هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا
للصحفية ريا جلبي من بيروت قالت فيه إن أحد الناشطين على مواقع التواصل، راشد
الحداد، قام بتصوير نفسه وهو على قارب يقترب من سفينة الشحن التي احتجزها الحوثيون
في أواخر العام الماضي والتي أصبحت منطقة جذب سياحي غير متوقعة. اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة
وفي مقطع فيديو تم تسجيله في ظل سفينة "Galaxy Leader"،
القابعة الآن قبالة الساحل اليمني، قال الشاب البالغ من العمر 19 عاما لحشد من
متابعيه الجدد على وسائل التواصل الاجتماعي إن جميع اليمنيين "مع فلسطين حتى
النصر" ودعاهم إلى الاستمرار في دعمهم لغزة.
وكتب أحد المعلقين العراقيين تحت أحد منشورات
حداد واسعة الانتشار على موقع إنستغرام: "نحمد الله على الحوثيين. إنهم العرب
الوحيدون الذين يساعدون فلسطين". وهو شعور ردده مئات آخرون.
وقال حداد إنه ليس حوثيا، لكن مقاطع الفيديو
التي ينشرها ساعدت في تسليط الضوء على الحركة المسلحة المرتبطة بإيران والتي تسيطر
على جزء كبير من اليمن، وقد حصدت ملايين المشاهدات على تطبيقات مثل "TikTok". وقد أطلق عليه مستخدموه الشباب لقب “TimHouthi Chalamet” لشبهه مع نجم هوليوود.
لقد اكتسب الحوثيون جماهير جديدة في جميع أنحاء
العالم العربي، والكثير منهم لا يعرفون سوى القليل عن تاريخ الجماعة الإسلامية أو
التكتيكات القمعية المتزايدة في وطنهم. وقد تزايدت شعبيتها، التي يبدو أنها تتجاوز
الانقسامات الطائفية، منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر،
وبدأت الحركة هجماتها الجريئة بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن التي تعبر
البحر الأحمر.
وفي حين أن حملة الحوثيين لم تتسبب في أضرار
مادية تذكر للسفن، إلا أنها عطلت التجارة العالمية وعززت سمعتهم كواحد من أكثر
الفصائل نشاطا في ما يسمى بمحور المقاومة في إيران.
وقد استدرجت الجماعة الولايات المتحدة والمملكة
المتحدة إلى القتال، على الرغم من أن الضربات التي بدأت هذا الشهر لم تفعل الكثير
لمنع هجمات الحوثيين.
وقال رجل أردني يبلغ من العمر 28 عاما ويعيش في
المملكة المتحدة: "بين جميع أصدقائي، هناك تصور إيجابي تماما عن الحوثيين.
لا أحد لديه أي انتقاد تجاههم في الوقت الحالي.".
وتعكس هذه التعليقات الغضب الشعبي المتزايد في
العالمين العربي والإسلامي بشأن الحرب في غزة. حيث استشهد أكثر من 25 ألف فلسطيني في
القطاع، وتم تهجير الغالبية العظمى من سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بسبب العدوان.
ومع بث لقطات من القصف المميت والأطفال
الجائعين مباشرة إلى المنازل العربية، تركز الغضب على المعايير المزدوجة الملموسة
وإحجام الغرب عن محاسبة دولة الاحتلال، ليس فقط على هذه الحرب، ولكن أيضا على
معاملتها للفلسطينيين على مدار الأعوام الخمسة والسبعين الماضية.
والكثير من هذا الغضب موجه نحو الولايات
المتحدة بسبب دعمها لـ"تل أبيب". وقد ازدادت حدة هذا الأمر منذ ضرباتها على الحوثيين.
وقالت بشرى هند، 27 عاما، وهي محاسبة في الكويت: "تريد هذه الدول منا أن نصدق
أنها أخلاقية في حين أنها منافقة حقا".
وقالت هند: "إنهم لم يفعلوا شيئا لوقف
الفظائع في غزة. لكن في اللحظة التي تتعرض فيها التجارة العالمية والشحن للتهديد،
فإنهم ينطلقون فجأة إلى العمل".
وكانت الحركة اليمنية، المعروفة أيضا باسم
أنصار الله، يقودها في البداية أفراد من قبيلة الحوثيين الذين ينتمون إلى المذهب
الشيعي الزيدي. وتحولت إلى قوة منقلبة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي
والعشرين. وقاتلت للإطاحة بالحكومة اليمنية الاستبدادية. وشعارهم هو "الموت
لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود".
