كل الغرب أكد أن
لإسرائيل الحق في اتخاذ كل ما يلزم ولو كان مناقضا للقانون، في إطار حقها في
الدفاع الشرعي عن النفس.
والحق أن موقف
الغرب مع
إسرائيل هو موقف سياسي لا يصمد أمام التحليل القانوني، والغرب بهذا
الموقف يعلن عن انحيازه الأعمى لإسرائيل ويشجعها على ارتكاب الجرائم وانتهاك
القانون الدولي، كما أن هذا الموقف يناقض شعارات الغرب حول حقوق الإنسان وسعى
الغرب إلى صياغة المعاهدات الدولية التي تشكل عصب القانون الدولي المعاصر.
فإسرائيل احتلت
الأرض ثم تحولت إلى اغتصاب للأرض وعدم الاعتراف بأنها تتعامل مع إنسان ولا تعترف
بالطابع الإنساني للمواطن
الفلسطيني، وبذلك تسقط حجتها الاستعمارية وأكاذيبها التي
بررت بها وجودها في فلسطين، فالحجة الاستعمارية تقول إن إسرائيل مبعوث الحضارة
الأوروبية، زُرعت في المنطقة لتولي مهمة مقدسة وهي انتشالها من البربرية إلى دنيا
الحضارة.
فالصراع بين
إسرائيل المغتصبة وبين عموم الشعب الفلسطيني الذي يعتز بمقاومته، وليس كما زعمت
إسرائيل والغرب والسلطة الفلسطينية بين إسرائيل ومعها الشعب والسلطة والغرب ضد "حماس
الإرهابية".
إسرائيل لا ينطبق
عليها مبدأ حق الدفاع عن النفس للأسباب الآتية:
أولاً: إسرائيل
المغتصبة للأرض في حدود التقسيم غير الشرعي والمحتلة لما وراءه، وتسعى إلى إبادة
الشعب الفلسطيني، ليس لها حق الدفاع عن النفس لأنه معناه تأييد الاحتلال خاصة
طويل الأجل الذي تتجرد فيه إسرائيل من أي حقوق، تطبيقا لقاعدة شهيرة "لا
ترتكب الخطأ ثم تطالب بحق الحماية للخطأ". فالتمتع بالحق يشترط أن يكون الشخص
بريئا من التسبب في الخطأ.
ثانياً: حق الدفاع
عن النفس حق طبيعي للأفراد والشعوب والدول، ولكن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة
وضعت ضوابط لممارسة هذا الحق، وإسرائيل لم تستوف شروط التمتع بهذا الحق.
ثالثاً: تشترط
المادة للتمتع بهذا الحق أن يكون رد فعل على هجوم مسلح، والهجوم المسلح من دول أما
الهجوم المسلح من جماعات
المقاومة فلا يعطي لرد الفعل صفة الدفاع الشرعي. كما
تشترط أن الهجوم مباغت، ولكن مصر نبهت إسرائيل إلى هذا الهجوم قبل وقوعه بعشرة
أيام. وكان لا بد لإسرائيل أن تتوقع الهجوم لأن سلوكها الإجرامي تراكم منذ سنوات،
كما أن إسرائيل تعمد إلى إبادة الشعب الفلسطيني.
والشرط الثالث:
أن تحاول إسرائيل صد الهجوم بأقل قدر من القوة، بينما إسرائيل أعدت العدة واستغلت
هذا الهجوم لكي تخرج على كل القواعد والالتزامات.
والشرط الرابع:
أن يكون الرد متناسبا مع الهجوم وبالقدر اللازم لصد الهجوم، وبالطبع فإن الرد يجب
أن يتفادى قدر المستطاع استخدام القوة المسلحة.
الشرط الخامس: أن
يكون الرد مؤقتا ريثما يتولى مجلس الأمن معالجة الموقف.
والشرط السادس:
ضرورة احترام قواعد القانون الدولي. فحق الدفاع عن النفس لا يشمل استخدام الطائرات
أو القنابل الحارقة ضد المدنيين، ولا يشمل حرق المستشفيات ودور العبادة، كما لا يشمل
إجراءات الإبادة والتصريح بهذه النية بإحكام الحصار ومنع مقومات الحياة خاصة الماء
والكهرباء والدواء والإيواء، والغدر الذي مارسته إسرائيل، كما لا يشمل هذا الحق
الإعلان عن خطة القضاء على المقاومة.
رابعا: المقاومة
مشروعة في القانون الدولي إذا قامت بعمليات ضد معسكرات الجيش والمستعمرات، كما أن
ذلك مشروع لأن المستعمرين بحماية الجيش يعتدون على الفلسطينيين في مدنهم وقراهم
كما يقتحمون المسجد الأقصى ويُغيرون على منازل وأحياء الفلسطينيين. وأساس مشروعية
المقاومة هو استمرار الاحتلال بنية الاغتصاب والانفراد بفلسطين وإنكار الحقوق
المشروعة للشعب الفلسطيني. والاحتلال في القانون الدولي عسكري مؤقت، ولكن الاحتلال
الإسرائيلي طال أمده لأنه مقدمة لضم الأراضي واغتصابها، فمقاومة هذا الاحتلال
وسياساته الباطشة مشروعة للفلسطينيين. وحسنا فعل الأزهر عندما أصدر فتوى ضد افتراء
البعض على المقاومة.
خامساً: إن كافة
الدول الغربية اعتبرت أعمال المقاومة فعلا وجرائم إسرائيل ردا على هذا الفعل،
بينما المقاومة دائما هي رد لفعل الاحتلال والاغتصاب. فالمقاومة تتمتع بحق الدفاع
عن النفس، أما إسرائيل ككيان غاصب لا يحق لها أن تزعم حق الدفاع عن النفس وإلا كان
هذا الحق تكريسا للعمل غير المشروع.
هذه الحقائق
جميعا يعرفها قادة الغرب وأن الدفاع عن جرائم إسرائيل يجعل المدافع عن إسرائيل
شريكا في جرائمها، أما واشنطن فهي شريك أساسي في الجرائم بل إنها هي الفاعل الأصلي
وإسرائيل هي الشريك.