نشر موقع "
موندويس" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن الدور الذي تضطلع به منظمات حقوق الإنسان في دعم الهجوم الإسرائيلي على قطاع
غزة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التقارير الأخيرة الصادرة عن "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان" في دولة الاحتلال و"هيومن رايتس ووتش" حول الاغتصاب الجماعي المزعوم والهجوم على المستشفى الأهلي لا تلبي المعايير الأساسية لتقارير حقوق الإنسان، وتغذي الحملات الدعائية الإسرائيلية التي تبرر الإبادة الجماعية.
في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، نشرت كل من "هيومن رايتس ووتش" وجمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية" تقريرين يُقدّم كلاهما ادعاءات خطيرة ضد
الفلسطينيين، زاعمين أنهم متورطون في جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية. ويزعم تقرير "هيومن رايتس ووتش" بعنوان "نتائج انفجار المستشفى الأهلي في 17 أكتوبر/ تشرين الأول"، أن المستشفى الأهلي العربي في غزة قُصف بصاروخ خاطئ أطلقه الفلسطينيون في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، في حين أن تقرير جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية بعنوان "العنف القائم على النوع الاجتماعي كسلاح حرب خلال هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر"، يتهم حماس بارتكاب أعمال عنف جنسي، بما في ذلك الاغتصاب.
وأوضح الموقع أن التحقيق في مزاعم العنف الجنسي والاغتصاب خلال 7 تشرين الأول/ أكتوبر ينبغي تحقيقها. واسترشادا بالالتزامات المناهضة للعنصرية والنسوية، لا بد من محاسبة مرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي. وجميع الضحايا -بمن فيهم الفلسطينيون الذين يتعرضون للعنف الجنسي- يستحقون العدالة على غرار الضحايا في المستشفى الأهلي العربي.
وذكر الموقع أن القراءة الدقيقة لهذه التقارير تظهر أن أيا منها لا يفي بمعايير أفضل الممارسات لإعداد التقارير والأبحاث في مجال حقوق الإنسان في الصناعة، والتي تميل هيومن رايتس ووتش وجمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية إلى التمسك بها. لكن هذه المرة، قامت المنظمتان عن عمد بتطبيق عتبة مختلفة وأدنى بكثير من الأدلة فيما يتعلق بالفلسطينيين. وتستند هذه التقارير إلى تكهنات وليس إلى أدلة وإلى منهجية معيبة ترقى إلى مستوى السلوك غير الأخلاقي. ولا يقدم أي من التقريرين أدلة موثوقة أو كافية لإثبات الادعاءات الخطيرة التي يقدمونها.
مع أن العناوين الرئيسية والملخصات التنفيذية للتقارير حاسمة، إلا أنه يمكن للمرء أن يجد في التقارير إخلاء المسؤولية حيث تعترف المنظمات فعليا بأن التقارير غير حاسمة. فعلى سبيل المثال، كتبت منظمة هيومن رايتس ووتش أن "هناك حاجة إلى إجراء تحقيق كامل" في انفجار مستشفى الأهلي. وبالمثل، كتبت جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية أن التقرير "لا يحاول أو يهدف إلى تلبية العتبات القانونية" - وهو تحذير لم تدرجه في أي من تقاريرها الأخرى، بما في ذلك التقارير التي تتناول العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفقا للتقرير.
وأوضح الموقع أن السلوك غير الأخلاقي لمنظمة هيومن رايتس ووتش وجمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية أصبح ممكنا بسبب العنصرية المعادية للفلسطينيين. تغذي هذه التقارير سياقا عالميا للتفوق الأبيض وكراهية الإسلام والعنصرية المعادية للفلسطينيين. وتعلم هذه المنظمات أنه عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فإنها لن تواجه تدقيقًا جديًا أو مطالبات بالمحاسبة من قبل الحكومات الغربية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني. ولا يمكن النظر إلى هذه التقارير بمعزل عن الأحداث الجارية، فهي تغذي بشكل خطير الحملات الدعائية المنظمة التي تديرها إسرائيل، التي تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم كوسيلة لصرف الانتباه عن الإبادة الجماعية في غزة وتبريرها.
