ عمليات الاستهداف الإسرائيلي للمطارات العربية، والذي كان آخره قصف مطار دمشق الدولي الأسبوع الماضي، وهو ما يشير إلى تقليد دموي تنتهجه إسرائيل يعود إلى عام 1948.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل قصفت مطار دمشق الدولي الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل سوريين اثنين، بعد أن هددت أيضًا بقصف مطار بيروت الدولي في وقت سابق من الشهر.

ومع ذلك، وفق الكاتب، فإن قصف إسرائيل الأخير للمطار السوري هو الأحدث في غاراتها الإرهابية المستمرة على المطارات السورية المدنية في دمشق وحلب، وكلاهما تعرض للقصف في أيلول/ سبتمبر الماضي، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وفي الواقع، قصفت إسرائيل بالفعل مطار دمشق في حزيران/ يونيو الماضي، مما أدى إلى تعطيل حركة الطيران المدني.

وذكر الكاتب أنه في إطار مئات الغارات الإرهابية على سوريا منذ سنة 2011؛ بدأت إسرائيل في استهداف مطار دمشق وما جاوره على الأقل منذ أيار/مايو 2013. وأعقب ذلك المزيد من الغارات الإسرائيلية على المطار في سنة 2014، ولاحقًا في سنة 2017 و2018 و2019، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا.

في الحقيقة، كان مطار دمشق هدفًا لآلة الإرهاب الإسرائيلية منذ حزيران/ يونيو 1967، عندما قصفته القوات الجوية التي زودتها بها الولايات المتحدة خلال الغزو الإسرائيلي لسوريا. وفي نفس الأسبوع في حزيران/ يونيو 1967، وأثناء غزوها للأردن المجاورة، قصفت الطائرات الهجومية الإسرائيلية مطار عمان الدولي المدني.

ولفت الكاتب إلى أن إسرائيل لم تنشط فقط في قصف المطارات المدنية العربية، وهو في حد ذاته شكل جديد من أشكال الإرهاب غير المسبوق في الشرق الأوسط، بل أطلقت أيضًا عمليات خطف طائرات في مطلع سنة 1954 بقرصنة جوية استهدفت طائرة مدنية سورية.

وفي سنة 1973؛ اختطفت إسرائيل طائرة مدنية لبنانية، وطائرة ركاب سعودية في سنة 1976. كما كانت إسرائيل أول دولة تسقط طائرة ركاب مدنية عندما أسقطت طائرة ركاب ليبية في سنة 1973، مما أسفر عن مقتل 106 ركاب على متنها. ولكن شغف إسرائيل الإرهابي بقصف المطارات المدنية العربية هو صفة من صفاتها الذاتية ويعود إلى سنة 1948.

اظهار أخبار متعلقة

تاريخ طويل
وبحسب الكاتب؛ ففي تموز/ يوليو 1948، احتل الإسرائيليون مدينتي اللد والرملة الفلسطينيتين وطردوا غالبية سكانها وارتكبوا مذابح وحشية بحق المدنيين الفلسطينيين، كان أبشعها في مسجد اللد حيث قتل 179 فلسطينيا.

وأشار الكاتب إلى أنه خلال هذا الغزو استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مطار اللد الدولي في فلسطين؛ حيث يُذكر أن المطار بُني في سنة 1934 من قبل البريطانيين أثناء احتلالهم الاستعماري للبلاد في موقع مدرج هبوط الطائرات العسكرية الذي بناه العثمانيون في سنة 1917 لاستخدامه خلال الحرب العالمية الأولى.

وبحلول سنة 1937، تم توسيع المطار إلى أربعة مدارج، وأصبح طريقًا مهمًا لشركات الطيران الدولية، بما في ذلك البريطانية والهولندية والبولندية، ولكن بشكل خاص للمصريين. وانطلقت أولى رحلات شركة "تي دبليو إيه" الأمريكية عبر المحيط الأطلسي من نيويورك إلى مطار اللد عبر القاهرة في سنة 1946.

وأورد الكاتب أنه عندما اقترح وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، في 26 حزيران/ يونيو 1948 أن يكون مطار اللد الدولي "ميناء مجانيًا" للاستخدام من قبل جميع الأطراف، رفض الاحتلال الإسرائيلي خطته بعد أسبوع. واستولت الدبابات الصهيونية على المطار في 10 تموز/ يوليو 1948. واليوم؛ أصبح اسمه "مطار بن غوريون الدولي" في إسرائيل. واغتيل برنادوت نفسه على يد إرهابيين إسرائيليين في 17 أيلول/ سبتمبر 1948.

وأفاد الكاتب أنه بعد اجتياح الأردن واحتلال الضفة الغربية، استولت إسرائيل على مطار آخر في فلسطين، وهو مطار قلنديا، بالقرب من القدس، والذي بُني في سنة 1925 من قبل الجيش البريطاني وتم تجديده في سنة 1936 من قبل المستعمر ورجل الأعمال اليهودي الأوكراني، بنحاس روتنبرغ، المناهض للثورة البلشفية، والذي وصل إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى.

