تقوم جهة تطلق على نفسها "أيقونة الثورة" بنشر وثائق لجنة
التحقيق في اغتيال الرئيس ياسر
عرفات وآخر ما نشرته هذه الجهة بتاريخ 15 مارس / آذار
خلاصة هذه الوثائق التي تبين كيف تم اغتيال عرفات ولائحة اتهام ضمت ستة أشخاص.
لا أحد على الإطلاق يشكك في صحة الوثائق المنشورة التي احتوت على
محاضر تحقيقات مع شخصيات سياسية وأمنية عملت مع الراحل ياسر عرفات منذ زمن طويل،
فتوفيق الطيراوي رئيس اللجنة أقر بصحتها في لقاء له مع قناة "الميادين"
قائلًا: إن هناك من استطاع الوصول إليها بقرصنة حواسيب اللجنة.
على الرغم من الأدلة الكثيرة التي تشير إلى أن الرئيس عرفات قتل
بالسم، إلا أن أجهزة السلطة لم تتخذ أي إجراء وتجاهلت القضية برمتها ودفن عرفات
ودفن معه سر مقتله، وبعد ست سنوات من
وفاة الرئيس عرفات استيقظ حزب السلطة وقررت
اللجنة المركزية لحركة فتح تشكيل لجنة للتحقيق في وفاته بتاريخ 19/9/2010 وقد أعطى
تحقيق صحفي بثته قناة الجزيرة بتاريخ 3/7/2012 بعنوان "ماذا قتل عرفات؟"
زخمًا للتحقيق حيث أكد المختصون السويسريون بالفيلم أنه عثر على كميات غير عادية
لمادة البولونيوم في مقتنيات ياسر عرفات.
فيلم الجزيرة أثار ضجة كبيرة، وأجبر لجنة التحقيق على اتخاذ قرار
باستخراج جثمان عرفات وأخذ عينات، وقد عهد بهذه المهمة لفريقين منفصلين أحدهما
سويسري والآخر روسي، وبعد عام خرجت نتائج الفحص المخبري الذي أجراه الفريق
السويسري والتي قالت إن الرئيس عرفات قتل عن طريق وصول مادة البولونيوم إلى جسده
وبقي السؤال: ما هي الأداة التي استخدمتها إسرائيل لتنفيذ المهمة؟
محاضر التحقيقات تبرز الدور الذي لعبته قيادات حالية في
السلطة في عزل الرئيس ياسر عرفات وتصفيته سياسيًا وعقد
اجتماعات سرية في مكان أطلق عليه "عمارة العار" في رام الله وكذلك عقد
لقاءات مع شارون وابنه عمري دون علم الرئيس عرفات.
وعلى الرغم من أن الوثائق تحتوي على معلومات خطيرة، وانتشرت على نطاق
واسع وهي في متناول الجميع إلا أنها لم تهز شعرة في قبيلة فتح وكأن هذا الكائن
الذي اسمه ياسر عرفات والذي شغل العالم لعقود وله مكانته عند الشعب
الفلسطيني لا
يمثل لهم شيئًا.
فلا القاعدة الفتحاوية تحركت وتساءلت عما يحدث، ولم نسمع أن المجلس
المركزي أو الثوري عقد اجتماعًا واحدًا لمناقشة هذه الوثائق بعد أن أصبحت علنية
وطرحت تساؤلًا مهمًا لماذا توقف عمل اللجنة ولم تتابع مهامها في نشر خلاصات
التحقيق بشكل رسمي؟!
إن التوصل إلى نتائج حاسمة في قضية اغتيال ياسر عرفات أمر بالغ الأهمية فأولًا من حق الراحل وعائلته أن يحصلوا على عدالة من خلال فضح ومحاسبة الجناة، وثانيًا فإن كشف الحقيقة سيشجع الشرفاء في حركة "فتح" على إجراء مراجعات داخلية لتنقية الصف الداخلي بحيث لا يُسمح لمن شارك بالاغتيال أن يستمر في قيادة الشعب الفلسطيني خصوصًا أن أحد المشتبه بهم وهو حسين الشيخ يسوّق نفسه على أنه خليفة لعباس، وثالثًا استشرافًا للمستقبل بحيث لا يسمح بتكرار مثل هذه الجريمة.
ألهذا الحد دماء شخص بوزن ياسر عرفات رخيصة؛ لقد حدث أن سمم بنفس
المادة معارضون روس في بريطانيا، وبقي الأمر حيًا يتصدر عناوين الصحف حتى وصول التحقيقات
إلى نتائج مهمة وتوجيه اتهامات لأشخاص على صلة بالرئيس بوتين، وأُنتج عن الجريمة
أفلام وثائقية تبين بالتفصيل كيف حدثت الجريمة.
إن من يطلع على هذه الوثائق سيصاب بصدمة شديدة، فمن سوء طالع الشعب
الفلسطيني أنه ابتلي بقيادة مقسمة على أجهزة مخابرات إقليمية ودولية فمنهم من
يتعاون مع الإسرائيلي ومنهم من يتعاون مع الأمريكي ومنهم من يتعاون مع الروسي
ومنهم من يتعاون مع المصري وفي المجمل يتآمرون على بعضهم، والخاسر الوحيد هو الشعب
الفلسطيني.