التوقيت
وأردف الموقع أن تعامل هيومن رايتس ووتش وجمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية مع القانون الدولي اتخذ دائما نهجا ليبراليا ضيق الأفق غالبا ما يتجاهل السياق والسياسة. أحد الأمثلة المهمة هو تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش حول الفصل العنصري، الذي يتجاهل السبب الجذري للفصل العنصري في فلسطين. وهم ينظرون إلى جميع الأطراف على قدم المساواة، باعتبارها متماثلة بغض النظر عن علاقات القوة.
وقال الموقع إنه ينبغي فهم توقيت إصدار التقارير ضمن سياق الرفض والمحو. في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما نُشرت التقارير، قُتل أكثر من 12 ألف فلسطيني في غزة على يد إسرائيل، ويقدر أن 4 آلاف آخرين محاصرون تحت الأنقاض. وقد نزح بالفعل أكثر من نصف السكان وحُرِموا من الحصول على الماء والغذاء والدواء.
بدلا من ذلك، اختارت هذه المنظمات استثمار وقتها ومواردها ورأس مالها في استهداف الفلسطينيين - الذين يتعرضون للذبح والتجويع بشكل يومي. ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرين عن الفظائع الفلسطينية وأرسلت أيضًا فريقًا إلى إسرائيل للتحقيق في مزاعم العنف الجنسي، بينما نشرت جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية تقريرًا عن هجمات حماس على المرافق الصحية بالإضافة إلى تقريرها الحالي.
اظهار أخبار متعلقة
صدر تقرير هيومن رايتس ووتش عن المستشفى الأهلي تزامنا مع إعلان إسرائيل الحرب على القطاع الصحي في غزة كأحد أهدافها العسكرية الرئيسية. وتمنع إسرائيل دخول الأدوية والمعدات الطبية الأخرى، وتستهدف بشكل ممنهج سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، وتقصف المستشفيات، بما فيها المستشفى الأهلي، والشفاء، والمستشفى الإندونيسي، ومستشفى العودة، ومستشفى السرطان، وغيرها من المستشفيات. لهذا السبب، باتت معظم مستشفيات غزة خارج الخدمة. وكان قصف المستشفى الأهلي العربي، الذي تديره الكنيسة الأنجليكانية، بمثابة "اختبار حقيقي لما خططوا للقيام به لبقية النظام الصحي".
ذكر الموقع أن تقرير هيومن رايتس ووتش، أثار استياء مجموعات المجتمع المدني الفلسطيني. وأشارت حركة المقاطعة إلى أن "محتوى التقرير وتوقيته يشيران إلى دوافع سياسية، وليس إلى الدفاع عن حقوق الإنسان. ولم تتخذ منظمة هيومن رايتس ووتش، ومقرها الولايات المتحدة، أي إجراء فعال لوقف الإبادة الجماعية في غزة أو الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وبالمثل، ذكر بيان جماعي لعشرات المنظمات أنه "في الوقت الذي تحظى فيه ثقة الجمهور بمؤسسات تقصي الحقائق المستقلة بأهمية قصوى، فإن تقرير هيومن رايتس ووتش هذا يضعف مصداقية منظمات حقوق الإنسان ويُعرّض حياة الفلسطينيين للخطر".
في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، أطلقت "إسرائيل" حملة دولية جيدة التنظيم، زاعمة أن حماس استخدمت الاغتصاب بشكل منهجي كسلاح حرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقد استخدم نتنياهو نفسه مزاعم العنف الجنسي لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم باعتبارهم أعداء للحضارة وناشد "القادة المتحضرين" والحكومات والدول" لدعم حرب إسرائيل على غزة. وكجزء من هذه الحملة، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها ستستغل اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر لتعزيز حملتها. وأصدرت جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية تقريرها في 26 تشرين الثاني/نوفمبر.
