تزايد الاهتمام الغربي والأوروبي بشكل خاص خلال الفترة الأخيرة بموريتانيا، بفعل ضغوط
الهجرة غير النظامية وتفاقم التوتر في منطقة الساحل الأفريقي.
وفي هذا الإطار أدى وفد أوروبي، يضم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اليوم الخميس زيارة لموريتانيا.
الوفد الأوروبي عقد مباحثات مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، ركزت في الأساس على قضايا الهجرة غير النظامية، والأوضاع الأمنية في منطقة الساحل.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر صحفي بنواكشوط عن تقديم مساعدات بقيمة 522 مليون يورو لموريتانيا لتعزيز تنميتها الاقتصادية والتصدي للهجرة غير النظامية.
وقال سانشيز إن إسبانيا ستخصص 312 مليون يورو لموريتانيا في السنوات المقبلة، بينما كشفت فون دير لاين أن بروكسل ستمنح نواكشوط أكثر من 210 ملايين يورو لمساعدتها في إدارة الهجرة ودعم اللاجئين.
اظهار أخبار متعلقة
ضغوط الهجرة وأزمة الساحل
ويرى متابعون أن الأهمية الاستراتيجية لموريتانيا تتنامى وسط تزايد ضغوط الهجرة، حيث تضاعفت أعداد المهاجرين الذين يدخلون إسبانيا بشكل غير نظامي عن طريق البحر، ووصلت الغالبية العظمى منهم إلى جزر الكناري.
ويقول مسؤولون إسبان إن حوالي 83 في المئة من الزوارق التي نجحت في الوصول إلى إسبانيا أبحرت من
موريتانيا.
وازداد الاهتمام الأوروبي بموريتانيا مع تفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، في وقت لم يعد لأوروبا حضور يذكر في ثلاثة من بلدان الساحل هي بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
وطردت هذه البلدان الثلاثة القوات الفرنسية من أراضيها، وانسحبت بشكل كامل من مجموعة دول الساحل الخمس، ومن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
هذه الدول الثلاث أعلنت سبتمبر الماضي عن تأسيس تحالف بينها يهدف إلى إنشاء "هيكلية للدفاع المشترك، والمساعدة الاقتصادية المتبادلة".
وتريد هذه البلدان أن يكون هذا التحالف بديلا عن جميع تحالفاتها بالقارة السمراء، لتتمكن من اتخاذ قراراتها بشأن تحالفاتها الدولية، إذ تسعى لتعزيز تحالفاتها مع روسيا والصين وتركيا وإيران، والابتعاد من المعسكر الغربي، وفق متابعين.
وتسببت الأوضاع الأمنية المتردية بمنطقة الساحل الأفريقي في موجة نزوح من بلدان الساحل نحو الأراضي الموريتانية، ما يقلق الاتحاد الأوروبي الذي يخشى تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة عبر المياه الإقليمية الموريتانية.
اظهار أخبار متعلقة
"موطئ قدم استراتيجي"
ويرى المحلل السياسي، أحمد ولد محمد فال، أن الاهتمام الغربي المتزايد بموريتانيا يأتي للحفاظ على حضور في المنطقة وعدم تركها للمعسكر الروسي الصيني.
وأضاف ولد محمد فال في تصريح لـ"عربي21" أن حضور روسيا في المنطقة بات يثير قلق الأوروبيين بشكل كبير، حيث تمد موسكو دول الساحل (بوركينافاسو، ومالي، والنيجر) بالأسلحة والقمح وتوفر للقادة العسكريين الممسكين بالسلطة في هذه البلدان الدعم.
وللإشارة فقد شهدت هذه البلدان الثلاثة انقلابات عسكرية آخرها في النيجر، ما أدى إلى تشكل مجالس عسكرية مناهضة للوجود العسكري الفرنسي في المنطقة، ومحاولة الاستغناء عنه بالتعاون العسكري مع روسيا، وشركتها الأمنية فاغنر.
وتابع ولد محمد فال في حديثه لـ"عربي21": "واضح أن زيارة الوفد الأوروبي لموريتانيا اليوم تدخل في إطار مساعي أوروبا للحفاظ على موطئ قدم استراتيجي لها في المنطقة، وسط خريطة جديدة تتشكل".
ولفت المتحدث إلى الأهمية الاستراتيجية لموريتانيا التي تمتلك شواطئ ممتدة حتى الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن حضور روسيا في المنطقة يثير قلق الأوروبيين من وصول روسيا إلى منفذ عبر المحيط الأطلسي.