مسؤول فلسطيني لـ"عربي21": تحركات جارية لإنهاء الانقسام بين كل الفصائل

كشف عضو المجلس الثوري لحركة فتح، مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني، عبد الإله الأتيرة، أن هناك جهودا وتحركات جارية من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني، وأن هناك دعوات موجّهة إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بأن تدعو جميع القوى والفصائل المختلفة إلى لقاء فوري يسفر عن قيادة وطنية موحدة.

وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "هناك اتصالات جارية على قدم وساق في هذا المضمار، لكنها لم تصل حتى الآن إلى مستوى التوافق المأمول والمنشود بين الجميع، إلا أننا متفائلون كثيرا بتلك الجهود الجديدة، وننتظر حدوث تطورات إيجابية عقب عودة الرئيس محمود عباس من المملكة العربية السعودية حيث يحضر القمة العربية الطارئة".

وأضاف الأتيرة: "ما تتطلبه المرحلة الراهنة، والحالة الفلسطينية اليوم، هي الوحدة ورص الصفوف بين الجميع دون استثناء، وأن نضع برنامجا سياسيا أو نضاليا واضح المعالم"، لافتا إلى أن الاتصالات والتحركات التي يشير إليها "تأخذ زخما إيجابيا يوما بعد الآخر، ونأمل أن تؤتي أكلها قريبا".

اظهار أخبار متعلقة

وأشار إلى أن "تحركات إنهاء الخلافات الفلسطينية تأتي من أطراف فلسطينية، ولا علاقة لأي أطراف عربية أو إقليمية أو دولية بتلك التحركات التي ربما يتم الإعلان عن بعض نتائجها خلال المرحلة المقبلة في حال التوافق على أمور بعينها".

وشدّد مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني، على ضرورة إنهاء ما وصفها بـ "الحقبة السوداء من الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني؛ فليس هناك فصيل -مهما علا شأنه- أكبر من الشعب الفلسطيني".

الانخراط في منظمة التحرير


وقال إن "منظمة التحرير هي المُمثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ فهي التي تُعبّر عن آماله وآلامه، وهي صاحبة مقولة القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وهو الشعار الذي طرحه المرحوم ياسر عرفات، وأصبح شعارا ثابتا ومتجذرا للثورة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية".

وتابع: "على كل فلسطيني أن ينخرط الآن في هذا الإطار الوحيد (منظمة التحرير) المُعبّر عن جميعا، وأن يتخلى عن أي ارتباطات إقليمية أو دولية، وندعو مُجددا حركتي حماس والجهاد للإعلان فورا عن دخولهما تحت مظلة منظمة التحرير، وهناك اتصالات وتحركات جارية أيضا في هذا الصدد".

وزاد: "الوحدة تُمثل مطلب كل الشعب الفلسطيني؛ فلا بد أن نصطف ونتوحد جميعا على قلب رجل واحد، ويجب ألا نسمح للاحتلال بأن ينجح في ترسيخ سياسة (فرّق تسد). وبما أنه حتى الآن لا توجد أي مظلة فلسطينية يعترف بها جزء كبير من دول العالم، بالإضافة إلى العالم العربي والإسلامي، سوى منظمة التحرير فعلينا جميعا أن ننخرط فيها ونسعى لتفعيلها بشكل حقيقي وجاد".

اظهار أخبار متعلقة

وأضاف: "كل القوى الفلسطينية موحّدة في الميدان في مواجهة إسرائيل فلماذا لا نتوحد في كل المناحي الأخرى كما نتوحد في الميدان، وهذه دعوة خالصة وصادقة مني كي ننحي كل الخلافات الداخلية جانبا ونمضي قدما إلى الأمام، من أجل أن نصل إلى هدفنا المنشود، خاصة أننا إزاء مرحلة حرب تأكل الأخضر واليابس، وأمام هذا الحرب وشلالات الدماء النازفة يجب أن نتوحد جميعا".

واستدرك قائلا: "إذا كان هناك اختلاف على الحكم والسلطة فالحل يتمثل في الذهاب إلى انتخابات تُعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني، وكل مشكلة لها حل إن كانت هناك إرادة صادقة لها".