وشدد الموقع على أن الحملة الدعائية الإسرائيلية لا تهدف إلى السعي لتحقيق العدالة للضحايا الذين يستحقون العدالة. في الواقع، تحتل إسرائيل المرتبة الأخيرة في مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمساواة بين الجنسين، وتقوم حاليا بتوزيع الأسلحة على نطاق واسع على المواطنين، وهي خطوة حذرت المجموعات النسائية من أنها تعرض النساء لخطر العنف المنزلي. واهتمام إسرائيل المفاجئ بالنساء لا يتعلق بالاهتمام برفاهيتهن وحقوقهن، بل باستخدام أجساد النساء كسلاح لتبرير جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
تأطير خارج السياق وعنصري
أشار الموقع إلى أن إسرائيل تبذل كل ما في وسعها لتدمير كل ما يمكن أن يحافظ على حياة الإنسان في غزة بهدف جعلها غير صالحة للسكن. إنها تقضي وتدمر كل شيء: الشعب، القطاع الصحي، البنية التحتية، الجامعات، المساجد، الكنائس، المكتبات، المنازل، الأبراج السكنية، المخابز، الأسواق، محلات البقالة، مباني البلدية، الأرشيف، المراكز الثقافية، المدارس، أحياء بأكملها، و مخيمات اللاجئين. ومع ذلك، ترفض المنظمتان التعامل مع الأدلة المتزايدة على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. حتى أن منظمة هيومن رايتس ووتش إلى لم تدعو بعد إلى وقف إطلاق النار.
وخلال المرحلة الحالية من حملة الإبادة الجماعية، رفضت المنظمتان تحديد موقع غزة ضمن التاريخ والحاضر الأوسع للاستعمار الاستيطاني في فلسطين، والأهم من ذلك، ضمن أهداف إسرائيل المتمثلة في جعل غزة غير صالحة للسكن وطرد سكانها. لقد نشروا تقاريرهم بينما كان القادة الإسرائيليون يطالبون بتنفيذ نكبة أخرى، وفقا للموقع.
ونوه الموقع إلى أن هذه التقارير تخدم الهوس الليبرالي لدى هيومن رايتس ووتش وجمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية بالظهور بشكل موضوعي من خلال التركيز على "الفظائع الفلسطينية" من أجل جذب واسترضاء الجماهير الليبرالية الإسرائيلية والغربية. لكن إطلاق هذه التقارير يجب أن يُفهم على أنه أكثر من مجرد خطوة ساخرة محسوبة جيداً. إنها تعكس وجهة نظر استثنائية، حيث يعتبر العنف ضد الإسرائيليين غير معقول وهمجيًا ووحشياً، في حين يوصف العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بعبارات معقمة وباردة.
هيومن رايتس ووتش: تقويض الشهادات الفلسطينية وتجاهل الأدلة الموثوقة
قال الموقع إن تقرير هيومن رايتس ووتش حول قصف المستشفى الأهلي يخرج الهجوم من سياق الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد المستشفى، ويتجاهل الروايات الفلسطينية عن القصف، ويتجاهل التحقيقات الأخرى ذات المصداقية في أحداث 17 تشرين الأول/أكتوبر.
وأشار إلى أن هيومن رايتس ووتش لم تقم بزيارة موقع المستشفى الأهلي، ولم تتمكن من الوصول إلى الشظايا، ولم تتمكن من "التعرف بشكل قاطع على الذخيرة". لكنها وجهت أصابع الاتهام نحو الفلسطينيين، مستندة في قرارها إلى "الصوت الذي سبق الانفجار، وكرة النار التي رافقته، وحجم الحفرة الناتجة، ونوع البقعة المجاورة لها، ونوع ونمط الشظايا المرئية حول الحفرة".
وذكرت حماس أنها ترحب بدخول هيومن رايتس ووتش إلى غزة، وأنها ستتعاون مع إجراء تحقيق مستقل وتتبادل الأدلة المتوفرة لديها بمجرد انتهاء الإبادة الجماعية، وعندما تسمح الظروف بذلك. وقد رفضت هيومن رايتس ووتش الانتظار مع أن لا شيء في هذا التقرير كان عاجلاً ولا يمثل تحقيقاً أصلياً. واتساقًا مع المواقف العنصرية تجاه "السكان الأصليين"، فشلت هيومن رايتس ووتش في النظر في الشهادات العديدة التي ظهرت في الأيام التالية من الطاقم الطبي، بما في ذلك الأطباء والمواطنين العاديين الذين كانوا يحتمون بالمستشفى. ولم تتواصل هيومن رايتس ووتش مع مدير المستشفى، ولم تتصل بالطبيب الذي تلقى أوامر إسرائيلية بالإخلاء.
