على سرير الاستشفاء، ينادي الطفل أحمد شبات، ابن الأعوام الثلاثة، والدته التي اعتاد أن تسكّن ألمه بلمسة من حنانها، دون أن يعلم أن والديه وشقيقه وآخرين من أقربائه طالتهم آلة العدوان
الإسرائيلي واستشهدوا خلال
قصف استهدف منزل العائلة في بلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع
غزة في اليوم الأول للحرب.
ويتلقى أحمد العلاج حاليا في مستشفى "شهداء الأقصى" في دير البلح وسط القطاع، رغم انتقاله من شمال غزة إلى جنوبها، للمرة الثالثة منذ انطلاق الحرب على القطاع في 7 تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
يقول خال الطفل إبراهيم أبو عمشة، وهو أيضا نازح من بيت حانون، "تعرّض أحمد لقصف فقد على إثره جميع أفراد أسرته المكوّنة من 5 أشخاص، حيث استشهد والده ووالدته وشقيقه وآخرون من العائلة، فيما نجا هو وشقيقه الأصغر وعمره عامان".
اظهار أخبار متعلقة
يضيف خال الطفل: "وصلنا خبر أن أحمد مصاب وموجود في المستشفى الإندونيسي (شمال غزة)، فذهبنا إلى هناك وأخذناه، وتوجّهنا به بعد تعافيه إلى مدينة الشيخ رضوان شمال القطاع".
ويروي إبراهيم معاناة أبناء القطاع من القصف المتكرر: "أثناء وجودنا في الشيخ رضوان تعرّض أحمد للقصف للمرة الثانية، حيث أصيب إصابة طفيفة جراء وقوع زجاج الشباك على رأسه".
وأكمل: "بسبب خوفنا على الأطفال والموجودين نزحنا إلى مدينة النصيرات جنوب قطاع غزة، وهناك تعرض أحمد لقصف للمرة الثالثة، وهذه المرة خسر رجليه الاثنتين".
الاحتلال يقصف المناطق التي يدعي أنها آمنة
فقد خال الطفل عددا كبيرا من الشهداء في عائلته، يقول: "أحمد طفل بريء لا ذنب له بكل الأحداث الجارية، وهو لم يسلم رغم توجّهنا إلى الجنوب الذي قالوا لنا إنه آمن".
ويتحدث إبراهيم أن الاحتلال استهدف جنوب غزة الذي ادعى أنه آمن، ويقول: "استهدفوا أحمد في المكان الذي أعلنت عنه إسرائيل آمنا جنوب وادي غزة في النصيرات عند باب مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"".
ويبيّن أن القصف الإسرائيلي استهدف المدرسة التي تعرّف نفسها على أنها "مركز إيواء، ومن يدخلها يكون بأمان".
اظهار أخبار متعلقة
الحرب تدمر نفسية الأطفال
لم تنجح محاولات الأطباء كثيرا في تهدئة آلام أحمد بالمحاليل والمسكنات، فهي لن تفيده عند معرفته أن حياته ستكون محكومة باليتم والإعاقة التي تسبب بها الاحتلال الإسرائيلي.
ونتيجة للحالة الصحية الصعبة التي وصل إليها أحمد، يناشد خاله الدول "لمساعدة الطفل في رحلة علاجه بعد خسارته الكبيرة، من خلال تأمين أطراف صناعية له".
مؤكدا على ضرورة تأمين "دعم نفسي" للطفل ليواجه واقعه الجديد في ظل ما عاشه من ويلات قصف همجي لا يفرق بين طفل وحجر.
يقول الخال عن الحالة النفسية لأحمد: "أحمد في طبيعته ذكي ونشيط، لكن بعد الأحداث التي عاشها تحوّل إلى إنسان آخر نفسيته مدمرة، يظل خائفًا، لا يهدأ إلا عندما أحضنه، لا يهدأ بسبب الوجع والصدمة النفسية معًا".
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يواصل الجيش الإسرائيلي مطالبة سكان شمال القطاع بالنزوح باتجاه الجنوب، وهو ما يتضح يوميا بأنه مجرد ادعاءات تتناقض مع مشاهد الموت والدمار التي تلاحق النازحين أينما توجهوا.
ومنذ 42 يوما، يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 11 ألفا و500 شهيد، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلا عن 29 ألفا و800 مصاب، 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق آخر إحصائية رسمية فلسطينية صدرت الأربعاء.