نشر "معهد واشنطن" تحليلا للباحثة في "برنامج
راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" كميل جابلونسكي، أكدت فيه تراجع
الحرية في الشرق الأوسط خلال العام الماضي ومنذ انطلاق "الربيع العربي"
عام 2010.
وأوضحت أنه وفقا لتقارير منظمة "فريدم هاوس"، فإن الغالبية
العظمى من دول المنطقة، صنفت بشكل دائم على أنها "غير حرة".
وأشارت إلى أن
تونس فقدت تصنيفها على أنها "بلد حرة" عام
2021، بعد أن احتفظت به بين عامَي 2014 و2020.
وسجّلت ثلاث دول إقليمية انخفاضا في درجاتها الإجمالية بين تقريرَي
"فريدم هاوس" لعامَي 2022 و2023، بينما شهدت خمسة بلدان ارتفاعا بمقدار
نقطة واحدة، ولم تشهد ثلاث عشرة دولة أي تغيير.
إظهار أخبار متعلقة
تونس
وشهدت تونس الانخفاض الأكبر بمقدار 8 نقاط هذا العام (من 64 إلى 56)،
ويشمل هذا المنحى انخفاضا بمقدار 6 نقاط في مؤشر الحقوق السياسية، بسبب سلسلة
التغييرات القانونية والدستورية التي أدخلها الرئيس قيس سعيّد، والتي أضعفت مرشحي
المعارضة الذين يسعون للفوز بمقاعد في الانتخابات النيابية التي أجريت في كانون
الأول/ديسمبر، وهي الأولى في البلاد منذ أن أقال سعيّد الهيئة التشريعية السابقة
في 2021.
كما انخفضت درجة الحريات المدنية في تونس بمقدار نقطتين بسبب القيود
المفروضة على حرية التعبير والصحافة، بالإضافة إلى مرسوم أضعف استقلالية القضاء.
إيران
لم تتغير درجة إيران على مؤشر الحقوق السياسية هذا العام، في حين
انخفضت درجتها في الحريات المدنية بمقدار نقطتين؛ نظرا لحملة القمع العنيفة التي
شنّها النظام ضد حركة الاحتجاجات الوطنية، التي بدأت في أيلول/سبتمبر الماضي
وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.
ووفقا لتقديرات "فريدوم هاوس"، قتل النظام ما يقرب من 500
متظاهر واعتقل حوالي 14000 آخرين، بين أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر.
وأدت هذه الأعمال وغيرها إلى انخفاض درجات إيران الإجمالية من 16 إلى
14 نقطة، (لمزيد من المعلومات حول تعقيدات نظام التسجيل فيما يتعلق بإيران).
الضفة المحتلة
وانخفضت الدرجة الإجمالية للضفة الغربية من 23 إلى 22 نقطة بسبب تراجع
تصنيفها في مؤشر الحقوق السياسية، بعد أن سعى رئيس "السلطة الفلسطينية"
محمود عباس إلى إحكام سيطرته على القضاء.
فقد أصدر في تشرين الأول/أكتوبر مرسوما رئاسيا بإنشاء مجلس أعلى
جديد للقضاء برئاسته، كما سمح له المرسوم بتعيين أعضاء الهيئة.
إظهار أخبار متعلقة
لبنان
وعلى الرغم من الاضطرابات المستمرة على الصعيد الوطني في لبنان،
ارتفعت في الواقع درجته في مؤشر الحقوق السياسية بمقدار نقطة واحدة؛ لأن المرشحين
المستقلين المرتبطين بالحراك الاحتجاجي لعام 2019 فازوا بثلاثة عشر مقعدا في
الانتخابات النيابية التي جرت العام الماضي، مما شكل تحديا للأحزاب الراسخة في
البلاد.
وشهدت ثلاثة بلدان أخرى ارتفاعا بمقدار نقطة واحدة في مؤشر الحريات
المدنية، وهي السعودية؛ وذلك نتيجة التخفيف من صرامة القوانين المتعلقة بنظام
ولاية الرجل، وإزالة بعض الحواجز القانونية أمام دخول المرأة إلى سوق العمل.
وليبيا، التي عملت على تحسين التدابير المتعلقة بحرية التعبير والمعتقد في البلاد. والإمارات؛ نتيجة تحسين إجراءاتها المتعلقة بالحقوق النقابية والتنظيمية.
وأشار التحليل إلى أنه عندما بدأت حركات "الربيع العربي"
تبصر النور في بلدان مختلفة في أواخر عام 2010، كان متوسط درجات الحقوق السياسية
والحريات المدنية في المنطقة 32 نقطة، وبلغ هذا المتوسط ذروته عند 34 نقطة في عام
2012.
وبدأ مؤشر الحريات ينخفض بشكل مستمر بعد عام 2012 ليصل إلى أدنى
مستوياته عند 26 نقطة بين عامَي 2021 و 2022، وهو مسار يعكس الإصلاحات المؤقتة
والمحدودة التي تم إقرارها في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورأى التحليل أن الانخفاض المطرد في الدرجات بعد عام 2012، يعود إلى
حملات القمع الاستبدادية ضد المتظاهرين وشخصيات المعارضة.
إظهار أخبار متعلقة
تركيا
وشهدت
تركيا الانخفاض الأكبر في الدرجة الإجمالية (31 نقطة) بين دول
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عامَي 2010 و 2022. وحدث انخفاضها السنوي
الأكبر (15 نقطة) في عام 2016 بعد رد الرئيس رجب طيب أردوغان على محاولة الانقلاب.
وأشارت "فريدم هاوس"، إلى فرض أردوغان حملة شديدة على
الإعلام في ذلك العام، حيث اعتقل وأقال أكثر من 150 ألف موظف في القطاع العام
للاشتباه بتورطهم في الانقلاب.
ثم انخفضت درجة تركيا بمقدار 6 نقاط أخرى في عام 2017، مع مواصلة
الحكومة حملتها القمعية، مما أدى إلى تراجع البلاد إلى تصنيف "غير حر"
الذي تحافظ عليه منذ ذلك الحين.
وفي المرتبة الثانية بعد تركيا، سجّل كل من اليمن والبحرين ثاني أكبر
الانخفاضات. فقد انخفضت درجة اليمن بمقدار 20 نقطة بين عامَي 2010 و 2022 بسبب
الحرب الأهلية المستمرة، بينما انخفضت درجة البحرين بمقدار 18 نقطة بسبب الحملة
القاسية التي شنتها الحكومة على المتظاهرين السياسيين والسكان الشيعة ككل.
سوريا
ووفقا لتصنيفات "فريدم هاوس"، لم يصل أي من البلدان إلى
المستوى المتدني الذي سجلته سوريا، فمنذ عام 2010، صُنفت دمشق باستمرار من بين
أسوأ الحكومات، ليس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، بل في العالم كله.
لكن درجاتها المزرية ليست مفاجئة نظرا إلى القمع الدموي الذي يمارسه بشار الأسد
ضد معارضي النظام، بما يتضمنه ذلك من استخدام للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين
والكثير من الفظائع الأخرى.