ما الذي يجعلنا "أعضاء صالحين" في المجتمع؟.. استطلاع رأي يجيب

أجرى مركز "بيو" الشهير للأبحاث، استطلاعا للرأي، في بلدان الاقتصادات المتقدمة، سأل فيها المواطنين هناك عمّا يجعل المواطن عضوا جيدا وصالحا في المجتمع، ارتكازا على عدة سلوكيات اقترحها المركز.

وقال معظم سكان هذه البلاد الـ 19 إن المشاركة في الانتخابات والتصويت، هي أول العوامل التي تجعل الإنسان صالحا في مجتمعه، يأتي بعدها العمل من أجل الحد من التغيرات المناخية، وتلقي لقاح كورونا، وقال عدد أقل إن المشاركة في الشعائر والطقوس الدينية يعتبر مهما.

وعبر الدول التي شملها الاستطلاع، قالت 91٪ في المتوسط أن التصويت أمر مهم، و73٪ يعتبرونه مهما للغاية، وجاءت النسبة بين 52% في بولندا، ارتفاعا إلى 90% في السويد.



ومع ذلك، فإن التصويت ليس العنصر الوحيد للمواطنة الصالحة. حيث يُنظر أيضًا إلى اتخاذ خطوات لتحسين البيئة وتعزيز الصحة العامة على أنه أمر حتمي، وتصف نسبة كبيرة اتخاذ الخيارات للحد من تغير المناخ العالمي، والحصول على لقاح ضد فيروس كورونا على أنه أمر بالغ الأهمية.

اظهار أخبار متعلقة

ويعتقد المشاركون في الاستطلاع أيضا أن المواطن المسؤول يجب أن يكون على علم بالشؤون الجارية حوله، ويقول ثمانية من كل عشرة إنه من المهم متابعة الأحداث الجارية في البلدان الأخرى، ومواكبة السياسة في بلادهم.

وتعتقد أغلبية أيضًا أن العضو الجيد في المجتمع يجب أن يكون على استعداد للنزول إلى الشارع عندما تكون هناك قضايا مهمة على المحك.

وفي المعدل، قال 57% إنه من المهم الانضمام إلى المظاهرات حول القضايا المهمة، بينما قال 22% إن الاحتجاج "أمر مهم للغاية".

أما حضور الشعائر والطقوس الدينية، فقد قال عدد قليل إنه أمر أساسي للمواطنة الصالحة، بمعدل 41% من المستطلعة آراؤهم، وجاءت النسب متباينة جدا بين البلدان حيث وافق على ذلك 4% فقط في اليابان، و6% في السويد، و7% في أستراليا، بينما في ماليزيا قال 55% إنه أمر مهم للمواطن الصالح.

وفي الولايات المتحدة ، يعتقد 22% أن حضور الشعائر الدينية أمر مهم جدًا لتكون عضوًا صالحًا في المجتمع. وبين الإنجيليين البيض قال 49% ذلك.

اختلافات واضحة

إلى جانب الاختلافات بين الدول، فإن هنالك اختلافات أيضا في المجموعات المختلفة في الدولة الواحدة، على سبيل المثال، وهنالك اختلافات أيديولوجية  حول أهمية اتخاذ خطوات من أجل مكافحة تغير المناخ العالمي، حيث يرجح أن يقول اليساريون ذلك أكثر من اليمين المحافظ.

في الولايات المتحدة، يقول 66% من الليبراليين إن اتخاذ خطوات من أجل التقليل من تأثيرات تغير المناخ أمر مهم لتكون عضوا صالحا في المجتمع، بينما يقول 19% من المحافظين ذلك.



وفي العديد من الدول، يوافق المنتمون إلى اليسار على أن للمشاركة في التظاهرات قيمة مهمة، فيما يميل عدد أكبر من اليمين إلى القول بأن حضور الطقوس والشعائر الدينية أمر مهم.

ويعتبر العمر أيضًا أحد الخطوط الفاصلة الرئيسية في بعض البلدان. بشكل عام، من المرجح أن يعتقد كبار السن أن على العضو الصالح في المجتمع أن يشارك في التصويت، والحصول على لقاح كورونا، ومتابعة الأخبار المحلية والدولية، بينما يقول الشباب بنسبة أكبر من غيرهم إن الاحتجاج جزء مهم من المواطنة الصالحة.

على جانب آخر، وفي جميع البلدان تقريبًا، تفكر النساء أكثر من الرجال في اتخاذ خيارات لتقليل آثار تغير المناخ مهمة لتكون عضوًا صالحًا في المجتمع. على سبيل المثال، يتبنى هذا الرأي 71% من النساء السويديات، مقارنة بـ 49٪ من الرجال السويديين.

