كانت جولة ذهاب دور الـ16 لدوري
أبطال أوروبا كارثية على الأندية الإنكليزية، إذ خسر توتنهام وتشلسي وليفربول
واكتفى مانشستر سيتي، المرشح القوي لإحراز اللقب، بالتعادل، في حالة نادرة الحصول.
ففي حين باتت كل الأعين على البريميرليغ، كون أنديته الأثري
في العالم، وتملك قوة شرائية تفوق كل نظيراتها في القارة العجوز، مثلما برهن تشلسي
هذا الموسم بنافذتي انتقال فاق مجموع ما أنفقه خلالهما 600 مليون جنيه إسترليني،
فإن التوقع دائما أن تكون هي الأكثر تألقاً وترشيحا للانتصار. لكن لسوء طالع عشاق
الدوري الإنكليزي فان كل أنديته الأربعة المشاركة في دوري الأبطال تعاني هذا
الموسم على الصعيد الشخصي، فتوتنهام يمر بحالة عدم اليقين مع مدربه الإيطالي
أنتونيو كونتي مع نتائج مقبولة لكن بعروض متأرجحة، فيما يخوض تشلسي مرحلة انتقالية
على كل الأصعدة، بدءا من أعلى الهرم بتعيين إدارة جديدة مرورا بكل الوظائف
الإدارية والتدريبية، وصولا إلى مدرب جديد وما لا يقل عن 18 لاعباً جديداً، كله
ساهم في حالة اضطراب مذهلة، يدفع ثمنها حالياً المدرب غراهام بوتر ككبش فداء على
النتائج الكارثية والمتعسرة التي يحققها الفريق، فيما يمر لاعبو السيتي في حالة
تشبع وسكون أغضبت مدربه بيب غوارديولا الذي بات يدخل التغييرات على تشكيلاته
المتعاقبة بحثاً عن النيران الكامنة والشهية والرغبة التي فقدهما غالبية نجومه منذ
العودة من المونديال، ما قاد تلقائياً إلى التخلي عن ظهيره المتألق جواو كانسيلو إلى
بايرن ميونيخ كنوع من التحذير لبقية نجومه.
لكن أكثر المخيبين الإنكليز هذا الموسم ليس سوى
ليفربول،
الذي عانى من نتائج ما بين سيئة وكارثية قادته إلى خارج مسابقتي الكأسين
المحليتين، وجعلته يحتل وسط جدول الدوري قبل التعافي في آخر جولتين، لكن ما حصل
ليلة الثلاثاء الماضي في الخسارة الكارثية في «انفيلد» أمام ريال مدريد 2-5، كسر
كل الحواجز والخطوط الحمر، لما قد يعتبر مقبولاً، أو حتى كبوة عابرة، فالفريق تلقى
5 أهداف للمرة الأولى في تاريخه على أرضه في مسابقة أوروبية، بل أصبح أول فريق في
المسابقة الأوروبية يتقدم بهدفين ثم يخسر في النهاية بفارق ثلاثة أهداف، كما ترسخت
عقدته أمام النادي الملكي، حيث أخفق في تحقيق أي انتصار عليه في المواجهات السبع
الأخيرة، لكن ما سبب هذه الخيبة المفاجئة لفريق كان على بعد ستة أيام ومباراتين من
تحقيق رباعية تاريخية الموسم الماضي؟
من السهل اللجوء إلى الأسباب النفسية واعتبارها محرضاً على
هذه الإخفاقات، على غرار انه الموسم السابع تحت إدارة المدرب يورغن
كلوب، حيث عانى
فريقاه السابقان ماينز وبوروسيا دورتموند الألمانيان في الموسم السابع تحت إدارة
كلوب، أو أن اللاعبين تشبعوا من أسلوب اللعب بوتيرة عالية ومرهقة، أو ما يردده
البعض عن أن بيع النجم السنغالي ساديو ماني قاد إلى هذا الهبوط الحاد في النتائج
والعروض، لكن الواقع أن عوامل عدة لعبت دوراً في هذا المنحى الهبوطي، أولها الإصابات
الكثيرة والمتكررة، بل الممتدة منذ الموسمين الماضيين، ففي حين أنها ليست بسوء
الموسم قبل الماضي عندما أصيب 12 لاعباً في فترة واحدة، لكنها هذا الموسم أصابت
عدداً من المؤثرين على غرار المهاجمين لويس دياز وديوغو جوتا وفيرمينو والمدافعين
فان دايك وكوناتي وماتيب ولاعب الوسط ألكانتارا، مع هبوط في المستوى لفابينيو
والقائد هندرسون والظهيرين روبرتسون وترينت ألكسندر أرنولد، عدا عن تشبع هؤلاء
بفكر المدرب، بل لم ينجح الصغار أمثال كارفاليو وايليوت وجونز ورامزي في البروز
لسد حاجات الفريق، ما يقودنا تلقائياً إلى عقلية كلوب المتعنتة والرافضة لأي
تغيير، فهو أحادي التفكير ولا يملك من المرونة التكتيكية ما يكفي لجعله يتخلى عن
التكتيك المعتاد والخطة التي لا تتغير 4-3-3، والأسلوب المعروف بالضغط العالي
والسريع، فهو يعلم أن لديه مشاكل في خط الوسط تمنع هندرسون وفابينيو من القيام
بدور الضاغط لقطع الكرات من الخصوم، مثلما يعلم أن موهبة مثل الظهير أرنولد يجيد
المساندة الهجومية والتمريرات الدقيقة لكنه لا يجيد الدفاع، ومع ذلك يصر على
اعتماد نفس التكتيك حتى وهو لا يملك الأدوات، وكنت دائماً أتمنى لو يجري تجربة
تكتيكية أخرى في خضم العروض البائسة والنتائج السلبية، كاعتماد خطة 3-4-3، خصوصا أن
فان دايك لم يعد هو نفس المدافع الخارق فيمنحه المساندة، ومنها يعفي أرنولد من
تحمل أعباء الدفاع ليركز على الشق الهجومي، وأيضا سيعتمد على لاعبي وسط اثنين بدل
ثلاثة، وهو الذي اعترف أنه أخطأ بعدم ضم لاعب وسط في الانتقالات الصيفية، بالإضافة
إلى أن هذه الخطة ستمنح ثلاثي الهجوم اللعب بمسافات متقاربة في ظل وجود ظهيرين
يلعبان كجناحين. كما لم تساهم محدودية قدرات الإدارة الأمريكية في توفير ما يحتاجه
الفريق، مقارنة بما تفعله إدارات الأندية الأخرى، رغم ضم المهاجم داروين نونييز
وخاكبو.
ليفربول «لن يسير وحيداً»، لكنه قد يضطر إلى التوقف
والتفطن والتفكير بما يعيقه عن الجري.