وواصل حديثه بالقول: "نحن الآن في الشارع، وكل منّا يبذل جهودا شخصية وجماعية، ويجب أن نذهب بهذا الاتجاه؛ فالوحدة مطلب شعبي أصيل الآن أكثر من أي وقت مضى، وطبيعة المعركة تتطلب ذلك، ويحدونا أمل كبير في إحداث اختراق ملموس بهذا الاتجاه خلال الأيام المقبلة".

تصريحات متناقضة ومرتبكة

وردا على إعلان البيت الأبيض مؤخرا أن إسرائيل تبدأ بتطبيق هدنة لأربع ساعات يوميا في شمال غزة، قال إن "التصريحات الأمريكية، والتصريحات الإسرائيلية، متناقضة ومرتبكة، وتأتي في أحيان كثيرة للاستهلاك الإعلامي، ولا أعتقد أن واشنطن معنية بأي هدنة إنسانية، إلا إذا كان هدفها مزيد من التهجير من شمال القطاع إلى جنوبه أو من أجل تحقيق أهداف للجيش الإسرائيلي".

واستطرد قائلا: "من الواضح أن مَن يقود هذه الحرب تخطيطا، وتمّويلا، وتذخيرا، وبالمشاركة أحيانا، هي أمريكا التي إن أرادت إيقاف الحرب فستوقفها على الفور بالأمر المباشر".

ونوّه الأتيرة إلى أن "الضفة موجودة على خط المعركة مع الاحتلال منذ أكثر من عامين متواصلين؛ حيث تخوض الضفة عملا نضاليا مستمرا وشجاعا، وقدّمت أكثر من 350 شهيدا حتى اليوم منذ بداية العام الجاري".

واستدرك بقوله: "لكني متخوف من أن العدو سيستغل أوضاع غزة ليبطش بالضفة أكثر كما يجري الآن، خاصة في ظل التركيز العالمي والإعلامي على غزة، بدليل ما جرى مؤخرا في جنين ونابلس وغيرهما؛ حيث سقط قبل يومين في جنين 14 شهيدا وعشرات الجرحى".

وأردف: "علينا الأخذ بالاعتبار أن الضفة مقطعة الأوصال في ظل وجود أكثر من 600 حاجز بين المدن والقرى المختلفة، وبالرغم من ذلك يجري العمل ضد الاحتلال بكافة الأشكال، رغم قلة الإمكانيات من جميع النواحي ولكن الضفة كانت وستظل صامدة وباسلة".

اظهار أخبار متعلقة

وذكر أن "السلطة الفلسطينية دعت، وستدعو، لضرورة وقف العدوان الإسرائيلي فورا؛ فلا بد من وقف الحرب ووقف سفك الدماء، ونعلن بأننا نرفض بشدة دعوات التهجير، ونبذل كل الجهود سواء على المستوى العربي أو الإقليمي أو الدولي من أجل ذلك".

ودعا الأتيرة إلى "العمل على إتمام صفقة تُطرح أمام كل الأطراف، من أجل تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين وفي المقابل تفرج حركة حماس عن كل الرهائن الإسرائيليين".

وأكمل: "نرفض بشدة أي طرح سياسي الآن حول غزة إلا بعد انتهاء المعركة، ولا يمكننا حاليا مناقشة الحلول المأمولة أو السيناريوهات المطروحة في غزة، لأن مفهومنا السياسي يتمثل في أن غزة والقدس والضفة وحدة جغرافية واحدة، والحل السياسي هو إقامة دولة فلسطينية، لذا أي شيء قبل إنهاء هذه الحرب هو طرح عبثي لا قيمة له ولا نقبل به".

"حلف شيطاني"


ووصف الحلف الذي تكوّن بقيادة أمريكا والغرب من أجل دعم إسرائيل بأنه "حلف شيطاني وغير أخلاقي، وهو شريك في هذه الحرب التي تشنّ ضد كل الشعب الفلسطيني، وليس ضد حماس فقط".

وزاد: "لقد أثبت قادة العالم الغربي أنهم كاذبون ومعاييرهم مختلفة، وقيمهم المزعومة وهمية؛ فلا حقوق إنسان إلا للأمريكي، بينما يريدوننا عبيدا، ونحن لن نرضى بذلك، وسنواصل نضالنا مهما كانت التضحيات؛ فقد ناضل شعبنا 100 سنة ولم يرفع راية بيضاء، والأجيال جاهزة للاستمرار في مسيرة الكفاح حتى نيل الحرية".

