في خطوة غير مسبوقة محلياً، عيّن مجلس مدينة
حماة التابع للنظام السوري 38 امرأة بعد نجاحهن في مسابقة التوظيف، للقيام بأعمال
التنظيف في الشوارع، ما أثار حفيظة الشارع السوري.
ونقلت مواقع إعلامية موالية عن مدير النظافة في
حماة رائد المبيض، تأكيده أنها "المرة الأولى التي يتم فيها تعيين عاملات
نظافة، وعددهن 38 عاملة، 22 منهن فقط باشرن العمل، بينما 16 لم يلتحقن بعد".
واستنكرت إحدى العاملات طبيعة العمل الذي
يزاوله الرجال عادة، والذي لا يتوافق مع طبيعة الأنثى، وقالت أخرى لموقع
"أثر برس": "جاء تعييني لكني لن ألتحق بالعمل، كون مشهد عاملة نظافة
في الشارع غير مرغوب اجتماعيا لي، أو لأهلي، علاوة عن أنه قد يعرض العاملة لبعض
المضايقات، ناهيك عن أن غير المتزوجة لن تتزوج وتكون أسرة، بوصفها عاملة نظافة،
والمجتمع لن يرحمها".
في المقابل، أكدت عاملة أنها قبلت بالعمل
على مضض لعدم وجود خيارات أخرى، وأن الأجر غير متناسب مع متطلبات المعيشة، علاوة
عن أن الراتب يستهلك أجور المواصلات، من وإلى منطقة إقامتها أو مكان العمل، حيث جميع
عاملات النظافة المعينات في مدينة حماة، يقمن خارج حماة ولا مجال للتنقل إلى منطقة
أخرى غير مدينة حماة.
اظهار أخبار متعلقة
وتعليقاً، تقول الباحثة كندة حواصلي، مديرة
الوحدة المجتمعية في "مركز الحوار السوري"، إن قبول بعض العاملات بالعمل
يؤشر إلى الوضع الاقتصادي المنهار، موضحة لـ"عربي21" أن "فرص العمل
تكاد تكون معدومة، وذلك على الرغم من ضعف الأجور، وعدم تناسبها مع الغلاء".
وتضيف الباحثة، أن غالبية العائلات تعيش تحت خط
الفقر، وخاصة عند العائلات اللاتي أضحين بدون معيل، وقالت: "نتيجة ذلك باتت
المرأة مسؤولة عن نفقة أفراد عائلتها، وهو ما يدفع بالنساء اللاتي لا تمتلكن المؤهلات
التعليمية إلى طرق سوق العمل".
وحسب حواصلي، فإن دخول النساء إلى مجال تنظيف
الشوارع يثير استهجان المجتمع السوري، لأن هذه الظاهرة غير مسبوقة، وتقول:
"كل ذلك يعكس الواقع المعيشي الصعب، وضعف المساعدات المقدمة للمرأة السورية".
أما الصحفية الاستقصائية السورية عائشة صبري
فحذرت من تعرض المرأة العاملة في تنظيف الشوارع إلى التنمر وربما التحرش، قائلة:
"علاوة على الوصمة المجتمعية والرفض الشعبي لهذه المهنة، فإن هذه المهنة
أخلاقية وإنسانية".
وأضافت صبري لـ"عربي21"، أن راتب
العاملة لا يتجاوز الـ100 ألف ليرة سورية، في حين أن سعر كيلو لحم الخروف عند 80
ألف ليرة سورية، وقالت: "بالتالي ستتحمل المرأة التعب والنظرة المجتمعية لأجل
راتب لا يكفي إلا لأسبوع على أبعد تقدير".
من جانب آخر أشارت إلى الخلل في التركيبة
المجتمعية السورية، وخاصة في مناطق سيطرة النظام، حيث يفوق عدد النساء الرجال
بكثير، نتيجة الحرب وهجرة الشباب، وتقول: "هذا الواقع فرض على المرأة اقتحام
سوق العمل".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت صبري، بأن المساواة بين المرأة والرجل
لا تعني إقحام النساء في مجال الأعمال الشاقة"، مؤكدة أن "المرأة السورية
تعاني بدون معيل، ولذلك بدأنا نرى المرأة تعمل في مجالات جديدة".
وعلى الصعيد الشعبي انتقد عدد من أهالي حماة تعيين
إناث في مجال النظافة، في حين دافع البعض عن ذلك، مؤكدين أن "العمل لا ينقص
من قيمة النساء".
وتقدر أرقام أوردتها بيانات حكومية صادرة عن
النظام السوري في العام 2022، نسبة العنوسة في
سوريا بنحو 70 في المئة، لأسباب في
مقدمتها الحرب، والهجرة، والفقر، وعزوف الشباب عن الزواج في عموم المناطق السورية،
وذكرت البيانات أن نحو 3 ملايين فتاة سورية عازبة تجاوزن سن الثلاثين عاما.
يذكر أن متوسط الأجور في سوريا يقدر عند 125
ألف ليرة سورية (7500 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد)، في الوقت الذي تقدر
فيه مراكز بحثية حاجة الأسرة الواحدة إلى نحو 3 ملايين ليرة للعيش ضمن الحد
الأدنى.