تلاشت مظاهر الإقبال على "
ياميش
رمضان" أو ما يعرف بالمكسرات والفواكه المجففة في
مصر رغم قرب حلول شهر رمضان
المبارك، بعد أن فاجأت
الأسعار المصريين ووصول كيلو بعض المكسرات مثل الفستق
المقشر إلى 1500 جنيه والكاجو واللوز والبندق إلى نحو 800 جنيه أي بزيادة قدرها 200%
منذ العام الماضي و400% منذ عامين.
"الياميش" هو سلعة موسمية يزدهر بيعها وشراؤها
قبيل شهر رمضان، وهو من عادات وتقاليد الاحتفاء بشهر الصوم، وأحد أبرز مظاهره على
الإطلاق حيث تعج الأسواق طوال شهر شعبان بالمتسوقين من كل الفئات والطبقات لشراء
احتياجاتهم من كل صنف ولون استعدادا للشهر الكريم.
المثير في ارتفاع الأسعار هذا العام، بحسب تجار
ومواطنين ومستوردين تحدثوا لـ"عربي21" هو ارتفاع أسعار مستلزمات رمضان
المحلية رخيصة الثمن حتى أصبحت تعادل أسعار المكسرات والفاكهة المجففة غالية الثمن
بسعر العام الماضي.
على سبيل المثال ارتفع سعر كيلوغرام الفول
السوداني المحلي من 60 جنيها إلى 160 جنيها بينما كان سعر اللوز والبندق عام 2022
نحو 160 جنيها، والكركديه من 80 جنيها إلى 280 جنيها، والزبيب المحلي من 30 جنيها
إلى 90 جنيها، والعرقسوس من 50 جنيها إلى 120 جنيها، والخروب من 80 جنيها إلى 240
جنيها وفقا لمتوسط أسعار رجب العطار.
اظهار أخبار متعلقة
أما الفواكه المجففة فحدث ولا حرج، فقد ارتفعت
بنسبة 200 بالمئة كونها مستوردة من الخارج فبلغ سعر القراصيا المخلية 580 جنيها
والمشمشية الجامبو 600 جنيه والزبيب الإيراني 240 جنيها مقارنة بنحو 55 جنيها قبل
عامين فقط، ولفة قمر الدين 100 جنيه، ولفة التين المجفف 200 غرام 100 جنيه وكيلو
التين التركي 520 جنيها مقارنة بـ 120 جنيها قبل عامين أيضا.
بدورها قامت الحكومة المصرية بزيادة معارض
"أهلًا رمضان" ومبادرة "كلنا واحد" من خلال 3 آلاف منفذ
وسلسلة بخصومات تتراوح بين 10 بالمئة و30 بالمئة ولكنها لا تعوض حجم الارتفاع
الكبير في الأسعار الذي تجاوز الـ200 بالمئة في غالبية السلع، بحسب مواطنين وتجار.
وتضم المنافذ والسلاسل كبار منتجي السلع
الغذائية والرمضانية، إلى جانب الشركة القابضة للصناعات الغذائية بوزارة التموين
والتجارة الداخلية والشركات التابعة لها، إلى جانب تخصيص مساحات لجهاز الخدمة
الوطنية بوزارة الدفاع و"أمان" بوزارة الداخلية.
وردا على اتهامات الحكومة بعرض منتجات ردئية في
تلك المعارض، أكدت الحكومة أن "السلع المطروحة بالمنافذ هي نفس السلع
المطروحة بالأسواق بنفس الجودة والتعبئة، ولكن بأسعار مخفَّضة، وهي متاحة للمواطن
فقط ويحظر إعادة بيعها من خلال المحال التجارية".
ما حقيقة احتكار التجار
في تعليقه على ارتفاع أسعار الياميش، يقول عضو
شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة، رزق جمال، "إن ارتفاع
أسعار الياميش هو أمر طبيعي بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بأكثر من 100
بالمئة خلال العام الماضي، ومكونات الياميش مستوردة من الخارج، كما ارتفع سعر
المنتجات المحلية؛ بسبب الكثير من المعوقات التي تواجه المستوردين في تدبير العملة
وصعوبة دخول البضائع من الموانئ وبالتالي فإن تغطية تكاليف توفير العملة
والاستيراد يتم تحميلها على المنتجات والمستهلك في نهاية المطاف".
