حالة من القلق والخوف يعيشها
نشطاء سعوديون مسجونون في الخارج، خشية تسليمهم إلى سلطات بلادهم، في أعقاب حوادث مماثلة سابقة جرى فيها
تسليم نشطاء.
ويقول هؤلاء إنهم سيتعرضون لتعذيب وإخفاء قسري، ولن يتمكنوا من التواصل مع العالم الخارجي، في حال تسليمهم إلى السلطات
السعودية، مؤكدين أن شواهد عدة تعزز مخاوفهم.
ويخشى المعارض السعودي عبد الرحمن الخالدي من تسليمه إلى بلاده مثل نشطاء آخرين اقتيدوا إلى المملكة رغما عن إرادتهم قبل أن يختفي أثرهم.
وقال الخالدي من زنزانته في بلغاريا لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف: "في حال الترحيل، سوف أتعرّض للتعذيب والسجن الطويل كوني عملت مع المعارضة لسنوات".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع الشاب البالغ 29 عاما والأب لطفلين، بالقول إن "هذا مصير تعرّض له زملائي الآخرون الذين كانوا على تواصل مع المعارضة أو عملوا معها أو طرحوا آراءهم علنا".
وازدادت مخاوف الخالدي ومعارضين سعوديين آخرين ممن غادروا السعودية بعد انتقادهم سياسات بلادهم، بعد الترحيل المفاجئ الشهر الماضي للشاب السعودي حسن آل ربيع الذي كان يقيم بشكل مؤقت في المغرب.
ومذاك، لم ترد أي أخبار عن آل ربيع المنتمي لعائلة شيعية ناشطة سياسيا، والذي يواجه اتهامات من السلطات السعودية بـ"التنسيق مع إرهابيين". وهو ما تنفيه أسرته.
ودفع آل ربيع ثمن عدم حصوله على لجوء سياسي أو جنسية بلد أخرى كان يمكن أن يدافع عنه، وفق ما يقول المدير القانوني في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحجي من برلين.
ويُعتبر هؤلاء الأشخاص "فئة مستضعفة تقع دائما فريسة لمخاطر الترحيل"، ومن بينهم الخالدي الذي قد يواجه المصير نفسه.
وقال حجي: "الناشط والمعارض السعودي في الخارج ينتابه شعور دائم بالملاحقة".
ونشط الخالدي سياسيا في بلاده قبل وصول الملك سلمان للسلطة في 2015، ثم تعيين الأمير محمد وليا للعهد بعدها بعامين، وخلال فترة الاحتجاجات النادرة التي شهدها شرق السعودية حيث تتركز الأقلية الشيعية، إبان فترة الربيع العربي في 2011.
لكنّه غادر السعودية في 2013 خشية توقيفه قبل أن يستقر في تركيا حيث شاهد السعودية تتعقّب نشطاء بازرين في الخارج، ومن بينهم الحقوقية لجين الهذلول التي أوقفت في الإمارات في آذار/ مارس 2018، وأجبرت على العودة إلى السعودية وأمضت أكثر من سنتين في السجن.
اظهار أخبار متعلقة
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول على أيدي عملاء سعوديين. وخلص تقرير من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الى أنّ ولي العهد "أجاز" قتل خاشقجي، وهو ما تنفيه السلطات السعودية.
ودان القضاء الأمريكي العام الماضي موظفا سابقا في شركة "تويتر" بالسجن بتهمة تجسسه لحساب السعودية وتسريب بيانات معارضين سعوديين، الأمر الذي يهدّد أمن العديد من النشطاء ومن بينهم الخالدي.
ومع انتهاء صلاحية جواز سفره، فقد اضطر الخالدي لمغادرة تركيا في 2021 في رحلة على الأقدام عبر الغابات إلى بلغاريا، للحصول على حماية في الاتحاد الأوروبي.
لكنّ السلطات البلغارية رفضت في أيار/ مايو الماضي منحه اللجوء السياسي بسبب عدم قدرته على إثبات أنه سيتعرّض للاضطهاد في بلاده، وفق ما أكدّ عضو في فريق الدفاع عنه فضّل عدم ذكر اسمه.
وينتظر الخالدي حاليا قرارا نهائيا حول ترحيله للرياض.
لا يوجد إحصاء دقيق لأعداد الناشطين السعوديين في الخارج، لكن نشطاء ومحامين سعوديين أفادوا بأنهم يتركزون في ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وإنجلترا.
وارتفعت أعداد طالبي اللجوء السعوديين بشكل كبير في دول الاتحاد الأوروبي بعد وصول الملك سلمان الى سدة الحكم.
وسجّل التكتل 15 طلب لجوء سعودي في 2013 و40 طلبا في 2014، بحسب بيانات الوكالة الأوروبية للجوء.
اظهار أخبار متعلقة
لكنّ الرقم قفز إلى 130 في 2017، وهو رقم قياسي سُجّل مجددا في 2022، وحتى الذين حصلوا على اللجوء لا يزالون يشعرون ببعض الخوف.
وأوضح نشطاء وحقوقيون سعوديون مقيمون في الخارج أنّهم يتجنبّون حتى "المرور" في دول عربية خشية توقيفهم وتسليمهم، كما حدث لآل ربيع.
وقال نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية عادل السعيد: "لا أحد يغامر بالمرور" عبر الدول العربية.
وذكر نشطاء سعوديون أنهم يرفضون باستمرار دعوات لحضور مؤتمرات حقوقية تعقد في بلدان عربية أكثر حرية مثل لبنان وتونس، لتجنّب تسليمهم للرياض.
وترى لينا الهذلول، رئيسة قسم التواصل في مؤسسة " القسط" لحقوق الإنسان ومقرها لندن، أنّ اللجوء السياسي أو الجنسية الثانية توفّران "طبقة حماية" للمعارضين.
لكنّها تضيف أنه "مع الأخذ في الاعتبار تأثير السعودية ونفوذها على بعض الدول، فهي ليست حماية مضمونة".
وتتهم مجموعات حقوقية ولي العهد البالغ 37 عاما والذي يعتبر الحاكم الفعلي لبلاده، بقمع الحريات السياسية، علما بأن حملة إسكات
المعارضين تترافق مع حملة انفتاح وإصلاح اجتماعي طموحة تشمل الاستثمار في قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة وإقرار حقوق وحريات أوسع للنساء، وعلى رأسها الحق في العمل وقيادة السيارات.