في الوقت
الذي تحاول فيه دولة
الاحتلال الحدّ من
النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، فإنها تزيد
من رصدها لحجم الانخراط الإيراني في القارة الأفريقية، ورغم أن الهدف المعلن للإيرانيين
هو تحسين وضعهم الاقتصادي، فإن الهدف الاستراتيجي هو تقوية محور الدول التي تعارض الولايات
المتحدة والغرب، ما يضع تحدّيا جديدا أمام دولة الاحتلال التي تفتقر حتى الآن لسياسة
خارجية نشطة تواجه المدّ الإيراني المتزايد.
مائير
بن شبات رئيس مجلس الأمن القومي السابق، أكد أنه "بعد تجديد علاقاتها مع السعودية
والإمارات، وتوطيد الشراكة الاستراتيجية التي أقامتها مع روسيا، ترصد المحافل السياسية
والأمنية الإسرائيلية اتجاها إيرانياً نحو وجهتها السياسية التالية، وهي القارة الأفريقية،
حيث بدأ رئيسها إبراهيم رئيسي رحلته الدبلوماسية، وهي أول زيارة لرئيس إيراني للقارة
منذ أكثر من عقد، ويتوقع أن يلتقي بزعماء كينيا وأوغندا وزيمبابوي، لأن هدفه المعلن
هو تحقيق تعميق التعاون الاقتصادي بين بلاده وأفريقيا، التي يراها "قارة الفرص".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم"، وترجمتها "عربي21"، أنه
"بعيدًا عن الجوانب الاقتصادية، تعتبر الأوساط الإسرائيلية أن الزيارة تهدف لاستمرار
الزخم السياسي لإيران في الآونة الأخيرة بتعزيز موقعها ونفوذها في القارة الأفريقية،
وتوسيع معسكر الدول المعارضة للولايات المتحدة، خاصة بعد لقاء وزيري الخارجية الإيراني
والسوداني بعد انقطاع دام سبع سنوات، حيث ناقشا الطريق لتجديد علاقاتهما، مع أن السودان
كانت في السابق شريكًا في جهود إيران لتزويد حماس بالسلاح في قطاع غزة، ونفذت إسرائيل
عدة هجمات على أراضيها، ورغم انضمام السودان في 2020 لاتفاقيات التطبيع، فإن التوقيع
تأخّر لأسباب مختلفة".
وأوضح
أن "المحافل الإسرائيلية رصدت خطوة أخرى مهمة من جانب إيران بشأن قارة
أفريقيا،
تم تسجيلها قبل أسبوعين، وهذه المرة باتجاه مصر جارة السودان، فقد اتفقتا على تجديد
خط الطيران المباشر بينهما المتوقف منذ أكثر من أربعين عامًا، وهذه الخطوة لا تعكس
فقط حاجتهما الاقتصادية، بل رغبة بفتح صفحة جديدة في العلاقات التي اتسمت بالعداء والتوترات
الكثيرة، صحيح أن إسرائيل لا تعرف أبدًا أين ستتطور جهات الاتصال، لكن مصر وافقت على
منح تأشيرة دخول للسياح من عدة دول بينها إيران".
وأشار
إلى أن "المتابعة الإسرائيلية الحثيثة للسلوك الإيراني في القارة الأفريقية وصل
إلى حدّ تقوية علاقاتها الحميمة مع دول مهمة في القارة مثل جنوب أفريقيا والجزائر،
وهذه الأخيرة واحدة من الدول القليلة في العالم العربي التي تتعاون مع إيران، وقد تصدّرت
عناوين الصحف مؤخرا بسبب التدهور المتزايد لعلاقاتها مع المغرب بعد اتفاقات التطبيع،
بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد
أن "التقييم الإسرائيلي لمدّ النفوذ الإيراني باتجاه القارة الأفريقية هو تحييد
تأثير العقوبات المفروضة عليها، وفتح خيارات جديدة لتحسين وضعها الاقتصادي، وفي الوقت
ذاته تهدف لخدمة غرض استراتيجي أوسع، وهو التأثير على تصميم النظام العالمي الجديد،
وخلق نظام متعدد الأطراف من شأنه أن يوازن ويضعف ثقل الولايات المتحدة والغرب، ما
يفرض مزيدا من التحديات الأمنية والاستراتيجية أمام إسرائيل، التي لديها انطباع بأن
إدارة بايدن ليست منتبهة لهذه التطورات الإيرانية، بل مشغولة بالشؤون الداخلية، والمنافسة
مع الصين، والحرب في أوكرانيا وروسيا، ولا ينبغي أن نتوقع أن التحركات الإيرانية في
أفريقيا ستدفعها للعمل".
وفي
ظل بتزايد النفوذ الإيراني في أفريقيا، يوصي بن شبات حكومة الاحتلال باتخاذ جملة خطوات
استباقية أو موازية للجهود الإيرانية، أولها تعزيز القبضة الإسرائيلية الحالية على
الدول الأفريقية قدر المستطاع، خاصة في الدول التي تم تحديدها كهدف لجهود إيران، وثانيها
استكمال اتفاقات التطبيع مع السودان رغم أوضاعها الداخلية، وثالثها تحذير مصر صراحة،
وعلى المستويات المناسبة، من تبعات التقارب مع إيران، ورابعها الاعتراف بسيادة المغرب
على الصحراء الغربية، كل ذلك سوف يساهم في تقوية العلاقات، ويضعف جهود إيران ضدها،
دون أن تضمن كل هذه الخطوات كبح جماح النفوذ الإيراني في القارة الأفريقية.