بحسب الموقع، فإن هذا الرفض لإيلاء الاعتبار الواجب للقصف الإسرائيلي للمستشفى الأهلي في 14 تشرين الأول/ أكتوبر، وللتهديدات التي وجهتها إسرائيل ضد المستشفى، يبرر حادثة 17 تشرين الأول/ أكتوبر النهائية. فقد تجاهلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التحقيقات المتاحة والموثوقة التي أجرتها مؤسسة "الهندسة الجنائية" ومؤسسة "الحق" و"إيرشوت". وقد أجرت مؤسسة "الهندسة الجنائية" ومؤسسة الحق، و"إيرشوت" عملية إعادة بناء ثلاثية الأبعاد وتحليل مسار مقطعي فيديو متاحين للجمهور - أحدهما بثته "القناة 12" الإسرائيلية والثاني بثته قناة الجزيرة - وتدعي الحكومة الإسرائيلية أنهما يشيران إلى أن صاروخا أُطلق بشكل خاطئ وأصاب المستشفى.
وذكر الموقع أن "إسرائيل" استندت في اتهاماتها إلى مقطع الفيديو الذي بثته قناة الجزيرة. وردًا على ذلك، أجرى فريق التحقيقات الرقمية في الجزيرة تحليلًا معمقًا لهذا الفيديو، بالإضافة إلى مقاطع فيديو أخرى من مصادر متعددة، وقام بإنشاء جدول زمني مفصل للأحداث ثانيةً بثانية. وقد تعرفوا على الصاروخ الذي أُطلق من غزة، وهو الصاروخ المعني. ويظهر الصاروخ نفسه أيضًا في الفيديو الإسرائيلي.
ويظهر البث المباشر لقناة "الجزيرة" أنه تم اعتراض نفس الصاروخ وتدميره وتحطمه في السماء. ووفقا لجميع اللقطات ومقاطع الفيديو التي تم تحليلها، فقد تم اعتراض هذا الصاروخ وكان آخر صاروخ تم إطلاقه من غزة قبل قصف المستشفى. ويظهر التحقيق أنه بعد خمس ثوان من هذا الاعتراض، يمكن رؤية انفجار في غزة، يليه بعد ثانيتين انفجار آخر أكبر بكثير. وهذه هي الضربة التي استهدفت المستشفى الأهلي. ولم يجد فريق تحقيقات الجزيرة أي أساس للادعاءات الإسرائيلية بأن الغارة كانت بسبب فشل إطلاق صاروخ.
وفيما يتعلق بحجم الحفرة، كتبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن حجمها "لا يتوافق مع نقطة الانفجار لقنبلة كبيرة يتم إسقاطها من الجو مع حمولة شديدة الانفجار". وقد تناول فرانشيسكو سيبريغوندي، الباحث والمهندس المعماري والمحقق السابق في مؤسسة "الهندسة الجنائية"، ضعف هذا الادعاء. حسب سيبرغوندي فإن القنابل التي تزن طنًا واحدًا عادةً ما تخلق حفرة كبيرة، في حين أن الصواريخ الأخرى "التي يستخدمها جيش الدفاع الإسرائيلي أيضًا، لن تترك حفرة كبيرة". ولا يأخذ تقرير "هيومن رايتس ووتش" هذا الاحتمال على محمل الجد. علاوة على ذلك، يذكر سيبرغوندي أن احتمال أن يكون صاروخ فلسطيني قد تسبب في كل هذه الأضرار "منخفض للغاية"، وفقا للتقرير.
منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: قراءة الدعاية الإسرائيلية
قال الموقع إن أول ما يتعلمه المحامون والممارسون والخبراء والباحثون والطلاب في مجال حقوق الإنسان هو التشكيك في المعلومات الواردة من الحكومات، وإجراء أبحاث مستقلة، والتحقق من مصداقية المصادر التي يستخدمونها وتقييمها قبل تقديم ادعاءات خطيرة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن فشلت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تأمين كل هذه المتطلبات الأساسية في تقريرها. والقراءة المتأنية لجميع المصادر المذكورة في التقرير تظهر أن جميعها، باستثناء واحد، في الغالب من وسائل الإعلام (الإسرائيلية والدولية)، والبعض الآخر من مبادرات المجتمع المدني ذات الروابط الحكومية القوية.
