ما بين شهيدة أو أم شهيد أو أسيرة، تمضي الأمّهات في
غزة، بقلب مُنفطر ونفس شقّه الأنين، من وجع الحرب المُدوّية التي يستمر الاحتلال الإسرائيلي، في شنّها على كامل القطاع المحاصر، منذ أشهر؛ ليأتي "
يوم الأم" مُحمّلا هذه السنة بدموع الأمهات الغزّيات، وكل من تضامنت معهن، من أمهات العالم.
ومنذ إعلان الحرب على قطاع غزة المحاصر، وحتى اليوم الذي يتزامن مع "عيد الأم" استشهدت نحو 9 آلاف امرأة، وأُصيبت نحو 25 ألفا، وهذه الأرقام الرسمية فحسب، حيث تقول التقارير إن الأرقام الحقيقية قد تبلغ أكثر من الضعفين.
ورصدت "عربي21" في الساعات القليلة من اليوم الخميس، جُملة من المنشورات المُتسارعة، التي أتت لتحط اليد على جرح الأمهات في
فلسطين، وخاصة غزة، مُذكّرة بمُعاناتهن، ومقاومتهن للحياة الصعبة بأجساد مُنهكة، وابتسامة خافتة، لعلّهن ينعمن بلحظات صفو مسروقة من زمن الحرب الهوجاء.
وأكدت عدّة منشورات وتغريدات، على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، على أن "الأم في فلسطين تختلف عن بقية الأمهات في العالم منذ عقود في كونها شهيدة وأم شهيد/ة وزوجة شهيد وابنة وشقيقة شهيد/ة، وهي أيضا أسيرة في سجون الاحتلال، تتعرض للتعذيب، ويحرمها الاحتلال من ممارسة أمومتها ويمنعها عن أبنائها".
أمهات في زمن الحرب
تبرز عدد من الصور ومقاطع الفيديو، كيف تمضي الأمهات في غزة، ساعات يومهن، ما بين تأمين الإيواء، أو البحث عن لقمة أكل، أو الانشغال بتحضير الطعام، بأدوات بدائية، وظروف معيشية قاسية؛ لكنهن صامدات وقوّيات، ويقدّمن دروسا في الأخلاق والدفء الأسري، وفقا لرواد منصات التواصل الاجتماعي.
وتوثق المنشورات، في "عيد الأم" لعام 2024، امتزاج تهاني رواد مختلف منصات التواصل الاجتماعي، لأمهاتهم، مع منشورات أخرى يعكسون من خلالها آهات الأمهات في غزة، بالقول "حيث تتعايش الفرحة بالأمومة مع حزن الفقد ومعاناة الحرب المستمرة".
إلى ذلك، قالت المديرة التنفيذية لتمكين المساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ليندا كلش، إنه "منذ إعلان الحرب على قطاع غزة وحتى اليوم استشهدت نحو 9 آلاف امرأة، وأُصيبت نحو 25 ألفا، أما من حالفهن الحظ فبلا مأوى أو طعام أو شراب، ويرضعن أطفالهن دموعا، وبدلا من أن تكون الأمومة مناسبة للاحتفال أصبحت في غزة، خروج طفل آخر إلى الحياة دون رعاية صحية له ولوالدته".
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية، قالت الأمين العام المساعد لشؤون تمكين المرأة والأسرة في حزب الميثاق الوطني، سناء مهيار، إنه "في فلسطين لا تزال معاناة الأمهات من فقدان الزوج والأبناء سواء بالاستشهاد أو الأسر، وصور الأحياء الغائبين أصحاب الحق والقضية تملأ البيوت".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت: "يصبرن رغم محاولات الاحتلال كسر صمودهن، لكن في مشهد الأم الغزّية هناك جانب آخر يبعث على الفخر والانبهار ونحن نرى الأمهات هناك يسطرن كل يوم أصعب قصص الصمود ومعاني الحياة، ففي قمة الألم يجدن الأمل، وتستمد القوة من نبض قلوبهن".
وأكّدت: "الأم في غزة ليست ككل الأمهات، فهي تعيش آلاما وأوجاعا لا تحتمل ولا يمكن لعقل أن يتخيلها، تختبر أبشع أنواع القهر والفقدان، فأمام عينيها يستشهد أبناؤها وتلملم أشلاءهم وتبتر أطرافهم، ومع ذلك تقاوم الموت بالولادة، وتضحي بروحها لتبقى أرضها ويسلم أبناؤها".
وأردفت، "رأينا أما غزية تحمي أبناءها أثناء نزوحهم من الشمال إلى الجنوب مشيا على الأقدام، وتحمل معها بعضاً من الاحتياجات وتحمل الأوجاع والأعباء، وفي مشهد آخر للقوة والإيمان، شاهدنا أما غزية رغم الدماء التي تغطي وجهها ويديها تكابر ناسية جراحها وآلامها وتحتضن طفلتها الخائفة وتهدئ من روعها وتطمئنها خلال فترة النزوح المرعبة".
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الخميس، في تغريدة لها على منصة "إكس" أن "37 أما تُستشهد كل يوم في قطاع غزة"؛ فيما أكّد أحدث إحصاء أصدره المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ9 آلاف و220 امرأة فلسطينية في القطاع، الذي تحاصره دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ 17 عاما ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعا كارثية.
من جهتها، كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطينيّ، في بيان مشترك، أن "28 أمًّا من بين 67 أسيرة (9100 إجمالي الأسرى والأسيرات) يقبعن في السجون الإسرائيلية، ويحرمهنّ الاحتلال من عائلاتهنّ وأبنائهن".
اظهار أخبار متعلقة
كذلك، تشير إحصائية وزارة الصحة في غزة، إلى وجود 60 ألف سيدة حامل في قطاع غزة يعانين سوء التغذية والجفاف وانعدام الرعاية الصحية المناسبة. وفي تقرير صدر في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار/ مارس الجاري، أكّدت أرقام، أن المخاوف لا تقتصر على الولادة نفسها، بل تتعداها إلى تحديات عدة مثل إبقاء الرضع على قيد الحياة في ظل انعدام المواد الأساسية كالماء والغذاء.
وتعمّد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأهوج على كامل القطاع، التسبب في انهيار النظام الصحي، إذ أنه لم يتوان منذ بداية الحرب عن قصف واقتحام المراكز الصحية والمستشفيات، واستهداف المرضى، والطواقم الطبية، واعتقالهم. ناهيك عن منع الاحتلال لمعظم قوافل المساعدات ومن بينها الطبية من الدخول.