هذا النوع من
الملكية لا نموذج له، ليست المَلَكية المطلقة ولا الملكية الدستورية، ولا الأبوية
الرعوية، وإنما هي مَلكية بخيار الشعب وتتفاعل معه لتدير أموره بإيجابية تتناسب
وحركة العصر.. الخ. وغايتنا من المقال ليس انتقاد الملكية وإنما توصيف من أجل
تطويرها وإصلاحها وديمومة الاستقرار لهذه الممالك كمنجاة من حالة الفوضى في العالم
اليوم.
إن نُظم كهذه
قوية إن أُصلحت، وبهذا المقترح تخرج من مطرقة ضغط الدول الغربية التي تحصر النظم
هذه رغم إمكانياتها بأدوار وظيفية، بينما هي قادرة مع بعض التأمل في الاستراتيجية
السياسية والجيوبولتكس إن تتكامل مع قوى أخرى لتحقيق وجود فاعل ونهضة في اتجاهات
متعددة.
المدنية وهي ناتج الجهد البشري ضعيفة أمام الفوضى، مُحبة
للاستقرار، لذا فلا يمكن أن يحدث أي تطور مدني حقيقي، أو تقام شراكة حقيقية مع
الدول الصناعية الكبرى أو يتم نقل التكنولوجيا، أو توالد التقنية ونموها، إلا
بالاستقرار. الحكم كأي حالة مدنية تحتاج للتطور، والنظم الوراثية هي نوع من النظم
المستقرة إذا تطورت إلى منظومة حكم رشيد مسترشدة، وتنفع حتى كحل في أقطار تحولت
إلى تلاشي
الاستقرار بل اللا كينونة، فلا بد من التفكير بنظام يوقف ميوعة
السلطة والتوقعات الدائمة لاستقرار وقتي غير مرضٍ، كلعبة الروليت المغشوشة.. ونظام
يجدد النظم الوراثية الحالية الملكية المطلقة سواء الملكية الدستورية والموجودة في
منطقتنا وحول العالم، بشكل يبعدها عن التقليدية الحرجة إلى ما يناسب العصر كقفزة
نحو تثبيت نظام مستقر متفاعل والعصر دون اضطرابات.
وسأضع هنا آلية بسيطة وشاملة لتحول النظم نحو المَلكية، أو إجراء الإصلاحات
في النظم الوراثية التي تجدد فاعليتها إن اتخذت منظومة المَلكية
الديمقراطية.
تفاصيل النظام الملكي (الأميري) المقترح والانتقال إليه
أولا: اختيار الملك من بين الأمراء:
وهو اختيار أحد الأمراء المثبت كفاءته والأقرب للناس وإجماعهم بآليات انتخابية،
وهذا يأتي بعد الشريف المختار أو الأمير والملك الحالي. ومن الممكن وضع آليات ملائمة
للاختيار دون التخلي عن صندوق الانتخابات. ولا يحصل هذا بحياة الملك، ولا يختار
نائب للملك من العائلة، وإنما من خارج العائلة، وهو من يقوم مقام الملك في وفاته
أو عزله لحين ظهور نتائج الانتخابات من بين الأمراء الذين إن كثر عددهم فيحدَد
الأفضل منهم ليختار الشعب أقربهم إليه، وتحدد بفترة دستورية أو قانونية؛ وسيتعرف
عليهم الشعب في الجامعات وممارستهم للحياة العامة والوظائف في المؤسسات كأي فرد في
المجتمع وليس للملك ولي عهد معيّن.
يدرَّس الأمراء بذات البرنامج لإعدادهم للقيادة، وإطلاعهم على السياسة
والتخطيط المحكم إضافة لدراستهم في المدارس الوطنية العامة.
وقد تحدد فترة حكم الملك (5ـ-ـ10 سنوات مثلا) يستفتى الشعب عند نهاية كل
مرحلة منها باستمراره، فإن كان الرأي تغييره فتحال السلطة إلى نائب الملك وتجرى
انتخابات لملك جديد..