التصويت في الانتخابات

تعتقد أغلبية الكبيرة في كل دولة شملها الاستطلاع أنه من "المهم" التصويت في الانتخابات لتكون عضوًا جيدًا في المجتمع، بواقع سبعة من عشرة في معظم البلدان.

في حين أن ما يقرب من النصف أو أكثر لا يزالون يقولون إن التصويت "مهم جدًا" في بولندا وبلجيكا.
وفي كل بلد تقريبًا شمله الاستطلاع، من المرجح أن يقول الأشخاص الذين يدعمون الحزب الحاكم أو الائتلاف الحاكم أنه من المهم جدًا التصويت لكي تصبح مواطنًا صالحًا مقارنة بأولئك الذين لا يدعمون الحزب الحاكم أو الائتلاف الحاكم.

كما أن الأشخاص الذين يعتقدون أن نظامهم السياسي يمنحهم قدرًا كبيرًا أو قدرًا معقولًا من التأثير على السياسة يميلون إلى القول إن التصويت ضروري ليكونوا مواطنين صالحين أكثر من أولئك الذين يعتقدون أن لديهم قدرة ضئيلة أو معدومة على التأثير في السياسة.

في فرنسا، على سبيل المثال، يصف 84% ممن يعتقدون أن لديهم كفاءة سياسية التصويت بأنه "مهم للغاية"، مقارنة بـ 75% لمن قالوا إنهم لا يستطيعون التأثير على حكومتهم كثيرًا.

وفي معظم البلدان، من المرجح أن يقول أولئك الذين يشعرون بالرضا عن الديمقراطية في بلادهم إن التصويت "مهم للغاية". على سبيل المثال، في هولندا، قال 81% ممن يرضون عن العملية الديمقراطية في بلادهم إن التصويت مهم جدًا لتكون عضوًا جيدًا في المجتمع، مقارنة بـ 58% من أولئك غير الراضين عن الديمقراطية في البلاد.

ومن ناحية العمر، فإنه يرجح أن يقول كبار السن أكثر من الشباب أنهم من المهم جدا التصويت لكي يكونوا مواطنين صالحين، حيث قال 82% ممن أعمارهم فوق 50 أنهم أمر "مهم جدا"، فيما قال 64% ذلك للأعمار بين 30 و49 عاما، و47% فقط لمن هم دون الثلاثين من العمر.

وعلى المستوى التعليمي، قال الأشخاص ذوو المستويات التعليمية الأعلى إن التصويت مهم ليكونوا أعضاء صالحين، مقارنة بمن هم في مستويات أقل.

آثار التغير المناخي

قال ما معدله الثلثين أو أكثر أحيانا في البلدان التي شملها الاستطلاع إن اتخاذ الخيارات التي تساعد في الحد من آثار تغير المناخ العالمي أمر "مهم إلى حد ما" لتكون عضوًا جيدًا في المجتمع.

وجاءت النسبة الأعلى في إسبانيا وإيطاليا، والمملكة المتحدة، في القول إن المساعدة في تقليل آثار تغير المناخ "أمر مهم للغاية" لتكون عضوًا جيدًا في المجتمع.

وفي ثلثي البلدان، قال أولئك الذين ينتمون أيديولوجيا إلى اليسار، أن اتخاذ خيارات للمساعدة في تقليل آثار التغير المناخي "أمر مهم للغاية" لتكون مواطنا صالحا، أكثر من أولئك الذين ينتمون لليمين المحافظ، بنسبة 66% مقابل 19% على الترتيب.

وتولي النساء أهمية أكبر لاتخاذ خطوات للحد من تغير المناخ أكثر من الرجال في 16 دولة من البلدان التي شملها الاستطلاع.

لقاح كورونا

تقول غالبية في الدول التي شملها الاستطلاع، إنه من "المهم إلى حد ما" الحصول على لقاح فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، لتكون عضوا صالحا في المجتمع، وهنالك اختلاف كبير حول من يقول إنه أمر "مهم جدا"، حيث يقول سبعة من كل عشرة بأن الأمر مهم جدا في سنغافورة، والسويد، وإسبانيا، وأربعة من كل عشرة أو أقل في فرنسا، وكوريا الجنوبية، والمجر، وبولندا، على سبيل المثال.

ويرتبط العمر ارتباطا وثيقا بالرأي حول أهمية الحصول على اللقاح، ويميل كبار السن فوق الـ50 عاما إلى القول بأنه أمر "مهم جدا" لتكون مواطنا صالحا بنسبة 70% من المستطلعة آراؤهم.

فيما يقول الأقل سنا بين 30 و 49 عاما ذلك بنسبة 30% فقط، أما تحت الـ 30 عاما فكانت النسبة 32% فقط.

