تعتزم الحكومة
المصرية طرح أكثر من 20 شركة
(مصانع، بنوك،
شركات) لأول مرة، خلال العام الجاري ضمن برنامج الطروحات التي أعلنت
عنه نهاية العام الماضي، وفق وثيقة سياسة ملكية الدولة للتخارج من قطاعات صناعية
واسعة لصالح القطاع الخاص وتوسيع نشاطه.
وأوضح رئيس الوزراء المصري ، مصطفى مدبولي، في
مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن الطروحات تهدف لتوسيع قاعدة مشاركة المواطنين والقطاع
الخاص في ملكية هذه المؤسسات العامة (من خلال طرحها بالبورصة المصرية)، أو
لمستثمرين رئيسيين (سواء مصريين أو أجانب).
وكذلك إعادة هيكلة الشركات والتوسع في خطوط
إنتاج جديدة ومن ثم زيادة في رأس المال، كون الهدف من الطرح للمستثمر الاستراتيجي
هو زيادة رأس المال الخاص بالشركة القائمة، ومن ثم إضافة فرص عمل، وتوسعة
عملية الإنتاج.
ورغم تأكيد رئيس الوزراء حرص الحكومة على الاتجاه نحو تنفيذ هذه الخطة،
إلا أنه لم يكشف بعد عن الخطة التفصيلية بأسماء الشركات والكيانات التي سيتم طرحها
تباعا خلال العام الجاري 2023، والتي من المتوقع أن تشمل شركات تابعة للجيش.
في غضون ذلك، حذر تقرير مشترك صادر عن منظمتي
"هيومن رايتس ووتش" و"الديمقراطية الآن للعالم العربي"، من أن
اتفاق القرض الجديد الذي أبرمه
صندوق النقد الدولي مع مصر بقيمة ثلاثة مليارات
دولار، يهدد الحقوق الاقتصادية للملايين من الفقراء.
بحسب التقرير، قد يؤدي تركيز البرنامج الشديد
على بيع
الأصول الحكومية إلى خطر الفساد الذي يصب في مصلحة البلدان ذات السجلات
الحقوقية التعسفية. ويُتوقع أن تجمع مصر من بيع أصول مملوكة للدولة قرابة 8
مليارات دولار، معظمها من دول الخليج.
وسيوفر اتفاق القرض لمصر قرابة الثلاثة مليارات
دولار على مدى 46 شهرا، لمساعدة الحكومة في الوفاء بميزانيتها وميزان مدفوعاتها، وسط
التدهور المتسارع للأوضاع الاقتصادية. وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على
القرض في كانون الأول/ ديسمبر 2022، لكنه نُشر علنا في كانون الثاني/ يناير 2023،
ويُتوقع أن يُحفِّز تقديم 14 مليار دولار أخرى من التمويل الأجنبي.
ماذا وراء بيع الأصول
وبشأن جدوى تلك الخطوة لحل الأزمة الاقتصادية
في مصر، رأى خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس، أنها لا تشكل إضافة للاقتصاد
المصري، بل تستقطع من حجم وقيمة أصول الدولة، وقال؛ إن "الدولة تسعى إلى بيع
الأصول بغرض توفير سيولة للوفاء بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي، وهي لا تنظر
إلى العائد الذي توفره تلك الشركات، بقدر ما يعنيها ما سوف تطرحه من أدوات دين في
الأسواق بعد أن تحصل على "التمام" من الصندوق".
إظهار أخبار متعلقة
وأوضح لـ"عربي21"، "أن التزام
مصر مع صندوق النقد يجعلها قادرة على التعاقد مع مؤسسات تمويل دولية، ولا يحدث
تخفيض التصنيف الائتماني لها، كما حدث مع بعض الدول ويتم استرداد مديونية الدولة
من الدائنين، وسوف تستمر عملية البيع طوال السنوات الأربع المقبلة لجمع نحو 40
مليار دولار لسداد أكبر قدر من
الديون".
ووصف خطة الحكومة مع الصندوق
"بالفاشلة"، وتساءل: "ماذا بعد بيع أصول وشركات بقيمة 40 مليار
دولار ، كيف سوف تستطيع الدولة تعويضها، وكيف سوف تستطيع سداد الديون الجديدة بعد
الاستغناء عن الأصول وعوائد تلك الأصول، وهذه حلول مؤقتة وغير مجدية".
وثيقة بيع أصول الدولة
وكان السيسي وافق في 29 كانون الأول/ ديسمبر
الماضي، على وثيقة سياسة ملكية الدولة، المعروفة إعلاميا بـ"وثيقة بيع أصول
الدولة"، وتضع الوثيقة خارطة طريق للحد من دور الدولة (بما فيها القوات
المسلحة) في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص.
بموجب الوثيقة، تخطط الحكومة المصرية للخروج
الكامل من 62 قطاعا، وتثبيت أو تخفيض الاستثمارات في 56 قطاعا، وتثبيت أو زيادة
الاستثمارات في 76 قطاعا أخرى في غضون سنوات قليلة.
وحددت حكومة السيسي مجموعة واسعة من الأصول
الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص، ضمن خطة حكومية لجذب استثمارات بقيمة
40 مليار دولار على مدى السنوات الـ4 المقبلة.
ردود فعل
الخيار المر
وبحسب المستشار الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية
والقيمة المضافة، الدكتور أحمد خزيم، مصر لا تملك خيار التراجع عن بيع الأصول من أجل
توفير 10 مليارات دولار، للوفاء بالالتزامات الخارجية كافة للدائنين، وعلى رأسهم
صندوق النقد الدولي، والأمر ببساطة هو أن البلاد تمر بضائقة مالية وليس أمامها سوى
البيع.
وأضاف لـ"عربي21": "أن نتائج
تلك الخطوة سلبية على الاقتصاد المصري على المدى المتوسط والطويل؛ لأن الدولة
وخزينتها سوف تفقد الإيرادات السنوية لتلك الشركات التي سوف تخرج خارج مصر للملاك
والمستثمرين الأجانب الجدد، وسوف تؤثر على الاقتصاد الكلي مستقبلا، وهذا الحل مؤقت
وليس مستدام، ومن أجل ضمان أموال الدائنين".
إظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "مصر في هذه المرحلة الحرجة، استنفدت كل العوائد الدولارية في اتجاهي تغطية الواردات وسداد الالتزامات؛
ومن ثم ليس أمام الحكومة أي خيار سوى البيع، ولا يوجد اقتراض من الخارج في ظل
الأزمة الحالية وارتفاع كلفة الديون، وهذا الخيار هو الخيار المر".