خلال اليوم الـ35 من
الحرب على
غزة قامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بقصف مستشفيات غزة، في وقت يعاني
فيه القطاع الصحي من أزمة حقيقية في تأمين اللوازم الطبية أو حتى تأمين الطاقة
اللازمة لتشغيل المستشفيات، وفي ذات الوقت تعلن الأمم المتحدة أن إسرائيل دمرّت
نصف مباني قطاع غزة خلال شهر واحد فقط.
بطبيعة الحال، إن شن
عمليات عسكرية مستمرة لفترة طويلة يتطلب موارد اقتصادية هائلة، وتزداد أهمية البحث
في موارد الحرب إذا ما علمنا بأنّ العجز في ميزانية إسرائيل قفز خلال أكتوبر إلى
أكثر من 400 في المئة. وهنا أيضا لا بد من التذكير بأنه وبحسب صحيفة
"غلوبس" المتخصصة بالاقتصاد الإسرائيلي فإن وزارة المالية الإسرائيلية
عند نشرها أرقام العجز تجنبت تضمين نفقات حكومية مهمة ضمن هذه الأرقام، وأهم هذه
البنود هي دفع رواتب جنود الاحتياط في الجيش وإيواء 90 ألف شخص تم إجلاؤهم من
مستوطنات الغلاف.
إن الدعم والمساعدات
المالية والعسكرية الأمريكية إلى إسرائيل واضحة ولا تحتاج إلى النقاش هنا، إذ
نحاول في هذا المقال أن نركز على
التمويلات المخفية غير المباشرة التي ساهمت بها
بعض الدول العربية المطبعة مع إسرائيل.
منذ أيام فقط نشرت
صحيفة "إلموندو" الإسبانية تقريرا استقصائيا كشفت فيه أن عددا من
المرتزقة المرتبطين بشركات عسكرية خاصة يقاتلون إلى جانب إسرائيل في الحرب على
غزة. وكشفت الصحيفة أنّ جيشا مصغرا من المرتزقة يعمل الآن في جبهات القتال وقد
تعاقدت معهم إسرائيل لتنفيذ مهام خاصة.
النقطة الأهم في هذا
التقرير هي إشارته إلى المبالغ التي يتقاضاها هؤلاء المرتزقة، حيث أشار بعض
المشاركون في التقرير إلى أنهم يتقاضون حوالي 4 آلاف يورو أسبوعيا. وبشكل مواز
ظهرت تقارير إعلامية تشير إلى أن هناك دولا عربية هي من تساهم في تمويل هؤلاء
المرتزقة، وهذا ما دفع المكتب الإعلامي الحكومي فيي غزة إلى تحميل المسؤولية لهذه
الدول التي ترسل المرتزقة إلى غزة. وتأتي تصريحات المكتب الإعلامي استمرارا
لتصريحات موسى أبو مرزوق الذي قال إن هناك دولا عربية تريد تصفية حماس بشكل نهائي.
في السنوات التي تلت اتفاقيات
التطبيع مع العدو الصهيوني، قامت بعض الشركات والمستثمرين الإسرائيليين بالاستفادة
من هذا التطبيع من خلال توقيع عقود عالمية باسم الإمارات على سبيل المثال، وذلك
نظرا لرفض الشعوب تواجد إسرائيل بمثل هذه الصفقات. في أخر هذه الأمثلة قامت شركة الكربون
الأزرق (والتي يسيطر الإسرائيليون على القسم الأكبر من أسهمها) بتوقيع عقود مع
حكومة زيمبابوي؛ تقضي بمنح الشركة الإذن بتنفيذ مشاريع ائتمان الكربون عبر 7.5
مليون هكتار من الأراضي والغابات في زيمبابوي.
كما أن هناك طريقا آخر
قامت به هذه الدول بتمويل اقتصاد الحرب الإسرائيلي وهو عبر صفقات الأسلحة مع
إسرائيل، حيث تحدث موقع "The
Cardle" العالمي عن أن بعض الدول العربية كانت على رأس ممولي المجمع
الصناعي العسكري الإسرائيلي.
في العام 2022 وحده، صدّرت
إسرائيل ما يقارب 24 في المئة من الصادرات العسكرية الإسرائيلية، أي حوالي 3 مليارات
دولار، إلى الدول العربية المطبعة معها. وتعد الدول العربية وعلى رأسها الإمارات
والبحرين ثالث أكبر مجموعة من الدول المستوردة للأسلحة الإسرائيلية بعد دول آسيا
والمحيط الهندي وأوروبا.
ختاما، لقد أصرّ الشعب
الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية منذ بدء عملية طوفان الأقصى على أنهم لا يحتاجون
للجيوش العربية للتدخل في معركتهم ضد المحتل، وجل ما طلبه الشعب الفلسطيني هو زيادة
الضغط على العالم المتواطئ مع إسرائيل لفتح معبر رفح لإيصال المساعدات الإنسانية
لمن يحتاجها في القطاع.
بعد التفاصيل المخيبة
للآمال والتي كشفت عن تواطؤ وتمويل عربي لدخول مرتزقة إلى جانب قوات الاحتلال يبدو
بأنّ الشعب الفلسطيني يتعرض لضربات خناجر يتلقاها في الظهر، ويبدو بأنه سيتخلى عن
المطالبات الإنسانية بإرسال المساعدات إلى القطاع لصالح القول أيها الإخوة العرب
توقفوا إذا سمحتم عن الغدر بنا.