واصلت نسب
الطلاق في
مصر ارتفاعها سنويا وسجلت
269.8 ألف حالة طلاق عام 2022 مقابل 254.8 ألف حالة عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها
5.9%، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، وسط قلق مؤسسات
المجتمع المدني والحكومية.
وبلغ متوسط عدد حالات الطلاق في الشهر 22.5 ألف
حالة و 739 حالة في اليوم، و31 حالة في الساعة، وحالة كل 117 ثانية مقابل
حالة زواج كل 34 ثانية، وشكلت نسبة حالات الطلاق 29% من إجمالي عقود 929.4 ألف عقد
زواج.
وتشير الأرقام الأخيرة إلى أن حالات الطلاق
آخذة في الزيادة بشكل مطرد ومقلق، إذ كانت تمثل نحو 16.8% فقط من عقود الزواج عام
2012، حيث بلغت حالات الطلاق حينها 155.3 ألف مقابل 922.4 ألف عقد زواج.
اظهار أخبار متعلقة
ووثق تسجيل 269.8 ألف حالة طلاق عام 2022 مقارنة
بنحو 155.3 ألف حالة طلاق في عام 2012، ما يشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق بنسبة 73.7%،
على الرغم من أن عدد عقود الزواج خلال العامين محل المقارنة كانت متقاربة رغم أن
الفرق بينهما عقد من الزمن وكان عدد السكان نحو 82 مليون نسمة مقارنة بنحو 105
ملايين نسمة.
ووفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي فقد تصدرت العاصمة
المصرية القاهرة نسب الطلاق، تليها محافظة الإسكندرية، ثم محافظات الجيزة والشرقية
والدقهلية، والقليوبية بينما تعد المحافظات الحدودية ومحافظات الصعيد هي الأقل في
نسب الطلاق.
الأرقام غير الرسمية
حول أسباب هذه الزيادة المطردة في عدد حالات
الطلاق التي باتت تشكل نحو 30% من حالات الزواج، يقول المستشار الأسري ومدير
"أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية"، الدكتور محمود القلعاوي: "نحن
أمام ظاهرة كبيرة وفي ازدياد وتدعو إلى قلق المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني؛
لأن انعكاسها على المجتمع سلبي للغاية ومؤشر على وجود مشاكل ينبغي معالجتها".
ولا تعبر هذه الأعداد عن الأعداد الحقيقية
للطلاق في مصر بأنواعه، بحسب تصريحات القلعاوي لـ"عربي21" الذي أشار إلى
أن "هناك فجوة في الأرقام بين تلك التي يعلنها جهاز الإحصاء وحالات الطلاق
الفعلية في البيوت المصرية؛ وهناك أشكال مختلفة من الطلاق مثل طلاق الصمت والطلاق
العاطفي وبيوت الثلج وطلاق التباعد وغيره".
وأوضح أن "أسباب الطلاق في مصر كثيرة، لكن
الوضع الاقتصادي جزء لا يتجزأ من الأزمة وهو أحد الأسباب الرئيسية في تراجع عقود
الزواج التي لم ترتفع منذ أكثر من 10 سنوات وزيادة حالات الطلاق؛ نتيجة تدهور
الأوضاع الاقتصادية منذ تلك الفترة، وتردي الأوضاع المعيشية لملايين الأسر
المصرية، بسبب زيادة متطلبات الإنفاق وغلاء الأسعار من جهة، وتراجع الدخول وضعف
القوة الشرائية من ناحية أخرى".
10 سنوات من التوتر والاضطرابات
وقال الناشطة في المجتمع المدني، هبة حسن، إن "المجتمع
في مصر يعيش أزمة كبيرة رصدها متخصصون وإحصائيات ودراسات متعددة تتعلق بوجود أزمات
في العلاقات الاجتماعية، ويعيش المجتمع على صفيح ساخن من التوتر والخصومة وبالطبع
زادت معدلات الطلاق ما ينذر بتفكك الأسر وتمزقها، وهو أكبر خطر يتهدد النسيج
المجتمعي".
ورأت في تصريحات لـ"عربي21" أن
"الأزمة الاقتصادية أحد أهم مسببات هذا الواقع المجتمعي المتردي بسبب ما أصبح
يعانيه الجميع من أزمة في توفير المتطلبات الأساسية للحياة من مسكن وعمل يوفر الحد
الأدنى لحياة آدمية من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم وخلافه".
اظهار أخبار متعلقة
واستدركت رئيسة التنسيقية المصرية للحقوق
والحريات: "فضلا عن اتساع الفجوة بين الطبقات المجتمعية ما بين شريحة عليا
محدودة مغرقة في الترف تتحكم في المشهد العام وتمتلك غالبية موارد الدولة وبين غالبية
لا تجد مقومات الحياة اليومية وتصطدم يوميا من خلال الإعلام والميديا بتغطيات
ومحتوى يستفز مشاعرهم وينشر نمطا استهلاكيا لا يستطيعه رب الأسرة ".
وهو ما يمثل، بحسب حسن، ضغطا نفسيا على الأسر
يفاقم من المشكلات والخلافات الدائمة التي لا تصمد أمامها كثير من الأسر ولا ينتهي
الأمر للأسف بمشكلات الطلاق بل يمتد تأثير ذلك على الأبناء وما يصلون إليه من إشكاليات نفسية أو انحراف سلوكي".
وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن نسبة
الفقر في عام
2019-2020 قبل جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية الطاحنة التي أثقلت كاهل الشعب
المصري كانت نحو 30%، وقدر البنك الدولي في تلك الفترة أن حوالي 60% من سكان مصر
إما فقراء أو عرضة له، وأن عدم المساواة آخذ في الازدياد.
وأشار البنك الدولي في تقريره عام 2019 إلى أن
الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها السلطات المصرية قبل أن تخفق في تحقيق أي
إصلاحات جذرية وحقيقية، أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع تكاليف المعيشة
نتيجة للسياسات المالية والاقتصادية الجديدة.