إن التوصل إلى نتائج حاسمة في قضية اغتيال ياسر عرفات أمر بالغ
الأهمية فأولًا من حق الراحل وعائلته أن يحصلوا على عدالة من خلال فضح ومحاسبة
الجناة، وثانيًا فإن كشف الحقيقة سيشجع الشرفاء في حركة "فتح" على إجراء
مراجعات داخلية لتنقية الصف الداخلي بحيث لا يُسمح لمن شارك بالاغتيال أن يستمر في
قيادة الشعب الفلسطيني خصوصًا أن أحد المشتبه بهم وهو حسين الشيخ يسوّق نفسه على أنه خليفة لعباس، وثالثًا استشرافًا
للمستقبل بحيث لا يسمح بتكرار مثل هذه الجريمة.
لقد أجاب المخبر السويسري عن تساؤل "ماذا قتل عرفات؟"،
واليوم الوثائق التي نشرتها أيقونة الثورة تجيب عن تساؤل من قتل ياسر عرفات؟
بالطبع هذه الإجابة ليست حاسمة وبقي أن تتلقف جهة قضائية نزيهة الملف لتجري
التحقيقات اللازمة مع المشتبه بهم وتبين للشعب الفلسطيني والعالم أجمع من قتل ياسر
عرفات.
الحيثيات التي وردت في الوثائق تشير إلى أن الرئيس محمود عباس ارتكب كل
الموبقات للتخلص من ياسر عرفات، حيث قام بعزله إقليميًا ودوليا بتهم الإرهاب
وعندما بثت الجزيرة برنامجها اعتبر الأمر "فرقعة إعلامية"، وهو الذي لم
يتخذ أي إجراء لمدة ست سنوات للتحقيق في وفاة عرفات إلا بعد تدخل اللجنة المركزية
التي قررت تشكيل لجنة عام 2010 وحسب الوثائق قام عباس بعرقلة عمل اللجنة ولم يصرف
لها الميزانيات اللازمة وضغط على النائب العام حتى لا يتعاون معها.
فيما يتعلق بالأداة التي استخدمت لحقن الرئيس عرفات بمادة البولونيوم
تشير الوثائق إلى أن الطبيب سعيد درّس "الطريفي" هو من نفذ، وللتعبير عن
ندمه كان يقوم يوميًا كل صباح بزيارة قبر عرفات ويبكي عليه وبعد أن سلطت عليه
الأضواء وجد في شقته مصابًا بجراح خطيرة توفي على إثرها في المشفى وكان ذلك بعد
خمسة أشهر من وفاة عرفات.
وتشير الوثائق إلى أن حسين الشيخ ابن خال سعيد درّس هو من أدخله إلى
المقاطعة بمساعدة عباس لعلاج عرفات على الرغم من وجود أطباء أسنان يعالجونه، كما
قام حسين الشيخ بعد وفاة درّس بإخفاء ملفه الطبي.
وفي شهادتها أمام لجنة التحقيق قالت زوجة طبيب الأسنان نجوى ناصر أن
زوجها كان نادمًا على ما فعله واستخدامه كأداة لقتل عرفات وكان ينوي قبل تصفيته
الخروج للإعلام وكشف الحقيقة كاملة.
ووفقا للوقائع والحيثيات وحسب محاضر استجواب الشهود فإن المشتبه بهم
في قتل عرفات كثر ولا يمكن حصرهم في ستة أشخاص ولحصر المشتبه بهم فإن الأمر يحتاج
إلى هيئة قضائية تقوم بعملها بشكل شفاف ونزيه.
يا أبناء قبيلة "فتح" ما حدث لعرفات على أيدي ثلة خائنة
يلقي بظلاله على واقع الصراع مع الاحتلال الذي تحول إلى تعاون أمني مقدس ومكاسب
ومراكز قوى منتفعة من معاناة الفلسطينيين، في كل يوم وبتعاون من قيادة المقاطعة
يغيب المناضلون الشرفاء في السجون وتحصد آلة القتل الإسرائيلية أرواح خيرة شباب
فلسطين.
يا أبناء القبيلة والعشيرة، أبناء الطلقة الأولى، أبناء أبو جهاد
وأبو إياد: إن إعادة بوصلة الصراع مع الاحتلال منوط بكم ولا يتم إلا بكنس هذه
القيادة القابعة في رام الله، وهذا يتطلب إرادة فتحاوية قوية توفر العدالة الناجزة
للراحل ياسر عرفات، إن كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة أمر ذو أهمية قصوى للشعب
الفلسطيني فلا تقتلوا عرفات مرتين مرة عندما أسلمتموه لذئاب تحكمت في مصيره، ومرة
أخرى عندما لاحت الفرصة للاقتصاص من هؤلاء الذئاب فلم تغتنموها!