وواصل روتنبرغ تأسيس شركة الخطوط الجوية الفلسطينية. وبعد سنة 1948، أصبح مطار قلنديا تحت الولاية الأردنية، عندما سيطر الأردن على شرق ووسط فلسطين. وفي سنة 1950، تم تجديده وتوسيعه وإعادة تسميته من قبل الأردنيين باسم "مطار القدس".

اظهار أخبار متعلقة

وبحلول سنة 1955، تم توسيع المدرج الرئيسي للمطار، حيث تم تشييد مبنى جديد كبير وموقف للسيارات في سنة 1960. ورغم كونه أصغر بكثير من مطار عمان الدولي، تم إجراء المزيد من التحسينات في منتصف سنة 1966 على مرافق الركاب، ولكن العمل على المدرج توقف بسبب الاحتلال الإسرائيلي في حزيران/ يونيو 1967.

كان لدى الخطوط الجوية العربية رحلات منتظمة من وإلى مطار القدس الدولي بين سنتي 1950 و1967، لكن كان هناك تحفظ من جانب الخطوط الجوية الغربية لاستخدامه بسبب رفض دولهم الاعتراف بضم الأردن للقدس الشرقية.٠

في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي، أعاد الإسرائيليون تسمية المطار بـ "مطار عطروت"، وقاموا بتوسيعه، لكنهم فشلوا في الحصول على اعتراف دولي بضمهم واستيلائهم على القدس الشرقية، مما يعني أن شركات الطيران الغربية رفضت استخدامه. لذلك تم تحويله إلى الرحلات الداخلية.

لكن الإسرائيليين أوقفوا الرحلات في تشرين الأول/أكتوبر 2000 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال بسبب "مخاوف أمنية". وبحلول سنة 2021، خطط الإسرائيليون لبناء مستوطنة استعمارية يهودية على أرض المطار، لكن ضغوط الولايات المتحدة دفعت الإسرائيليين إلى إلغاء الخطة.

اظهار أخبار متعلقة

وابل من الدمار
وأوضح الكاتب أنه في غضون ذلك؛ قصفت إسرائيل مطار بيروت الدولي في كانون الأول/ ديسمبر 1968، مما أسفر عن تدمير 13 طائرة ركاب مدنية، بلغت قيمتها 44 مليون دولار في ذلك الوقت، بالإضافة إلى الحظائر وغيرها من مرافق المطارات. كما قصفت إسرائيل محيط مطار القاهرة الدولي في سنة 1970 خلال ما يسمى بحرب الاستنزاف مع مصر.

ولكن إسرائيل واصلت حملة استهداف وقصف المطارات العربية؛ في سنة 2001 قصفت مطار غزة الدولي، الذي افتتح سنة 1998 بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون، وأُدرج بند بشأنه في اتفاقية أوسلو الثانية لسنة 1995. وأعيدت تسميته بمطار ياسر عرفات الدولي، ولكنه تحوّل إلى أنقاض بعد أن دمره الإسرائيليون.

وفي سنة 2006؛ قصفت إسرائيل مرة أخرى مطار بيروت الدولي، مما أدى إلى شل حركته. وكان الهجوم جزءًا من القصف الإسرائيلي لبيروت الذي أسفر عن مقتل 50 مدنيًا لبنانيًا.

وبحسب الكاتب؛ تبرر إسرائيل كل هذه الأعمال الإرهابية كجزء من "حقها في الدفاع عن نفسها" ضد التهديدات الأمنية، لكنها تنتهك القانون الدولي من خلال إلحاق الدمار بجيرانها دون توقف.

وأكد الكاتب على أن حملة الإرهاب الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضد مطار دمشق والتي تهدف إلى تقليص المساعدة العسكرية الإيرانية للنظام السوري، ليست سوى أحدث حلقة في سلسلة من الذرائع التي تستخدمها المستعمرة اليهودية منذ سنة 1948.

اظهار أخبار متعلقة

وذكر الكاتب أنه إذا قام أي من جيرانها بقصف مطار بن غوريون بانتظام لوقف سيل الأسلحة الهجومية الذي يرسله رعاتها الأمريكيون والأوروبيون يوميًا، فسيكون ذلك سببًا لاندلاع الحرب العالمية الثالثة.

ومع ذلك، وفق الكاتب؛ فخلال حرب إسرائيل الوحشية على غزة في سنة 2014، هددت صواريخ المقاومة الفلسطينية المجال الجوي الإسرائيلي، مما دفع إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية إلى منع شركات الطيران الأمريكية من الطيران إلى مطار بن غوريون لمدة 36 ساعة، مما أثار حفيظة الإسرائيليين.

لكن في أيار/ مايو 2021، عندما طورت المقاومة الفلسطينية في غزة صواريخ أكثر دقة، تعرض مطار بن غوريون، لأول مرة في تاريخه، لوابل من النيران، مما أجبر إسرائيل على إغلاقه.

واختتم الكاتب مقاله بأنه في حين أن الصواريخ الفلسطينية لم تضرب ما كان يُعرف سابقًا بمطار اللد الدولي في فلسطين، فقد تم الاحتفال بتعطيل الحركة الجوية الإسرائيلية في العالم العربي باعتباره انتقامًا رمزيًا على الأقل لعقود من الإرهاب الإسرائيلي الذي استهدف الطيران المدني العربي.