اظهار أخبار متعلقة
في مقابلة مع مجلة "نيويوركر"، أوضحت هداس زيف، مديرة الأخلاق والسياسة في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل والمؤلفة المشاركة للتقرير، قائلة "لم نقم بإجراء مقابلات مع شهود عيان حقيقيين". وفي حين أنه من المفهوم أنه من السابق لأوانه إجراء مقابلات مع الناجين، فإنه ليس من الواضح سبب عدم إجراء مقابلات مع الشهود الذين أجرت وسائل الإعلام مقابلات معهم بالفعل.
في الأساس، يعد التقرير تلخيصا وإعادة صياغة للإحاطات والعروض البرلمانية التي قدمها مسؤولون حكوميون إسرائيليون، سواء كانت مسجلة أو غير رسميّة. وتعود المعلومات الواردة في المصادر التي يعتمدون عليها تعود إما صراحة أو بسهولة إلى الحكومة الإسرائيلية، وخاصة مكتب رئيس الوزراء والشرطة الإسرائيلية. ولا يتضمن التقرير أي إشارة إلى التحقق المستقل من الأدلة أو إجراء تحقيق مستقل من قبل منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان.
وحسب الموقع، فإن هذا يتناقض بشكل حاد مع منهجيتهم في التقارير السابقة، بما في ذلك التقارير التي تتناول العنف الجنسي. كان ينبغي لعقود من عمل منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أن تعلمهم جيدًا أن الحكومة الإسرائيلية لديها سجل طويل من عدم الأمانة والتلاعب والتلفيق. ويتمثّل أحد الأمثلة البارزة الأخيرة في إنكار إسرائيل أن قناصًا قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في جنين في أيار/ مايو 2022.
وكان هذا هو الحال أيضا منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عندما نشرت الحكومة الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا معلومات مضللة وأكاذيب صريحة حول 40 طفلا مقطوع الرأس، ووجود مركز "القيادة والسيطرة" التابع لحماس تحت مستشفى الشفاء، وأكثر من ذلك. وهذه المرة، وجدت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أنه من المناسب نشر تقرير يعتمد على المعلومات التي تم تتبعها للحكومة الإسرائيلية. وفيما يلي أمثلة على السلوك غير المهني لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في التقرير:
إن التقرير يعتمد على شهادات بثتها شبكة "سي إن إن" تناولت العنف الجنسي الذي ارتكبه الفلسطينيون في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وقد ثبُت أن كل دليل و"رأي خبير" بثته شبكة "سي إن إن" إما يفتقر إلى المصداقية أو لديه علاقات مع المسؤولين والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية. وتشير منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إلى "الأرشيف المدني لتوثيق الجرائم المرتكبة ضد المرأة من قبل حماس"، وهي هيئة يرأسها كوخاف الكيام ليفي ومصداقيتها مشكوك فيها.
علاوة على ذلك، تستشهد منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان بندوة عبر الإنترنت استضافتها كلية الطب بجامعة هارفارد، عرض خلالها الكيام ليفي صورة يدعي أنها تظهر امرأة اغتصبها عناصر حماس في مهرجان نوفا. وتداولت وزارة الخارجية الإسرائيلية هذه الصورة، ولكن ثبت أنها لمقاتلة كردية تعرضت لاعتداءات جنسية، وفقا لما أورده التقرير.
هناك "مصدر" آخر تستخدمه منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان وهو معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط. ويُذكر أن رئيس ومؤسس معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط هو يغال كارمون، وهو عقيد متقاعد في سلاح المخابرات التابع لقوات الدفاع الإسرائيلية الذي عمل مستشارًا لمكافحة الإرهاب لاثنين من رؤساء الوزراء الإسرائيليين. ولا يتضمن التقرير أي إشارة إلى التحقق المستقل من ادعاءات معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط.
