روت أسرة نزحت من
السودان إلى
مصر، بعد الصراع الدائر بين الجيش السواني وقوات
الدعم السريع، تفاصيل الرحلة الشاقة، والتي استغرقت نحو ستة أيام، والسبب الذي دفعها لمغادرة
الخرطوم.
وتذكر مواهب محمد "47 عاما"، أنها عندما عادت إلى العاصمة السودانية الخرطوم من دبي قبل أربع سنوات، كانت تتخيل شيئا مختلفا: المساعدة في بناء مجتمع حديث وديمقراطي بعد ثورة أطاحت بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، بحسب تقرير لصحيفة "
نيويورك تايمز".
وبدلا من ذلك، خلال الأسبوع الماضي، وجدت مواهب محمد هي وعائلتها أنفسهم يركضون من الخرطوم وهي تتجه نحو حرب أهلية.
ومثل آلاف السودانيين الذين عبروا الحدود إلى مصر في الأسابيع الأخيرة، لم تنعم مواهب محمد بالنوم خلال رحلتها الشاقة التي استمرت ستة أيام.
ويقول مسؤولون مصريون إن أكثر من 52 ألفا و500 سوداني، وما يقرب من 4 آلاف أجنبي عبروا الحدود إلى مصر منذ اندلاع القتال متجهين إلى بلد يشترك في اللغة وعلاقات تاريخية وثقافية عميقة مع السودان.
وهم طليعة ما يخشى المسؤولون المصريون والأمم المتحدة أنه سيكون اندفاعا متزايدا للاجئين السودانيين إلى جارتهم الشمالية، حيث تنتهك الفصائل المتحاربة وقف إطلاق النار تلو الآخر في السودان ويستمر القتال.
اظهار أخبار متعلقة
وخففت الحكومة المصرية من الضوابط الحدودية للوافدين السودانيين، مما سمح للنساء والأطفال وكبار السن بالدخول بدون تأشيرة، وأرسلت قطارات وحافلات إضافية إلى أسوان، أقرب مدينة رئيسية إلى الحدود، لمساعدة اللاجئين على الانتقال لمسافة أبعد داخل مصر.
لكن المسؤولين قلقون بشأن ما سيأتي بعد ذلك، ويتوقعون أن تتبعهم حافلات من اللاجئين الأكثر فقرا. حتى هؤلاء الوافدون الأوائل والأثرياء نسبيا ليس لديهم فكرة عما سيفعلونه بعد ذلك.
وخرجت مواهب وزوجها محمد هاشم "48 عاما"، وأولادهم الثلاثة، فراس "14 عاما"، وهاشم "11 عاما"، وعبد الله "6 أعوام"، من الحافلة في أسوان حوالي الساعة 1 صباحا يوم الأربعاء.
بالنسبة لهم وللاجئين الآخرين، كانت رحلة صعبة إلى الشمال، وبأسعار غير منظمة واستغلالية. قال العمال والسائقون في محطة حافلات أسوان إن تذاكر الحافلات على الجانب السوداني كانت تكلف أكثر من خمسة أضعاف تكلفة ما قبل الحرب.
نشأت مواهب محمد في الإمارات، وعادت إلى الخرطوم للدراسة الجامعية، حيث درست الطب والتقت بزوجها. عملت مع الأمم المتحدة في حملة ضد التهاب الكبد في السودان، لكنهم عادوا إلى الإمارات قبل ولادة هاشم وعبد الله.
كان زوجها هاشم الذي كان يعمل في دبي في المنزل لقضاء شهر رمضان. ومع اقتراب عطلة العيد، استولى القناصة على الحي الذي يعيشون فيه. وسقطت رصاصة عند أقدامهم عندما غامر أفراد الأسرة بالخروج لرؤية ما يجري.
وبقيت العائلة في المنزل، وشاركت ما لديها من طعام مع جيرانها، ومع انقطاع التيار الكهربائي، يضخ المولد المياه إلى المبنى لمدة ساعة فقط في اليوم. وأصبح إطلاق النار والانفجارات مستمرا لدرجة أنه بعد أسبوع من مغادرتها، ما زالت مواهب لا تسمع كما ينبغي.
وبقيت الأسرة لعدم رغبتها في ترك والدها المصاب بالشلل الجزئي البالغ من العمر 80 عاما، وهاشم كان لديه أيضا والدان أكبر منه وأخ معاق ليفكر فيهم. ولكن عندما قامت قوات الدعم السريع، أحد الطرفين الرئيسيين في الحرب، بنهب بنك قريب من المبنى، قرروا أن الوقت قد حان للذهاب.
اظهار أخبار متعلقة
كانت محطات الوقود وشركات الحافلات تتلاعب في الأسعار، وكانت بطاقات الائتمان غير مجدية. واضطرت العائلة للاقتراض من الأصدقاء لشراء ما يكفي من البنزين للقيادة إلى محطة الحافلات، ثم لتذاكر الحافلة إلى مصر.
وفي رحلة مدتها 18 ساعة وصلت الحافلة التي تقل الأسرة إلى مدينة "وادي حلفا" القريبة من الحدود مع مصر، وهناك بقوا لمدة خمسة أيام في انتظار حافلة تقلهم إلى أسوان.
ونام هاشم والأولاد في الشارع مع حقائبهم لمدة يومين، بينما كانت مواهب نائمة في الحافلة. في النهاية وجدوا غرفة في فندق لمشاركتها مع ما يقرب من 30 آخرين.
وبعد ستة أيام من مغادرة الخرطوم، عبرت العائلة الحدود المظلمة، ثم استقلوا العبارة عبر البحيرة الزرقاء المسطحة لبحيرة ناصر. كانت أسوان تستغرق بضع ساعات بالحافلة بعد ذلك.
ووصلت الأسرة لأسوان، وهناك انتظرت مرة أخرى لاستقلال القطار نحول العاصمة المصرية القاهرة، في رحلة تستغرق 13 ساعة.
وقبل أن يستقلوا القطار بقليل، تلقت مواهب مكالمة، تفيد بأن مقاتلين من القوات المسلحة الرواندية. نهبوا شقة العائلة في الخرطوم، والتي تركت بها وثائق هامة ومجوهرات.