يتصاعد الخطاب المعادي للاجئين السوريين في تركيا مع احتدام السباق الانتخابي الرئاسي في الجولة الثانية، التي بدأ فيها مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو حملته بالتوعد بترحيل
اللاجئين السوريين "على الفور" إلى بلادهم في حال تفوقه على منافسه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.
وفي محاولة لكسب أصوات قاعدة مرشح "تحالف الأجداد" سنان أوغان الذي يعرف بـ"كاره اللاجئين"، عدلت المعارضة التركية برنامجها الانتخابي، فبعد أن وعد كليتشدار أوغلو في حملته السابقة بترحيل اللاجئين السوريين خلال عامين، قال إنه سيرحلهم "على الفور".
وفي الشوارع والساحات العامة، نشرت المعارضة التركية لوحات دعائية عليها صورة كليتشدار أوغلو إلى جانب عبارة "السوريون سيرحلون"، وهو ما أثار مخاوف شريحة كبيرة من اللاجئين السوريين.
ولم تقتصر المخاوف على شريحة اللاجئين (الحماية المؤقتة) بل تعدتها إلى السوريين الحاصلين على الجنسية التركية.
ورغم حصوله على الجنسية التركية، يفكر الصناعي السوري أحمد، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول في حديثه لـ"
عربي21"، بالسفر إلى دولة ثانية، بعيداً عن مدينة غازي عنتاب (جنوبا) التي يمتلك فيها ورشة للخياطة.
وعن الأسباب يقول: "نعيش على وقع مخاوف لا تنتهي هنا (..) أعصابنا تعبت، ونحن نراقب نتيجة
الانتخابات".
ويتساءل: "في حال فوز مرشح المعارضة، من يضمن رد فعل قاعد المعارضة الشعبية؟"، ويضيف: "الجنسية التركية لا تعني أن معاملة الشارع ستتغير، أنت سوري بالنهاية".
وينطبق حال أحمد على كثير من السوريين، ويقول الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، إنه "من الأساس قامت الحملات الانتخابية لبعض الأحزاب التركية على برنامج وحيد، وهو ترحيل اللاجئين".
ويضيف لـ"
عربي21" أن "كليتشدار أوغلو يحاول الآن في الجولة الثانية تبني خطاب أكثر تشدداً ضد اللاجئين، لكسب الأصوات "القومية" التي ذهبت في الجولة الأولى للمرشح الثالث (سنان أوغان)".
ويصف سليمان أوغلو شعارات كليتشدار بـ"العنصرية المقيتة"، قائلا: "لم يعد يتحدث عن أي برنامج انتخابي باستثناء ترحيل اللاجئين، وبث هذا الخطاب في الشارع التركي من شأنه زيادة الحوادث العنصرية ضد اللاجئين السوريين".
من جانب آخر، يشير الكاتب التركي إلى إثارة أردوغان لبرنامج "العودة الطوعية" مجدداً، ويقول: "هذا الأمر يبدو في خدمة كسب أًصوات سنان أوغان، لكن بخطاب هادئ يخلو من العنصرية".
والجمعة، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أن بلاده تعد مشاريع لبناء مساكن في
سوريا من أجل عودة قرابة مليون لاجئ إلى بلادهم.
وأضاف في حديثه لقناة "CNN": "أعددنا المشاريع لبناء مساكن في سوريا من أجل عودة قرابة المليون لاجئ، وسنضمن عودة اللاجئين إلى بلدانهم".
وبالعودة إلى وعود كليتشدار أوغلو، يقول الباحث في الشأن التركي محمد طاهر أوغلو، إن مرشح الطاولة السداسية يحاول استقطاب الشريحة اليمينية المتشددة، التي تدعم ترحيل اللاجئين بأسرع وقت.
ويضيف في حديثه لـ"
عربي21"، أن استراتيجية كليتشدار أوغلو تبدو خاطئة، على غرار استراتيجيته التي جمع فيها الأضداد في "الطاولة السداسية" والتحالفات خارجها، مؤكداً أن "كليتشدار أوغلو يكرر السيناريو ذاته، ويبث خطاباً عنصرياً متلوناً".
ومن وجهة نظر طاهر أوغلو فإنه "ليس كل الذين صوتوا لسنان أوغان في اتفاق على الخطاب العنصري المعادي للسوريين".
وتابع الكاتب بأن "المغامرة في استخدام شعارات "غير إنسانية" لكسب أصوات شريحة "هجينة"، سياسة خاطئة"، مستدركاً بأنه "قد يكسب كليتشدار أوغلو بعض الأصوات من استراتيجيته هذه، لكن في النهاية لن يكفي هذا الخطاب للفوز، وحتى الشريحة الصامتة لا تتفق معه".
اظهار أخبار متعلقة
وما يؤكد ذلك، خروج بعض الأصوات المنتقدة لحملة كليتشدار أوغلو من "الطاولة السداسية"، حيث انتقد العضو في حزب "المستقبل" التركي، خالد خوجة، اعتماد الملصقات "العنصرية" ضد اللاجئين.
واعتبر خوجة في حسابة على "تويتر" أن "العنصرية مظهر آخر من مظاهر الاستبداد وليست بديلاً عنه، فالذين ينشرون دعاية انتخابية تستهدف اللاجئين الذين يعيشون في وضع الحماية المؤقتة بتركيا، هم يغذون الضغينة والكراهية في المجتمع المستقطب بالفعل".
ويعيش في تركيا نحو 4 ملايين لاجئ سوري، ويشتكون من تصاعد الخطاب العنصري والكراهية ضدهم.