تعتمد منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان على تقارير وسائل الإعلام لاقتباس شهادات الشهود الذين عمِلوا في قاعدة الشورى العسكرية، حيث تم جلب جثث ضحايا السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. ويزعم هؤلاء الشهود أنهم رأوا علامات اغتصاب وعنف جنسي، لكن منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان نفسها تقول إن الشهود "ليسوا مدربين بشكل احترافي لتحديد ما إذا كان الاغتصاب قد حدث أم لا".
مع ذلك، هذا لم يدفع منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إلى اتخاذ القرار الوحيد المقبول الذي يمكن أن تتخذه منظمة جادة لحقوق الإنسان، وهو عدم إدراجها في التقرير. بمعنى آخر، ما الفائدة من تضمين هذه المعلومات من أشخاص ليس لديهم الخبرة ذات الصلة؟ وتذكر منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تقريرها الاعترافات التي انتزعها جهاز الأمن الإسرائيلي – المشهور بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين – من مقاتلي حماس الذين ألقت إسرائيل القبض عليهم في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وتذكر منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أن الشهادات من المحتمل أنه تم انتزاعها تحت التعذيب.
التفوق اليهودي الإسرائيلي لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان
ذكر الموقع أن منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، بما في ذلك منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، متورطة في النظام الاستعماري الاستيطاني، ويتميز هيكلها التنظيمي وعملها بالسياسة العنصرية. هناك تسلسل هرمي بين الموظفين الفلسطينيين واليهود، حيث يشغل اليهود الإسرائيليون المناصب العليا، بما في ذلك أولئك الذين يكتبون تقارير السياسة العامة ويقومون بالحملات العامة. وهذا هو الحال أيضًا في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. لذلك، ليس مفاجئًا أن الموظفين الفلسطينيين في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان حثوا على عدم نشر هذا التقرير دون حد أدنى من الأدلة، ليتم إسكاتهم وتجاهلهم من قبل الموظفين اليهود.
اظهار أخبار متعلقة
وقد اختارت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان نشر تقرير يفشل في تلبية المعايير الأخلاقية المشتركة لإعداد التقارير عن حقوق الإنسان. لقد اعتمدت على المصداقية والاعتراف والاحترام الذي تتمتع به على المستوى الدولي، الذي لعب الموظفون الفلسطينيون دورا محوريا في بنائه على امتداد عقود، وفقا للتقرير.
وأِشار الموقع الأمريكي إلى أن هذا لا يعني إنكار مزاعم العنف الجنسي أو الادعاء بأنه لا ينبغي التحقيق فيها. لكن باعتبارها منظمة لحقوق الإنسان، تتحمل منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان مسؤولية إجراء الأبحاث بشكل أخلاقي وعليها واجب نشر تقارير موثوقة. وكان بإمكان منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أن تشارك في تحقيق شامل، كما فعلت في تقاريرها الأخرى، لكنها اختارت عن طيب خاطر، لأسباب سياسية ودوافع عنصرية، الانخراط في سلوك مشين.
وفي الاندفاع لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي، تخلت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان عن جميع المعايير الأخلاقية والمهنية وعملت في خدمة الدعاية الإسرائيلية والعنصرية ضد الفلسطينيين. والعنصرية والشعور المتأصل بالتفوق اليهودي سمح لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان بنشر تقرير بدون دليل.
المساءلة
دعا الموقع إلى ضرورة أن تكون المنهجية قوية، ويجب أن تكون الأدلة قاطعة، ولا ينبغي توجيه أصابع الاتهام بهذه السهولة، خاصة إلى الأشخاص الذين يتعرضون للإبادة الجماعية. لقد نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة حقوق الإنسان لحقوق الإنسان تقارير غير أخلاقية مع شعور بالإفلات من العقاب، منتهكة المبدأ الأساسي المتمثل في "عدم الإضرار"، وهو الحد الأدنى المتوقع في قطاعي حقوق الإنسان والعمل الإنساني. ويطالب الفلسطينيون بالمساءلة. إن منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان مدينتان للفلسطينيين بإجابات.