ثانيا: الحكومة معينة من الملك
باختيار رئيس الوزراء، وتكليفها ليس تكليف تفويض وإنما تنفيذ، عدا رئيس الوزراء
فهو مفوض وله تفويض الصلاحيات ضمن محددات الملك لاحظ الهيكل للإدارة الحكومية.
يكلّف الملك لجنة من الأعيان -هي نواة مجلس التخطيط الاستشاري (لاحظ هيكل الديوان)-
بإعطاء مرشحين لرئاسة الوزراء، حيث يختار الملك من يراه مناسبا وليس بالضرورة من
الذين هم في جدول المجلس لرئاسة الحكومة الأولى التي هي حكومة مؤقتة تستمر هذه
الحكومة وإن شاء الملك أجرى تغييرات عليها حتى يجهز البلد.
يصدر الملك قرارا بحل الأحزاب (إن وجدت) وإعادة تشكيلها بشكل يجعل منها
مؤسسات برامج وبلا أيّة امتدادات، ولا يرتكز على ما يمكن أن يعتبر نقطة هشة في
المجتمع أو تفككه.
يختار الملك مجموعة من الضباط المشهود لهم بالمهنية لتأهيل الوزارات
الأمنية، ويطلب تجهيز الجيش والشرطة بالمعدات اللازمة والعمل بمعايير قبول الضباط
إلى معايير خاصة النَسب والأخلاق والمنبع.
الوزراء ينبغي أن تكون لهم القدرة الفنية الكافية لإدارة اختصاص وزاراتهم
وتنمية البلاد عمرانيا، وبأعمار ملائمة وأخلاقيات عالية قيميا وسلوكيات نزيهة.
ينظم الملك الديوان الملكي لاحظ المرتسم، ويمثل الشعب عدد من النواب لا يزيد عن ضعف عدد
المحافظات أو الولايات (حسب حجم القطر وحاجته) لحين إعداد دستور جديد يتحدث في
التفاصيل.
نقاط معالجة
سلبيات النظم الملكية المعروفة حاليا في هذا النظام:
ولاية العهد،
طريقة تقليدية لاختيار الحاكم. لا معايشة لمشاكل الأمة ولا يعيش الملك في عمره إلا
من برج حصين، وندر ما تجد مملكة تدارمن ولي العهد، وغالبا ما تميل المرتكزات نحو
قوة السلطة في تمرير أي مستجدات، لكن في المعروف من ممارسات -بعيدا عن حالات خاصة
كالسعودية مثلا والإمارات في ظرف خاص- أن ولاية العهد تمنع كفاءة أفضل منه في
العائلة ومن هو أقرب للناس من تولي الحكم وإدارة البلاد أفضل منه، كما أن الأمراء كثرة يفسدهم المال مع بطالة عمليا ونفوذ
يؤثر على سيادة القانون، هذا ينتهي وفق متن هذا المقال.
بقاء الملك مدى
الحياة، يعيق عملية
التغيير ويحول الفرد إلى مشكلة مزمنة.
الملكية لم تتحول
إلى مؤسسة نتيجة تخلف نظامها الذي نشأ في عمق التاريخ، وقد ينتج عنه الاستبداد
وظلم الأمة بشرعية متوارثة لا دور للجيل الجديد بها، في حين يمكن أن تنشأ آليات
لمتابعة الأمور وتعميق الدراسات للتوصل نحو الصالح الأفضل.
إن الغاية الأساسية
من أي منظومة بشرية تسير بنور الله هي تحقيق العدل لتستوي والإرادة الإلهية،
والعدل أعمق من المساواة معنىً وغاية سامية تصطف لتحقيقها الأهداف الثمينة النفيسة
التي لا تباع على قارعة الطريق بكلمات وإنما تظهر أفعالا ومنجزات.
ورد في المقال: مركز
التخطيط الاستراتيجي، كيف يدار النفط والثروات الطبيعية؟ كيف تدار الموارد البشرية
والتعليم؟ كيف ينظم هذا للاستفادة من
التطور المدني التقني والتكنولوجي عند الدول
المتقدمة صناعيا وإداريا؟ هذا ما يمكن علاجه في مقالات أخرى، أو إن تم تبني الفكرة
لتطبيقها على الأرض.