وفي حين أن الحوثيين لديهم علاقات مع إيران،
إلا أنهم ليسوا متحالفين أيديولوجيا مع طهران مثل المسلحين الآخرين في المنطقة.
لكنهم اقتربوا أكثر من الجمهورية الإسلامية، ما ساعدهم على خوض حرب استمرت تسع
سنوات ضد التحالف الذي تقوده السعودية والذي تدخل في الصراع المدني في اليمن في
عام 2015.
وقُتل مئات الآلاف من اليمنيين إما بسبب القتال
أو بسبب المجاعة والمرض الذي ساد في أعقابه. لكن الحوثيين صمدوا، وتم الاتفاق على
هدنة هشة مع الرياض، وسيطر المتمردون على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك العاصمة
صنعاء.
وقال إبراهيم جلال، الباحث اليمني في معهد
الشرق الأوسط والشريك في "Horizon Insights"،
إن الحوثيين أظهروا منذ فترة طويلة أنهم "بارعون" في الدعاية، والطريقة
التي تحالفوا بها مع غزة "لم تكن استثناء".
وقال جلال: "من خلال تصوير أنفسهم
كمدافعين عن القضية الفلسطينية، فقد استفادوا من هجماتهم وبرزوا كجهات فاعلة مزعجة
وتحظى بشعبية كبيرة". وقال إن الحوثيين يقارنون أنفسهم بالدول العربية التي
لجأت إلى الدبلوماسية بدلا من استخدام القوة العسكرية.
وخلص استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث
السياسية والمسحية في أواخر عام 2023 إلى أن سكان غزة والضفة الغربية المحتلة
صنفوا رد فعل اليمن على الحرب على غزة على أنه الأكثر إرضاء بين الجهات
الفاعلة الإقليمية.
وقالت سدين، وهي طالبة فلسطينية تعيش في القدس:
"داعمنا الوحيد هو اليمن". وقالت إنها لم تسمع عن الحوثيين قبل أن تشاهد
لقطات لضرباتهم الدراماتيكية في البحر الأحمر، و"لأول مرة أشعر أن هناك من
يدعمنا بالأفعال، وليس بالأقوال فقط".
وفي اليمن، حيث يكره الكثيرون الحوثيين، بلغ
الثناء على الجماعة أعلى مستوياته على الإطلاق، حتى بين خصومهم اللدودين الذين
وصفوا الضربات على أهداف الشحن بأنها "مُحقّة".
وقال رجل يمني يبلغ من العمر 35 عاما يعيش في
جزء من جنوب اليمن التي لا يسيطر عليها الحوثيون: "شخصيا، لم أحب الحوثيين
قط: إنهم دولة بوليسية، وقد حكموا على العديد من الأشخاص بالإعدام ظلما، بما في
ذلك خصومهم السياسيون.. لكن ما يفعلونه الآن من أجل فلسطين: إنه عمل جيد. وسأدعم
أي شخص يجعل الحياة أكثر صعوبة لأولئك الذين يضطهدون الفلسطينيين، خاصة عندما
يكونون يمنيين مثلي".
وأثارت الزيادة في الدعم الشعبي قلق العديد من
اليمنيين وجماعات حقوق الإنسان، الذين يقولون إن الحوثيين أصبحوا أكثر قمعا مع
تعزيز سلطتهم في الداخل.
وقال نيكو جافرنيا، الباحث في الشأن اليمني في "هيومن رايتس ووتش": "إن الارتفاع في الدعم للحوثيين يمنحهم الغطاء
لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد شعبهم".
وقد وثقت المجموعة كيف قام الحوثيون بتجنيد ونشر الآلاف من الجنود الأطفال، وقمع حرية التعبير
والحركة النسائية. وحكمت سلطات الحوثيين الشهر الماضي على ناشطة في مجال حقوق
المرأة بالإعدام بتهمة "التجسس" الزائفة.
وأضاف جافرنيا: "لا أحد ينتبه إلى حقيقة
أنه بينما يزعمون أنهم يحمون الفلسطينيين من إسرائيل، فقد حاصروا ثالث أكبر مدينة
يمنية، تعز، لمدة تسع سنوات".
واعترف الأردني المقيم في المملكة المتحدة بأنه
لا يعرف الكثير عن الأجندة المحلية للحوثيين، وأنه سيكون غير مرتاح إذا كانوا
يقيدون حقوق الإنسان. لكنه أضاف: "باعتبارك عربيا أولويته الرئيسية هي وقف
إراقة الدماء في غزة، فإن أي شيء في صالح فلسطين، ربما يجعلك تغض الطرف".