كشف تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي عن خطأ استراتيجي ارتكبه الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين خلال غزو بلاده لأوكرانيا، الذي شارف على بلوغ عامه الأول.
وأشار التقرير الذي صاغته ليانا فيكس خبيرة شؤون أوروبا بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي وكارولين كاب الباحثة بالمجلس، إلى أن خطأ بوتين يتعلق بسوء التقدير بالنسبة لألمانيا، حيث أن برلين تعتمد اعتمادا كبيرا للغاية على الطاقة الروسية، وضعيفة للغاية عسكريا، وذات عقلية تجارية تحول دون قيامها بأي مقاومة لحربه ضد أوكرانيا. وكان مخطئا في ذلك.
وقالت الكاتبتان إن
روسيا أصبحت في العقد المؤدي لغزو شباط/ فبراير 2022، تشعر بالجرأة بافتراضها أن ألمانيا تقدر مصالحها الاقتصادية فوق كل شيء آخر. وهذه المصالح مرتبطة ارتباطا وثيقا باعتماد ألمانيا الشديد على استيراد الغاز الطبيعي الروسي رخيص الثمن.
وأضافت فيكس وكاب في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أن اعتماد ألمانيا على روسيا استمر بالنسبة للطاقة في التزايد حتى بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم وأشعلت حربا في شرق أوكرانيا عام 2014، مما يبدو أنه تأكيد لتفكير موسكو.
وعندما غزت القوات الروسية أوكرانيا مطلع العام الماضي، كانت روسيا تزود ألمانيا بأكثر من نصف إجمالي الغاز الطبيعي الذي تستهلكه، بقيمة تبلغ نحو 220 مليون دولار يوميا.
وعزز تجنب ألمانيا الراسخ لاستخدام القوة العسكرية، الذي يرجع إلى تاريخها في الحرب العالمية الثانية سوء تقدير روسيا. ففي عام 2014 أكدت أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا في ذلك الوقت أنه ليس هناك حل عسكري للنزاع في أوكرانيا، ورفضت الاقتراحات بأن تقدم ألمانيا مساعدات أسلحة لكييف.
وأكدت وساطة ألمانيا في ما يسمى بصيغة نورماندي في الفترة من 2014 إلى 2022 بينها، وبين روسيا، وأوكرانيا، وفرنسا، انطباع روسيا بأن ألمانيا سوف تعطي الأولوية للدبلوماسية كنهجها الأساسي في السياسة الخارجية. وتوقعت روسيا أنه -في ما وراء الخطاب السياسي والعقوبات الاقتصادية- سوف تذعن ألمانيا في نهاية الأمر للهيمنة الروسية في أوروبا الشرقية.
كما أن تصورات بوتين الخاطئة تعتبر نتيجة لاتصالاته الشخصية العميقة مع ألمانيا. فقد عاش وعمل كضابط للمخابرات الروسية في درسدن لعدة سنوات في ثمانينات القرن الماضي، وشهد الاحتجاجات الجماهيرية التي اتسمت بها الأيام الأخيرة للجمهورية الديمقراطية الألمانية ونهاية حلف وارسو. وهو يتحدث الألمانية بطلاقة.
وفي عام 2001 ألقى خطابا في البرلمان الألماني باللغة الألمانية، وهو أول رئيس روسي يفعل ذلك. كما ارتبط بعلاقات شخصية وثيقة مع المستشار الأسبق جيرهارد شرودر، وبعد أن ترك شرودر منصبه، تم تعيينه رئيسا لمجلس إدارة شركة الطاقة الروسية العملاقة “روسنيفت”. وعزز كل ذلك اعتقاد بوتين بأنه يعرف ويفهم خبايا السياسة الألمانية التي كان يعتقد أن مجال الأعمال يهيمن عليها.
وذكرت فيكس وكاب أن بوتين أكد مرارا وتكرارا على الصلات التاريخية بين ألمانيا وروسيا، مشيرا إلى عقدة الذنب بالنسبة للجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية في الاتحاد السوفيتي وتقدير ألمانيا لموافقة الرئيس الروسي ميخائيل جورباتشوف على تحقيق توحيد سلمي لألمانيا. ووصف بوتين في مناسبات عديدة ضم شبه جزيرة القرم بأنه توحيد، في محاولة لعقد مقارنة بتوحيد ألمانيا عام 1990.
اظهار أخبار متعلقة
وكانت مفاجأة لبوتين، قيام ألمانيا بتغيير سياساتها تماما تجاه روسيا، بما في ذلك فك ارتباطها بالطاقة الروسية بنجاح. وسعت روسيا إلى الإسراع بوضع اللمسات الأخيرة لخط أنابيب نورد ستريم 2 في الشهور التي سبقت الغزو وتعمدت تفريغ خزانات الغاز الألماني التي تمتلكها شركة جازبروم الروسية لزيادة الضغط على ألمانيا.