وتلعب الانتماءات الحزبية أيضًا دورًا قويًا في ما إذا كان الناس يعتقدون أن التطعيم أمر بالغ الأهمية ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع. وكان من المرجح أن يقول أولئك الذين يدعمون الحزب أو الائتلاف الحاكم، أنه من "المهم جدًا" أكبر من أولئك الذين لا يدعمون الأحزاب.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يأتي الاختلاف الأكبر، حيث يعتقد 64% من الديمقراطيين، والمستقلين من ذوي الميول الديمقراطية، إن اللقاحات ضد كورونا مهمة للغاية، مقارنة بـ 20% فقط من الجمهوريين، وذوي الميول الجمهورية.

مواكبة السياسة

يقول ما لا يقل عن ثلاثة أرباع البالغين في كل دولة شملها الاستطلاع، إن متابعة الأمور السياسية في بلدهم أمر "مهم" لتكون عضوًا جيدًا في المجتمع. وفي سبع دول، وتقول الأغلبية إن مواكبة السياسة الداخلية هي سمة "مهمة جدًا" للأعضاء الجيدين في المجتمع، وهذا الرأي شائع بشكل خاص في اليابان وكوريا الجنوبية.

وفي 15 دولة من أصل 19 دولة شملها استطلاع، يولي مؤيدو الحزب أو الائتلاف الحاكم أهمية للوعي السياسي أكثر من غير المؤيدين.

وفي بعض البلدان، يلعب العمر دورًا أيضًا. في الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وسنغافورة، ومن المرجح أن يقول أولئك الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو أكثر إن مواكبة السياسة في البلاد أمر "مهم جدًا" ليكونوا أعضاء جيدين في المجتمع.

المشاركة في التظاهرات

 يعتقد معظم المستطلعة آراؤهم في المتوسط أن المشاركة في التظاهرات حول القضايا المهمة هو جزء من كونك عضوا جيدا في المجتمع، وهناك بالطبع خلافات عدة حول المسألة.

ويقول 57% من المشاركين في الاستطلاع إنه أمر "مهم إلى حد ما"، بينما يقول أربعة من كل عشرة في العديد من البلدان إنه أمر "ليس مهما جدا"، أو "ليس مهما على الإطلاق".

في إسبانيا قال نصف الجمهور إنه من "المهم جدا" أن تشارك في التظاهرات من أجل أن تكون عضوا إيجابيا في المجتمع، ويقول ذلك الثلث في اليونان، وإيطاليا، ألمانيا، وفرنسا.

ويميل اليساريون إلى القول بأن المشاركة في التظاهرات أمر مهم جدا، مقارنة بأولئك الذين ينتمون إلى الوسط، واليمين المحافظ.

وفي عدد من البلدان، يرى الشباب أنه من المهم جدا المشاركة في التظاهرات، لكي تكون مواطنا صالحا، فيما تقل النسبة عند كبار السن فوق الـ50 عاما.

حضور الشعائر الدينية

لا يرى معظم المشاركون في الاستطلاع أن حضور الشعائر الدينية أمر ضروري جدا لتكون مواطنا صالحا، وتصف أقلية فقط حضور الشعائر الدينية أمرا مهما، جاءت النسبة الأعلى في ماليزيا بنسبة 55% فيما تقل في باقي البلدان تدريجيا، في سنغافورة 29% وبولندا 20%.



وتنحدر النسبة في معظم البلدان، يقول ذلك 7% في أستراليا، و6% في السويد، و4% في اليابان.
وتختلف الآراء أيضا باختلاف الديانة، أو المعتقد، ففي كوريا الجنوبية مثلا يقول المسيحيون إنه أمر مهم جدا بنسبة 23% بينما البوذيون يرون ذلك بنسبة 9% فقط.

في سنغافورة يقول 54% من المسلمين إنه أمر مهم أن تحضر الشعائر الدينية لتكون مواطنا صالحا، بينما المسيحيون جاءوا بنسبة 46%، والبوذيون بنسبة 19% فقط.

وفي ماليزيا، نجد نفس النمط العام، بين المسلمين 62% والمسيحيين 56%، والبوذيين 26%.

وفي الولايات المتحدة وكندا وهولندا والمملكة المتحدة وأستراليا، يميل البروتستانت إلى القول إن حضور الشعائر الدينية مهم جدًا ليكون المرء عضوًا جيدًا في المجتمع أكثر من الكاثوليك.

ويختلف البروتستانت أيضًا على أساس العرق وما إذا كانوا يعتبرون إنجيليين، حيث من المرجح أن يقول الإنجيليون البيض بنسبة 49% إن الحضور "مهم جدًا"، أما البيض غير الإنجيليين فكانت النسبة 17%، والبروتستانت السود 36%.

ويرى كبار السن، الذين يميلون أيضًا إلى أن يكونوا أكثر تديناً في معظم البلدان أن الحضور الديني أكثر أهمية لتكون عضوا جيدا في المجتمع.