نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي
بي سي" تحقيقا عن الرتل العسكري الروسي الذي فشل في اقتحام العاصمة
الأوكرانية كييف بعد أيام على بدء الحرب قبل عام من الآن.
وأشار التقرير إلى أن الرتل العسكري كان
بطول 15 كيلو مترا، ويعبر الأراضي الأوكرانية باتجاه كييف، في خطة كانت تسمى
"قطع الرأس".
ولفت إلى أن الرتل تنامى حتى وصل إلى 56
كيلو مترا، وبدلا من تحقيق نصر سريع، تعرقل تقدمه، ثم اختفى بين عشية وضحاها.
وتحدثت "بي بي سي" إلى عشرات
الشهود، منهم جنود، وعاملون في أجهزة المخابرات الوطنية والدولية، ومدنيون،
ومحاربون قدامى، ومتطوعون، وجميعهم شاهدوا الرتل الروسي، أو كان لعملهم علاقة
بتتبعه أو بعرقلته بطريقة أو بأخرى.
اظهار أخبار متعلقة
كما يقول التحقيق إن الفريق الذي عمل
عليه، اطلع على "خرائط ووثائق روسية، تبين خطة سير الرتل المدرع، وتوضح لماذا
كان مصيره الفشل في مهمته بهذا الشكل المذهل المثير".
ونقلت الهيئة عن الجندي من لواء الهجوم الجوي
80 الأوكراني، فلاديسلاف، أن وحدته كانت معسكرة في غابة تشيرنوبل المحظورة،
عندما تقدم الرتل، وأن اللواء قام بتفجير الجسر الذي يربط تشيرنوبل ببلدة يفانكيف،
ما أدى إلى عرقلة الرتل، بسبب الحاجة إلى بناء جسر عائم بديل.
وتظهر إحدى الوثائق الروسية، التي
اطلعت عليها "بي بي سي"، جدولا زمنيا للهجوم الروسي، ينص على التقدم نحو
كييف يوم 24 شباط/ فبراير والوصول إليها بحلول الثالثة عصرا.
وتابع التحقيق بأنه على "المستوى
التكتيكي كان الجنود الروس يفتقرون إلى الطعام والوقود والخرائط. ولم تكن بحوزتهم
أجهزة اتصال مناسبة. لم تكن لديهم ذخيرة كافية. ولم يكونوا مستعدين بشكل كاف
للشتاء القاسي".
اظهار أخبار متعلقة
و"كانت المركبات الروسية المدرعة
مجهزة بإطارات غير مناسبة، ووجدت نفسها محاطة بالثلوج، وهكذا، وقع الروس مباشرة في
حمام من الطين. وتحدث مدنيون بالقرب من بلدة إيفانكيف عن طلب الجنود الروس من
المزارعين الأوكرانيين المساعدة في سحب دباباتهم العالقة في الطين"، بحسب ما
جاء في التحقيق.
وتابع بأن المركبات الحربية الروسية
اضطرت إلى استخدام الطريق المعبد لتجنب الطين، ما أجبرها على التجمع في رتل واحد
طويل.
كما أنه بسبب "محدودية إمكانية الاتصال
بين الكتائب، سرعان ما بدأت آليات ومركبات الكتائب المختلفة كلها في التجمع في
مسار واحد عظيم الامتداد، وكثيف الازدحام".
ونقلت "بي بي سي" عن أحد
الخبراء العسكريين على الأرض قوله: "لا يمكن أبدا التحرك في رتل طويل داخل
منطقة معادية. أبدا، على الإطلاق".
اظهار أخبار متعلقة
وعندما وصل طول الرتل الروسي إلى 56
كيلومترا، كان يضم نحو 1000 دبابة و2400 عربة مشاة ميكانيكية و10000 فرد من
الجنود، إضافة إلى العشرات من شاحنات الإمداد التي تحمل الطعام، والوقود،
والذخيرة.
بعد ذلك، توقف تقدم الروس في شمال
كييف، ونفد منهم الطعام والوقود، كما كانوا قد قللوا من شأن خصمهم عند وضع خطة
الهجوم، بحسب التقرير.
على الجانب الأوكراني، كان المتطوعون
الأوكرانيون في بلدة بوتشا، ومعظمهم من المتقاعدين، يستعدون منذ ثلاثة أيام لوصول
الرتل الروسي، وكان لديهم بعض المدافع الرشاشة، وأقاموا نقاط تفتيش، وأعدوا
القنابل الحارقة.
وعند وصول الرتل، قاتل المتطوعون
القوات الروسية، وهاجموا الدبابات الروسية طوال نحو نصف ساعة بالأسلحة القليلة
التي كانت لديهم.
ونقل التقرير عن أحد المشاركين في القتال،
فولوديمير شيريبين، بأن كتيبة المتطوعين هاجمت الدبابات، وأضرمت النار في مركبتين،
وأبطأت تقدم القافلة كاملة.
وتعرض الرتل العسكري الروسي لمئات
الهجمات وهو يعبر بالقرب من البلدات والقرى في أنحاء المنطقة المحيطة بكييف، سواء
من قبل مدنيين مسلحين بأسلحة محلية الصنع أم من قبل جنود المشاة والمدفعية الآلية.
وأشار التقرير إلى أن الروس اعتمدوا تكتيكات
عسكرية قديمة عفا عليها الزمن، وخرائط تعود إلى الستينات، وتفاجأوا بقرى جديدة
ليست على الخرائط، كما أن بعض القادة لم يكونوا يعرفون تفاصيل العملية العسكرية
كاملة بسبب السرية.
في المقابل، كانت إحدى الخطط التكتيكة
الناجحة التي اعتمدتها المقاومة الأوكرانية هي تفجير الجسور والسدود قبل وصول
الرتل الروسي إليها، وبالتالي إجبار الروس على اتخاذ مسار جديد اعتمادا على
الخرائط القديمة، ووسائلهم المحدودة للاتصال مع قيادتهم العليا، وقد تكررت إصابة
الوحدات الروسية بالشلل بسبب التردد في اتخاذ القرار.
وفي نهاية الأمر، توقف الرتل الروسي
خارج مدينة كييف، تحت ضغط الضربات، بعد أربعة أسابيع، وهُزمت كتيبتان من أضخم
الكتائب الروسية التي لم تنسحب بالقرب من مطار هوستوميل. ودمرت المدفعية
الأوكرانية 370 شاحنة عسكرية مهجورة تركتها القوات الروسية خلفها في قرية
زيدفيزفايفكا.