تحيي دولة الاحتلال الذكرى الرابعة والأربعين لتوقيع "اتفاق السلام" مع
مصر، الذي عقده الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، بمشاركة رئيس الوزراء
الإسرائيلي مناحيم بيغن، والرئيس المصري أنور السادات، وقد تم تحديد الحدود بينهما، من خلال إخلاء شبه جزيرة سيناء، وإعادتها لمصر، واعتبارها حدودا دولية.
من وجهة النظر الإسرائيلية، فقد فاقت مزايا "معاهدة السلام" مساوئ التنازل عن سيناء، وشكل تسريح معظم الأراضي بديلاً معقولاً للعمق الاستراتيجي المادي، بجانب إنشاء شبكة غير مسبوقة من المصالح بينهما بعد سنوات من العداء المشترك، رغم أن "السلام" مع مصر بقي يسمى على مر السنين بأنه "سلام بارد"، ولا يزال كذلك حتى اليوم، بعد 44 عامًا.
زهافا غالئون الرئيسة السابقة لحزب ميرتس، أكدت أنه "في الأربعة والأربعين عامًا الماضية لم تتمكن إسرائيل من تحقيق علاقات دافئة مع جارتها في الجنوب، حتى بات هذا السلام بعيدا كل البعد عن كونه كل ما أراده الإسرائيليون، رغم أنه أقام سلسلة من التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني، بما في ذلك علاقات الثقة مع القيادة المصرية، التي توسطت في مشهد من الخيال العلمي مع حماس لوقف إطلاق النار في 2014، وفي مفاوضات عودة الجندي الأسير غلعاد شاليط".
وأضافت في
مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "اتفاق السلام مع مصر دفع إسرائيل للسماح لها بإرسال قوات عسكرية إلى سيناء، ناقلة عن وزير الحرب الأسبق موشيه يعلون أن "كل قوة مصرية تدخل سيناء، يتم بموافقتنا، لأنهم يستخدمون هذه القوات لمحاربة الإرهاب"؛ ورغم أن الجانبين يفضلان إبقاء الظل على تعاونهما الأمني، لكنه موجود، ويؤتي ثماره، مع العلم أن هذه الاتفاقية تم توقيعها بعد حرب 1973، وهي أفظع حروب إسرائيل، تركت ندوبها فيها".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أنه "ليس مستغربا أنه رغم مرور 50 عامًا على الحرب، ما زالت تحفر في الجرح الإسرائيلي، وحينها رفضت غولدا مائير بازدراء رسائل لا حصر لها من السادات، بإعادة سيناء لمصر مقابل سلام كامل مع أكبر وأهم دولة عربية، لأنها رأت عدم وجود ضرورة ملحة للتوصل للاتفاق، وحتى ذلك الحين دفع الإسرائيليون الثمن بسبب غطرستها التي جعلتها تعتبر أن القوة وسيلة، وليست غاية، ومع ذلك فقد أبرمنا اتفاق السلام مع مصر التي هاجمتنا قبل أربع سنوات فقط من زيارة السادات، وقاتلناها في أعوام 48 و56 و67 و73".
وأوضح أنه "في الأربعة والأربعين عاما الماضية منذ اتفاق السلام مع مصر، رأينا سقوط جدار برلين، واتفاقية السلام مع الأردن، وانهيار الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والسلامة في أيرلندا، واتفاقيات التطبيع، دون أن نبرم اتفاقا مع الفلسطينيين، مما يعني أننا سنعيش إلى الأبد على حد سيفنا، صحيح أننا اتفقنا مع مصر، لكن نزاعنا ما زال قائما مع الفلسطينيين، ويعتبر أكثر تعقيدًا بشكل لا نهائي من
الصراع مع مصر".
وأشارت إلى أنه "منذ حفل التوقيع على اتفاق
كامب ديفيد في مروج البيت الأبيض، فقد استبدلنا العدو المصري بالفلسطيني، وجاء بنيامين نتنياهو بدلا من غولدا مائير، وبدلا من حل الصراع مع الفلسطينيين، فقد استبدله بمفهوم "إدارة الصراع"، والترويج لمفهوم "السلام مقابل السلام" في اتفاقيات التطبيع، وعلى مدى العقود الماضية من الاحتلال الإسرائيلي يدفع الفلسطينيون ثمن هذه السياسة كل يوم".
رغم أهمية اتفاق السلام الإسرائيلي مع مصر، ثم مع الأردن، وأخيرا اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، وما فتحته من آفاق دبلوماسية واقتصادية، لكن استمرار الصراع مع الفلسطينيين سيبقى عارا يلحق بقادة الاحتلال الذين لم يتعلموا دروس "حرب يوم الغفران"، ومن توقيع اتفاق السلام مع مصر، الذي أكد أن التفوق العسكري الإسرائيلي وحده لا يخلق الأمن، والتردد السياسي له ثمن، وأهمه اتخاذ الفلسطينيين إجراءات متسارعة لحمل السلاح، ممن يتعرضون للإذلال والقمع.
في الوقت ذاته، وفوق كل شيء، فإن أهم دروس اتفاق كامب ديفيد أن البديل عن التسوية السياسية سيكون التفكك الكامل لفكرة الدولة الإسرائيلية، مما يؤكد أننا أمام تحول خطير سيؤدي بالدولة لحالة إغلاق متهمة بالفصل العنصري ونظام الأبارتهايد.