ملفات وتقارير

وزير مغربي سابق يطالب يهود بلاده برفض الإبادة المرتكبة باسم دينهم في غزة

الحكمة تقتضي أن يدركوا أن قطاعات واسعة من الشعب المغربي لا توافق على التطبيع ولا على نتائجه الآنية والمستقبلية.. (فيسبوك)
الحكمة تقتضي أن يدركوا أن قطاعات واسعة من الشعب المغربي لا توافق على التطبيع ولا على نتائجه الآنية والمستقبلية.. (فيسبوك)
طالب وزير الثقافة المغربي السابق محمد الأشعري جميع المغاربة اليهود المقيمين بمسقط رأسهم أن تكون لهم كلمة حق ضد هذه الإبادة المرتكبة باسم دينهم، وألا يستكينوا للصمت.

جاء ذلك في رسالة مفتوحة وجهها الأشعري اليوم الثلاثاء إلى اليهود المغاربة، بعنوان: "رسالة إلى اليهود المغاربة المقيمين بالمغرب" ونشرتها عدد من وسائل الإعلام المغربية.

وقال الأشعري في الرسالة: "لا شك في أنكم، كمغاربة تعيشون بالمغرب وتتقاسمون مع إخوانكم من غير اليهود شرف الانتماء إلى هذا الوطن، قد امتعضتم أيما امتعاض من لهجة الرسالة التي تفتقر إلى أبسط شروط اللياقة، وتجرح شعور المغاربة، والتي تطلب من ملك المغرب أن يكون له نفس الموقف الذي تعبر عنه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، منذ أحداث السابع من أكتوبر.. والحال أن ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس وأن توقيع اتفاقية التطبيع، فضلا عن كونها اقترنت بالتزام المملكة المغربية بالاستمرار في الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فإنها لا هي ولا أي إجراء سياسي آخر لن يقتلع أبدا هذه القضية من وجدان الشعب المغربي ومن هويته الوطنية".

وأضاف: "إنني أسالكم: هل أنتم موافقون على هذه الرسالة، التي تتحدث باسم اليهود من أصل مغربي؟ ألا تستفزكم لهجتها، التي تدافع عن إبادة الفلسطينيين في غزة وترفض لهم حق المقاومة وتعتبرهم أقل من حيوانات؟".

وتابع: "إذا كنتم توافقون عليها فيجب أن تقولوها، بكل صراحة ووضوح.وإذا كنتم لا توافقون عليها ولا تعبر عنكم فلا بد أن تقولوها، بجرأة ووضوح".

وبعد أن أشار الأشعري إلى مواقف المغرب المطالبة بضرورة الوقف الفوري للعدوان الغاشم على غزة  وأن السلام لا سبيل إليه إلا باحترام الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؛ بما في ذلك حقه في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، قال: "إن في عنقكم بيعة دائمة لملك المغرب، هل تؤيدون إذن هذه المواقف الملكية الرافضة لتقتيل الشعب الفلسطيني والداعية إلى سلام عادل في المنطقة؟ وهي مواقف متناغمة مع مشاعر الشعب المغربي ومبادئه الثابتة".

وأضاف: "بعبارات أخرى، هل تستنكرون مذابح غزة؟ هل تدينون الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو؟ هل تساندون الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني؟".

وأكد الأشعري أنه "لا يمكن أن يستمر صمت اليهود المغاربة على هذا النحو"، وقال: "إذا كان واضحا اصطفاف الإسرائيليين من أصل مغربي في أغلبهم خلف الليكود وخلف سياسة الميز العنصري التي يمارسها، فإنه ليس واضحا بشكل جلي ومقنع خلف من تصطفون. وليس واضحا ما تقولونه بصمتكم".

وأضاف: "نحن جميعا كمغاربة نحب اعتزازكم بانتمائكم إلى وطنكم المغرب، وتشبثكم بثقافته وتراثه وبتقاليده العريقة في التعايش والاحترام المتبادل؛ ولكن مواطنتكم المغربية تقتضي أن تدافعوا مثل كل المغاربة عن حقوق الشعب الفلسطيني وأن تستنكروا المذابح التي يتعرض لها، والأفق المسدود الذي تضعه السياسة الإسرائيلية المتطرفة أمام مطلب السلام."

وأشار الأشعري إلى أن التطبيع الرسمي بين المغرب وإسرائيل لا يغير من موقف المغاربة المؤيد للقضية الفلسطينية، وقال: "نعم، لقد جرى تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. ومن حق اليهود المغاربة هنا وهناك أن يبتهجوا بهذا التطبيع، لا أحد ينازعهم في ذلك؛ ولكن الحكمة تقتضي أن يدركوا أن قطاعات واسعة من الشعب المغربي لا توافق على التطبيع ولا على نتائجه الآنية والمستقبلية، وتعتبر عن حق بأن مجرد الحديث عنه في هذه الظروف التراجيدية يعتبر نوعا من الاستخفاف (حتى نبقى مؤدبين)".

وأضاف: "إننا جميعا ومهما يكن من أمر كنا نتطلع، على الأقل بناء على التطبيع، إلى تحول إيجابي لدى الإسرائيليين من أصل مغربي، يجعلهم يعتنقون معنا، ملكا وشعبا، يهودا ومسلمين، قضية السلام العادل وحل الدولتين، لا أن نعتنق معهم تطرف الليكود وسياسته العنصرية الهمجية".

وأنهى الأشعري رسالته المفتوحة لليهود المغاربة قائلا: "نعم، في أوضاع بهذه الخطورة، أنتم أحرار في مواقفكم، وليس من حق أحد أن يصادر حريتكم. ولكن ليس من حقكم أن تصمتوا"، وفق تعبيره.

ومحمد الأشعري هو سياسي وشاعر وروائي مغربي، اشتغل بالصحافة والمجال السياسي الذي قاده إلى مسؤوليات نيابية وحكومية، منها تولي منصب وزير الثقافة.

وكانت جمعية الإسرائيليين من أصل مغربي قد بعثت رسالة إلى الملك محمد السادس، تحاول فيها إقناعه بـ"ضرورة" شن الحرب على غزة من طرف الجيش الإسرائيلي، مصورة حركة "حماس" الفلسطينية على أنها "إرهابية ووحشية للغاية"، وهي الرسالة التي تضمنت أيضا عتابا للمملكة بسبب الاحتجاجات التي شهدتها ولا تزال تشهدها مدنها تضامنا مع الفلسطينيين.

وخلصت الرسالة، التي نشرتها صحيفة "الصحيفة" المغربية الأسبوع الماضي، إلى مخاطبة الملك بالقول "نحن نلجأ إليك، فلا تدر ظهرك لأصدقائك ولمن يحبونك، كن اليوم إلى جانبنا وإلى جانب الشعب الإسرائيلي بأكمله في نضاله من أجل الوجود، ومن أجل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد أي تنظيم إرهابي يريد تدميرها، حربنا اليوم هي حرب تتعلق ببلدكم، وبكل بلدان العالم الحر وكل دولة معتدلة ومستنيرة، لأن حماس وداعش لن تتوقفا إلا معنا".



ومنذ 39 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، دمرت أحياء فوق رؤوس ساكنيها، وخلّفت 11 ألفا و240 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا، و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الاثنين.
التعليقات (4)