وبشأن ما يشاع عن جشع التجار واحتكارهم، أكد
لـ"عربي21" فإن "كل ما
يثار في الإعلام المحلي هو من باب الهروب من المسؤولية؛ لأن التجار لا يملكون
رفاهية التخزين والاحتكار لأن لديهم مصاريف ونفقات تشغيل وبالتالي فهم بحاجة إلى سيولة
من أجل استمرار عجلة البيع والشراء، وتخزين السلع فكرة سيئة لأنها سريعة التلف
ومحددة بتاريخ إنتاج وتاريخ صلاحية، ووجود تجار يخرجون عن المألوف أمر طبيعي في
جميع المجالات ولكن لا يمكن أن يكون ذلك السبب الحقيقي وراء ارتفاع السلع بهذا
الشكل. يجب معالجة أصل المشكلة".
اظهار أخبار متعلقة
وعن تاثير الغلاء، أوضح جمال أنه "سوف
يغير من عادات الأسر المصرية والكثير منها سوف يتقشف نتيجة الغلاء الذي طال كل
القطاعات وليس فقط ياميش رمضان، وحتى يتم حل الأزمة يجب على الحكومة حل أزمة
الدولار وزيادة الإنتاج وبدون هذين الأمرين لن تجدي أي محاولات، والكثير من الأسر
سوف تقتصر على الحد الأدنى من المستلزمات الرمضانية والاعتماد على المحلي رغم أنها
ارتفعت أيضا بشكل كبير على سبيل المثال يباع الفول السوداني بـ 140 جنيها بدلا من
60 جنيها قبل عام وهكذا، كما أنهم سيقللون من الكميات والأنواع المعتادة خاصة أن سعر
السكر زاد وغير متوفر وهو الأساس في إعداد
حلويات ومشروبات رمضان".
واعتبر عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف
التجارية بالقاهرة، أن "المبادرات الحكومية لخفض الأسعار سواء السلع الغذائية
ومن بينها مستلزمات شهر رمضان هي مبادرة طيبة ولكنها لا تشكل حلا حقيقيا لارتفاع
الأسعار لأن الشركات أو التجار لن يبيعوا باسعار التكلفة أو أقل منها من أجل إرضاء
الحكومة، والتجار مثلهم مثل المستهلكين يعانون من تراجع القدرة الشرائية وزيادة
الأسعار ويواجهون صعوبات في شراء السلع والبضاعة وتوفيرها ويتكبد مشقة
كبيرة".
من جهته، قال مستشار وزير التموين سابقا،
إسماعيل تركي: "بالنسبة لاختفاء السلع وارتفاع الأسعار فالسبب الأساسي لها هو
ندرة السلع وحالة عدم اليقين بالنسبة لسعر الدولار، ولن يتوقف ارتفاع الأسعار
طالما هناك شح فى الدولار مع المعالجة غير الحكيمة للحكومة للأزمة والتي تتمثل في
بث الشائعات والايقاع بين التجار والجمهور مع المعالجة الأمنية غير الرشيدة للأزمة".
وأضاف لـ"عربي21": "أما معارض
رمضان الحكومية وغيرها فهي عمل دعائي أكثر منه معالجة لارتفاع الأسعار؛ لأن
الكميات المعروضة لا تلبي نسبة معقولة من احتياجات الناس، كما أن نسب التخفيض لا
تتماشى مع حجم الارتفاع الكبير مقارنة بالعام الماضي ما يجعلها لذر الرماد في
العيون".
وتوقع تركي أن
"تستمر الأسعار في الزيادة بشكل مبالغ فيه طالما لم يتم تحديد سعر موحد
للدولار داخل البنوك وخارجها؛ لأن كل تاجر يحسب سعر ما عنده من السلع حسب ما يتوقع
من سعر الدولار لا حسب سعر شرائه للسلع خوفا من تآكل رأس ماله ومع المعالجة
الأمنية غير الرشيدة ستختفي السلع ولن تستطيع الدولة السيطرة على الأسعار".