مع دخول العدوان الإسرائيلي على
غزة يومه الثالث، وضع الإسرائيليون أيديهم على جملة من الملاحظات التي واكبت هذه الجولة، ومنها الانتظار الإسرائيلي المثير للأعصاب، والتوتر الذي عاشوه ترقباً لردود فعل محتملة للمقاومة الفلسطينية، ما خلق وضعا غريبا بين الجانبين، لعلها من المرات المعدودة.
يهوشاع كاليسكي، الكاتب في معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أنه "من وجهة نظر الاحتلال، فإن هذا عمل مفاجئ يتناسب مع الرغبة في ترسيم حدود الصراع جغرافياً وزمنياً، وتركيز ردود الفعل على عامل واحد، ورغم ما قام به جيش
الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على القادة الثلاثة من الجهاد الإسلامي، فقد كان لدى الجمهور الإسرائيلي أجواء من القلق، وعدم اليقين، وتوقع متزايد بردّ فلسطيني محتمل من قبل المنظمات المسلحة في غزة، سواء من خلال منظمة واحدة، أو مجموعة من عدة منظمات".
وأضاف في
مقال ترجمته "
عربي21" أن "هذا الترقب الإسرائيلي رافقه اضطرابات في روتين الحياة لدى الإسرائيليين، واستعدادات لتلقي هجوم صاروخي في مختلف المجالات، وشلل جزئي في القطاع الخاص أو العام، وإلغاء الفعاليات، وإغلاق طرق، وغير ذلك، ما دفعنا لسماع العديد من الأصوات في المناطق المحيطة، تتحدث عن ضعف إسرائيلي، وحتى انتصار للوعي الفلسطيني في هذه الحملة غير المتكافئة، مع قناعات فلسطينية متزايدة حول أن العدو لا يحتمل حرب الأعصاب".
عامير رابابورت، المحرر العسكري لمجلة يسرائيل ديفينس، أكد أن "المواجهة الحالية ستنتهي بوساطة مصرية، عاجلاً أم آجلاً، ووقف إطلاق النار الذي سيتم التوصل إليه في مصر، كما حدث في نهاية الجولات السابقة، هو السبيل الوحيد لخروج الجانبين منها، ما لم يكن هناك اندلاع يمتد لجبهات أخرى، ويتطلب تدخلاً دوليًا أكبر، هذا سيناريو غير محتمل، لكنه ممكن الحدوث".
وأضاف في
مقال ترجمته "
عربي21" أن "المواجهة الحالية عنوانها "معادلتنا أمام معادلتهم، ورغم ذلك فلن يتم اعتبارها في مرآة الزمن كحدث حاسم، بل ستصبح ذكرى قاتمة لجولة أخرى من القتال، تبدأ بالاغتيال، ثم إشعال النيران في مستوطنات الجنوب، لكنها في النهاية ليست سوى عملية صيانة للردع المستمر، وهو أمر غير ضروري، لأن هذه المواجهة تأتي استمرارا لـ15 عامًا من جولات القتال ضد غزة، وغرضها الرئيسي تحقيق التهدئة فقط حتى الجولة التالية، هذه معادلتنا، الهدوء لفترة معقولة مقابل وقف إطلاق النار".
وأشار إلى أن "المحاولات المتزايدة لتحديد معادلة جديدة في جميع القطاعات مرتبطة بما يُنظر إليه على أنه إضعاف إسرائيل، ولا شك أن الأزمة الداخلية الخطيرة فيها، والتصدعات الظاهرة في التحالف مع الولايات المتحدة، يضعف صورة قوتها، في بيئة تراقب تفككها منذ عقود، رغم أنه من حيث جودة المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وقدرات الصناعة الدفاعية، لا تزال في ذروتها".
شالوم يروشالمي، محلل الشئون الحزبية في موقع زمن إسرائيل، أكد في
مقال ترجمته "
عربي21"، أن "المواجهة الجارية في غزة لن تغير شيئا على صعيد الأمن الإسرائيلي، لأنه حتى لو تم التوصل لوقف إطلاق النار، فإن الإنجاز الإسرائيلي في القضاء على كبار مسؤولي الجهاد الإسلامي هو أمر مؤقت فقط، حتى الجولة القادمة، رغم نجاح الفلسطينيين بإحداث شلل لنصف الدولة، وإلى حين ذلك فإن المعادلة لن تتغير إذن إلا بتغيير الحكومة في غزة، وعودة السلطة الفلسطينية".
تكشف هذه القراءات الإسرائيلية أن إحباطا يسود الأوساط السياسية من عدم تحقيق إنجاز ذي معنى باستثناء قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في غزة، لأن المواجهة الحالية لن تغير من الواقع الميداني في القطاع، وفي الوقت ذاته، فإن ما حصل من اشتباكات يعني أن الاحتلال يبحث عن هدوء أمني مؤقت دون تحقيق هدنة بعيدة المدى، ما يجعل ما يحصل هو جولة واحدة عابرة ضمن جولات سابقة.
اظهار أخبار متعلقة