بادئ ذي بدء، علينا
أن نقر بأن المسرح السياسي لدى الغرب، نوع مسرحي له أصوله وقواعده وشكله، وذلك عندما
قدم في إنجلترا، المخرج الكبير بيتربروك بين عامي 1968و1969،
مسرحيته الشهيرة "يو إس" والتي كانت عن الحرب الفيتنامية.
ولقد تردد صدى هذا
الشكل المسرحي في موسكو، حتى أن المخرج الروسي لوبيموف قد أعد مسرحيا كتابا شهيرا عن
الثورة الروسية اسمه (عشرة أيام هزت العالم)، وأخرجه في عرض مسرحي مدهش.
وبالطبع مسرحنا العربي
كان في طليعة ذلك الشكل المسرحي الوليد، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومأساة
شعبها.
مسرحية النار والزيتون قد عُرضت على مسرح برلين في نفس عام كتابتها 1970)،) وهي من أشعار محمود درويش وألحان علي إسماعيل وبطولة محمود ياسين ومحمود الحديني ورجاء حسين وغيرهم، وإخراج سعد أردش
ويأتي المؤلف المسرحي
المصري ألفريد فرج، في العام 1970 بمسرحيته النار والزيتون، ليكون مواكبا لبدايات
هذا الشكل المسرحي في العالم، وذلك بعد أن عاش ألفريد نفسه مع الفدائيين الفلسطينيين
في غور الأردن، وفيها عرض لأفكاره عن الصراع العربي الإسرائيلي.
ومن الطريف أن مسرحية
النار والزيتون قد عُرضت على مسرح برلين في نفس عام كتابتها (1970 وهي من أشعار محمود درويش وألحان علي إسماعيل وبطولة محمود ياسين ومحمود الحديني ورجاء
حسين وغيرهم، وإخراج سعد أردش.
وقال عنها المستشار
النمساوي وقتها بريت باور: شاهدت مسرحية النار والزيتون وعرفت
قضية فلسطين من خلال مسرح ألفريد فرج، أما الناقد فرانس أيدولف فقال: النار والزيتون
مسرحية ملهمة، عبرت عن عمق الجرح الذي أحدثته إسرائيل في أراضي فلسطين، عمق مادي ونفسي
وحضاري.
ومسرحية النار والزيتون،
مسرحية سياسية، تستعرض من خلال أحداثها، القضية الفلسطينية ومحنة الشعب الفلسطيني،
وبداية فترة الصدام منذ وعد بلفور في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1917، وحتى الوقت
الحالي.
ولقد تم تناولها إخراجيا
في الكثير من الوسائط الإعلامية، وعلى يد العديد من المخرجين، فلقد أخرجها كاتب السطور
على مسرح علي فهمي في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، في أواسط ثمانينيات
القرن الماضي، ولاقت إشادة ونجاحا كبيرين وقتها، كما قدمتها الإذاعة المصرية بإخراج
الراحل الشريف خاطر للبرنامج الثقافي، كما أخرجها المخرج الراحل محسن حلمي لمنتخب جامعة
عين شمس، في سبعينيات القرن الماضي، كما أخرجها في ذلك الوقت المخرج الراحل الكبير
سعد أردش.
ليست مسرحية تتمتع بخيال محدد، بل هي مسرحية ذات أخيلة إنسانية عامة، تحمل في طياتها سر استطاعتها أن تصبح وعاءً لتشكيل الحريات في كل وطن، وتؤسس في الوطن العربي لنموذج المسرح الشامل، الذي يحوي المشاهد الغنائية الراقصة التمثيلية الصامتة وخيال الظل، وأن التلقي في المسرح يحتاج إلى قدرات ثقافية وتخيلية، بهدف التفاعل بكفاءة بين بنية النص وبنية العقل، والإسهام في ملء فراغات النص وإزاحة وهم المشاهد
كل تلك التناولات
الإخراجية، التي أغرت كل من قدموها، جاءت من عدة عناصر فنية سيطرت على كتابة النص نفسه،
منها: تجلي فكرة الانتظار في سطور النص المسرحي، والتقنيات
الفنية التي لجأ إليها المؤلف
في زيادة وعي الجمهور ومشاركته في العرض المسرحي، والخروج بفكرة الحرية من الذاتية
إلى الإنسانية. وهنا تأتي جمالية التلقي العامة لهذا العمل المسرحي المفتوح الشامل،
فالتلقي ليس له زمن معين، بل يأتي في كل زمن وفقا لخبرات المتلقي الاجتماعية والتاريخية
والثقافية.
وعليه، فمسرحيتنا،
ليست مسرحية تتمتع بخيال محدد، بل هي مسرحية ذات أخيلة إنسانية عامة، تحمل في طياتها
سر استطاعتها أن تصبح وعاءً لتشكيل الحريات في كل وطن، وتؤسس في الوطن العربي لنموذج
المسرح الشامل، الذي يحوي المشاهد الغنائية الراقصة التمثيلية الصامتة وخيال الظل،
وأن التلقي في المسرح يحتاج إلى قدرات ثقافية وتخيلية، بهدف التفاعل بكفاءة بين بنية
النص وبنية العقل، والإسهام في ملء فراغات النص وإزاحة وهم المشاهد، فالنصوص تبني على
قاعدة الاحتمال، لا على قاعدة اليقين، ومتعة النص في الكشف الذاتي.