يرى محللان سياسيان فلسطينيان أن اغتيال
"إسرائيل" للعميد
فايق المبحوح، مسؤول التنسيق مع العشائر ووكالة غوث وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لإدخال وتأمين
المساعدات الإنسانية إلى شمال
غزة، يهدف إلى "نشر الفوضى" في القطاع.
وأشار المحللان إلى أن "إسرائيل"
تسعى لقطع الصلة بين حركة
حماس والعشائر والعائلات الفلسطينية.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي
أنه قتل رئيس مديرية العمليات بجهاز الأمن الداخلي في حماس فائق المبحوح داخل مستشفى
الشفاء بمدينة غزة.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن
الجيش الإسرائيلي اغتال العميد فايق المبحوح الذي يدير عملية التنسيق مع العشائر والأونروا
لإدخال وتأمين المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، حيث يعاني السكان من المجاعة.
اظهار أخبار متعلقة
دور إيجابي للمبحوح
وقال المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن
"اغتيال إسرائيل لعميد في الشرطة الفلسطينية أمر خطير وليس الحدث الأول، فهو يأتي
ضمن سلسلة استهدافات طالت كوادر شرطية وأمنية بمحافظات غزة المختلفة".
وأشار إلى أن الاغتيال "يدل على أن
الاحتلال معني بنشر الفوضى، ويستهدف اللجان الشعبية والشرطة وكل من يعمل على استقرار
غزة".
وأوضح أن العشائر الفلسطينية رفضت التعامل
مع "إسرائيل"، وفضلت البقاء على تنسيقها مع جهاز الشرطة، ولهذا أقدمت "إسرائيل"
على اغتيال المبحوح.
ويعتقد المدهون أن السماح بدخول المساعدات
الإنسانية لشمال قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، يهدف لمعرفة آلية عمل الشرطة الفلسطينية
مع العشائر، وتوجيه عمليات استهداف واغتيال، مثلما حصل مع المبحوح.
ويرى أن "إسرائيل" تعمل على ضرب
الأجهزة الإدارية في قطاع غزة، المكونة من الشرطة التي بدورها تحافظ على الاستقرار.
وأشار إلى أن المبحوح هو "أحد أركان
عمل الشرطة المدنية، ومن الطبيعي أن يدير العمل من أي مكان، ولقد لعب دورا إيجابيا
خلال اليومين الماضيين في أثناء التنسيق مع العشائر في تسليم وتوزيع المساعدات، وهذا ما
أزعج "إسرائيل" ودفعها لاغتياله".
القضاء على الحكم المدني
بدوره، يقول أسامة المغير، الكاتب والمحلل
الفلسطيني: "في هذه المرحلة الزمنية، تشكل مسألة الإشراف على توزيع المساعدات
عنوان الحكم والسيطرة في القطاع، وتريد "إسرائيل" أن تمنع حماس من هذه الصورة".
ويرى أن "الهدف المركزي لـ"إسرائيل"
من عملية اغتيال المبحوح هو القضاء على مقومات الحكم المدني لحركة حماس في قطاع غزة،
وجعلها غير قادرة على السيطرة على الأرض وسكان القطاع".
اظهار أخبار متعلقة
ويشير إلى أن "إسرائيل" تحاول
ترجمة ذلك من خلال تصفية عناصر الحركة الناشطين على الأرض، وقطع الصلة بين حماس والفئات
الفلسطينية القائمة في القطاع من عشائر وعائلات.
ويعتقد المغير أن "إسرائيل" تسعى
من خلال عملية الاغتيال لربط العشائر والعائلات معها سياسيًا وأمنيًا، في إطار نظام
الحكم الجديد الذي تسعى لفرضه في اليوم التالي للحرب.
وخلال الأيام الماضية حاولت "إسرائيل"
من خلال أطراف ومؤسسات دولية إيجاد بديل للحكومة التي تقودها حركة حماس في قطاع غزة،
عبر إيجاد هيئات مدنية من العشائر، ولكن هذه المحاولات واجهت رفضاً كبيراً من العائلات
الفلسطينية.
ووفق مسؤولين فلسطينيين وحقوقيين ومصادر
محلية، فإن أطرافا دولية اجتمعت مؤخرا، بتوجيه إسرائيلي مع عائلات فلسطينية بمدينة
غزة، لتولي أدوار في إدارة القطاع.
وإضافة إلى محاولة إزاحة حماس عن حكم غزة،
تهدف "إسرائيل" من وراء هذه الخطوة إلى إعادة نفوذ العائلات في القطاع، وبث
الفلتان الأمني والنزاعات العائلية، ما قد يؤدي إلى حالة من الفوضى داخل المجتمع الفلسطيني،
كما يرى مراقبون.
وقبيل سيطرة حماس على حكم غزة في 2007،
كانت بعض العائلات تتمتع بنفوذ كبير، إضافة لامتلاكها أسلحة فردية متنوعة، ما تسبب
في خلافات وحالة من الفلتان الأمني، وهو ما نجحت الحركة في القضاء عليه.
وحافظت العائلات خلال السنوات الماضية على
هذه الحالة، وشكل مخاتيرها (أعيانها) لجان وتجمعات لإنهاء أي خلافات أو مشاكل مجتمعية
بالتنسيق مع الحكومة.
وفي 11 آذار/ مارس الجاري، قال تجمع القبائل والعشائر والعائلات
الفلسطينية بغزة، في بيان، إن القبائل ليست "بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني"، بل مكون من المكونات الوطنية، و"داعم للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية" في
مواجهة "إسرائيل".
وأكد التجمع ضرورة تعزيز المشاركة الوطنية
في صناعة القرار الوطني عبر مؤسسات الشعب، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس
الوطني في البلاد.
والاثنين، اعتبرت حركة حماس أن اغتيال "إسرائيل"
فايق المبحوح، منسق إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، يهدف "لنشر الفوضى
وضرب السلم المجتمعي في القطاع".
في السياق ذاته، قالت وزارة الداخلية التابعة
لحكومة قطاع غزة: "باغتيال الشهيد العميد فايق المبحوح، يحاول العدو واهماً ضرب
أركان الجبهة الداخلية، بعدما أثبت شعبنا تعاونا عالياً مع أجهزة الأمن الحكومية في
تأمين دخول شاحنات المساعدات لمنطقة شمال غزة".
وخلال اليومين الماضيين، وصلت دفعتان من
المساعدات لأول مرة منذ نحو 4 أشهر إلى مدينة جباليا شمال قطاع غزة، عبر شارع صلاح
الدين الذي يربط بين جنوب وشمال القطاع، بتأمين من العشائر والعائلات وجهاز الشرطة
في حكومة غزة.
اظهار أخبار متعلقة
ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة
في قطاع غزة، فإن عدد الوفيات جراء سوء التغذية والجفاف وصل إلى 27 فلسطينيًا، بما
في ذلك رضع.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان
غزة، لا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء
والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع، الذي تحاصره إسرائيل
منذ 17 عاما.
ويحل شهر رمضان هذا العام، و"إسرائيل"
تواصل حربها المدمرة ضد قطاع غزة، رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية
في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.