الكلمة
العليا هي للتنافس في العلاقات بين الدول، ولهذا كان تدريس العلاقات الدولية في
الجامعات الغربية يأتي ضمن دراسة تاريخ الصراعات. ولا يبدو الإطار التعاوني الدولي
سوى مكابح للتخفيف من حدة سرعة التنافسية الدولية في مختلف دول العالم. وتظهر حدة
التنافس بين الفرقاء حين تصل الدول إلى نقطة شديدة من الضعف السياسي أو الاقتصادي
كما يحدث في
لبنان حاليا، وتحديدا في قضيتي تصويت لبنان في الأمم المتحدة وتصريحات
الأمين العام لحزب الله اللبناني
حسن نصر الله مؤخرا.
فقد
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قائمة تضم ست دول من بينها
لبنان ودولة جنوب السودان؛ فقدت حق التصويت في الأمم المتحدة بسبب تأخرها عن سداد
مساهماتها المالية في ميزانية تشغيل الأمم المتحدة. وقد سارعت وزارة الخارجية
اللبنانية إلى إصدار بيان توضح فيه أن لبنان أنجز المراحل الأخيرة لعملية دفع
المستحقات المتأخرة للحفاظ على حقه التصويت.
تصريحات حسن نصر الله التي ينقض فيها حجة القائلين بأن أي تقارب لبناني غربي وإسرائيلي يحقق الرخاء المنشود، مستشهدا بالوضع في مصر قائلا إنها على شفا انهيار اقتصادي وأنها تتمتع بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة ودول الخليج واتفاقية سلام مع إسرائيل، وهذا لم يدفع هذا دول الخليج ولا الولايات المتحدة إلى مساعدتها
من
الناحية الإجرائية فهذه ليست هي المرة الأولى التي تفقد فيها دول عربية أو إسلامية
حق التصويت بسبب تراكم المتأخرات المستحقة للأمم المتحدة، فقد تكرر هذا مع لبنان
واليمن والصومال وحتى إيران قبل ذلك. المفارقة هو أن البند 19 يخول للجمعية العامة
إمكانية السماح للدول المتأخرة عن الدفع بالحفاظ على حقها في التصويت في حال كانت
مخالفاتها نتيجة ظروف خارجة إن إرادتها، وهو ما يعني أن الأمم المتحدة لا ترى
الظرف اللبناني الاقتصادي والسياسي الحالي يقع ضمن هذه الفئة، الأمر الذي يطرح
علامات استفهام حول نظرة هذه المنظمة الدولية للمعاناة الاقتصادية التي تمر بها
لبنان أو أي دولة أخرى.
الحديث
هنا ليس تكرارا لقضية الكيل بمكيالين أو إثبات عجز الأمم المتحدة عن حل أو على
الأقل حلحلة قضايا دولية متعثرة؛ بقدر ما هو استعراض واستشراف لموقع دولة عربية
تمر بأزمة ستكون لها تداعياتها على الدول الأخرى. فغني عن البيان أن لبنان كان ولا
يزال ساحة لكثير من التدخلات الخارجية؛ العربية منها والإسلامية والأجنبية. وليس
أدل على ذلك من تصريحات
حسن نصر الله التي ينقض فيها حجة القائلين بأن أي تقارب
لبناني غربي وإسرائيلي يحقق الرخاء المنشود، مستشهدا بالوضع في
مصر قائلا إنها على
شفا انهيار اقتصادي وأنها تتمتع بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة ودول
الخليج
واتفاقية سلام مع إسرائيل، وهذا لم يدفع هذا دول الخليج ولا الولايات المتحدة إلى
مساعدتها، وذلك في إطار محاولته للشد من أزر اللبنانيين في الأزمة الاقتصادية
الحالية. استفاض نصر الله قليلا في المثال المصري بشكل
دعا الخارجية المصرية للرد
عليه.
أراد نصر الله أن يلقي بالكرة الاقتصادية بشكل كامل في الملعب الخليجي ويذكر بالديون السياسية للبلاد عند دول الخليج، رغم أنه يقف في الجهة المقابلة لهذه السياسات بشكل كامل. وربما انتظر الإشارات الإيجابية من دول الخليج بعد مبادرة الكويت منتصف العام الماضي والتي لم تترجم إلى تحول اقتصادي يذكر في الوضع اللبناني، ولهذا لجأ لهذه اللهجة القاسية مستخدما وضعية مصر
ورغم
أن نصر الله لم يطلب دعما صريحا ماليا من دول الخليج، إلا أنه كان مفهوما بتعريضه
للمثال المصري بأنه يذكر دول الخليج بموقع لبنان ومصر لديها وموقفها من هذين
البلدين. بعبارة أخرى، يذكر دول الخليج بأن هناك مستحقات سياسية اعتادت كثير من
دول الخليج على ترجمتها إلى دعم مالي وأن هذا الدعم مجمد حاليا سواء على لبنان أو
مصر بغض النظر عن الأسباب.
أراد
نصر الله أن يلقي بالكرة الاقتصادية بشكل كامل في الملعب الخليجي ويذكر بالديون
السياسية للبلاد عند دول الخليج، رغم أنه يقف في الجهة المقابلة لهذه السياسات
بشكل كامل. وربما انتظر الإشارات الإيجابية من دول الخليج بعد مبادرة الكويت منتصف
العام الماضي والتي لم تترجم إلى تحول اقتصادي يذكر في الوضع اللبناني، ولهذا لجأ
لهذه اللهجة القاسية مستخدما وضعية مصر الحالية.
ولهذا
ستكون تجربة لبنان وأزمتها الحالية كما كانت دائما ترمومترا للعلاقات العربية-العربية،
وهذه المرة ستكون مؤشرا إن كان سيمكن إنقاذ الوضع الاقتصادي فيه أم لا، سواء عن
طريق شركاء دوليين أم عرب.