اظهار أخبار متعلقة

وزاد: "ما يجري ليس عدوانا، بل حرب مجنونة لا وصف لها؛ حيث استخدم فيها الاحتلال كل ما استطاع حتى الآن من آلة عسكرية تدميرية طالت كل مناحي الحياة في غزة والضفة. هذه الحرب المسعورة وغير المسبوقة لم نشهد لها مثيلا طوال تاريخنا؛ فقد استخدم الاحتلال كل أنواع الأسلحة والصواريخ، واستعمل كل المحرمات، وبشكل مكثف، ضد المواطنين العزل".

وقال الأتيرة: "هذه الحرب الفاشية والنازية تشهد في الوقت ذاته مقاومة باسلة وشجاعة حتى الآن، ورغم أن إسرائيل بدأت حربها البرية إلا أن تقدمها صعب جدا ويواجه بالبطولات النادرة، وتتلقى خسائر كبيرة وفادحة يوما بعد الآخر".

حرب طويلة

وأردف: "أعتقد أن هذه الحرب ستكون طويلة، وتعتمد على حجم التغول الإسرائيلي على الأرض، ولكن حتى لو احتلوا غزة مرة أخرى؛ فعلى نتنياهو والأمريكان أن يتذكروا تجربة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين الذي قال: أتمنى أن تغرق غزة في البحر، وتجربة رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون الذي قرّر الانسحاب من غزة من طرف واحد نتيجة حجم العمليات الفدائية التي كانت تحصل ليلا ونهارا؛ فحتما سيخسر نتنياهو وأمريكا في نهاية المطاف".

وبشأن ما يُثار حول احتمالية وجود إدارة لغزة ما بعد الحرب عبر قوات عربية أو دولية، قال: "نحن نرفض جملة وتفصيلا أي طرح حاليا حول مستقبل غزة؛ فهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، وفي حال انتهاء الحرب فإن قيادة الشعب الفلسطيني، بالمشاركة مع العرب والحلفاء من كل دول العالم، سيقررون هذا المشروع المنتظر، وهو مشروع الدولة الفلسطينية ووحدة أراضيها (غزة، والقدس، والضفة)، ولا سبيل غير ذلك".

ولفت مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني، إلى أن "ما بعد هذه الحرب سيختلف سياسا وجغرافيا بالكامل، حيث ستكون هناك تحولات كبيرة على مختلف الصُعد، ونتائج المعركة بعد فترة ستحدد كل ذلك".

وشدّد الأتيرة على موقفهم الثابت من أن "غزة هي جزء أساسي من أراضي فلسطين، والحل لا يجوز أن يُطرح حاليا في ظل المعركة، ولكن تحكمه ثوابتنا في منظمة التحرير التي لم تتغير، وأنا متفائل جدا بأن رص الصفوف والوحدة ستكون من أول نتائج هذه الحرب في الداخل الفلسطيني".

وهاجم بشدة تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، التي دعا فيها لقيام دولة فلسطينية على سطح المريخ، قائلا: "هذه تصريحات عنصرية وحمقاء وغبية وبغيضة للغاية، لكنها ليست غريبة على مَن يقومون بمحرقة وإبادة جماعية لشعبنا سواء في غزة أو الضفة، ومثل تلك التصريحات تؤكد تماما أن الاحتلال لا يعترف بالآخر وينكر حقه المشروع في الوجود، وتثبت أن إسرائيل ولم ولن تسعى لأي صيغة سلام أو تعايش مشترك".

وبسؤاله عن ما إذا كان خيار حل الدولتين قابلا للتنفيذ في المستقبل، أجاب: "الواقع يقول إن التصلب الإسرائيلي جعل هذا الخيار بعيدا، لكن هناك معطيات جديدة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها، والحرب الدائرة الآن سيكون لها نتائج سياسية حتما كأي حرب أخرى، وحتى قيادة حركة حماس تقول إنها تؤمن بضرورة وجود محادثات سياسية تفضي إلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس".

وأشار إلى أن "الوضع مفتوح على كل الاحتمالات والسيناريوهات المختلفة، والعدو الإسرائيلي بدأ بعملية تصفية حسابات شرسة في مختلف أنحاء الضفة ويواصل الإمعان في إجرامه داخل غزة التي لا تزال تقاتل وتقاوم بالرغم من كل شيء"، مؤكدا أنه "لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنتائج هذه الحرب التي ستكون طويلة وشرسة على كل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة".