أطلق
الجيش الموريتاني، السبت، مناورات عسكرية على الحدود مع
مالي، هي الأولى له منذ سنوات، وسط حالة من التوتر في
العلاقات بين البلدين الجارين.
المناورات انطلقت بحضور وزير الدفاع حننه ولد سيدي ووزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، ويشارك فيها سلاح الجو، وسلاح المدفعية، وقاعدة الطيران المسيّر في مدينة النعمة شرق البلاد.
توغلات فاغنر
وتأتي مناورات الجيش الموريتاني هذه في ظل تطورات أمنية على الحدود مع مالي، عرفت اختراق الجيش المالي وقوات فاغنر للحدود الموريتانية، ودخول عدة قرى موريتانية خلال الأسابيع الأخيرة.
وتمر الحدود بين البلدين بظروف أمنية معقدة، إذ يخوض الجيش المالي -مدعوما بوحدات من مجموعة فاغنر الروسية- حربا شرسة مع جماعات مسلحة بالقرب من الحدود الموريتانية.
وخلال عمليات مطاردة التنظيمات المسلحة، دخل الجيش المالي وقوات فاغنر -أكثر من مرة- مناطق داخل الأراضي الموريتانية.
ورغم أن مالي تقول إن دخول قواتها الأراضي الموريتانية قد يكون حدث عن طريق الخطأ، فإن نواكشوط اعتبرت ذلك أمرا غير مقبول.
"رسالة ردع لباماكو"
ويرى المحلل السياسي الموريتاني سيد أحمد ولد محمدو، أن مناورات الجيش الموريتاني، التي بدأت أمس على الحدود، تحمل عدة رسائل للطرف المالي.
ولفت في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الجيش الموريتاني أراد من خلال هذه المناورات طمأنة الشعب الموريتاني أن الجيش حاضر وقادر على حماية البلد.
ولفت ولد محمدو، إلى أن الجيش أراد أيضا إرسال رسالة ردع واضحة لمالي، مفادها أن
موريتانيا "لن تتساهل في أي خرق".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "كانت رسالة هذه المناورات واضحة، مفادها أن الجيش المالي معني بضبط تحركاته على الحدود، وإلا فعليه أن يتوقع في أي لحظة مواجهة مع الجيش الموريتاني".
ولفت المتحدث إلى أن القوات المسلحة الموريتانية كانت منتشرة بالمنطقة الشرقية على اعتبار أن التنظيمات المتشددة هي "العدو الأول والتهديد والخطر الأول".
وتابع: "لكن إعادة انتشار القوات المسلحة الموريتانية على الشريط المحاذي لمالي من منطقة فصالة (شرقا) إلى جكني (جنوب شرق) يعني أن الخروقات التي قام بها الجيش المالي أغضبت الطرف الموريتاني بالفعل، وأن نواكشوط لن تقبل خروقات للماليين في المستقبل.
تطورات الأسابيع الأخيرة
وتصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة حدة أزمة دبلوماسية بين موريتانيا ومالي، دفعت نواكشوط لاستدعاء السفير المالي للاحتجاج، وإرسال رسالة احتجاج للرئيس الانتقالي في مالي سلمها وزير الدفاع في الحكومة الموريتانية حننه ولد سيدي.
وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، عبّر الموريتانيون في مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من استمرار استهدف أفراد الجالية الموريتانية في مالي، والهجمات التي يتعرض لها مواطنون موريتانيون على الحدود.
وقبل أسبوعين، قالت وسائل إعلام موريتانية إن الجيش المالي مصحوبا بقوات من مجموعة "فاغنر" الروسية نفذ عملية اقتحام لقرية "فصالة" أقصى شرق موريتانيا، في أثناء ملاحقة عناصر من مقاتلي حركة "أزواد" المطالبة بالانفصال.
ووفق وسائل إعلام موريتانية، فإن عملية الاقتحام أسفرت عن إصابة شخصين إثر عملية إطلاق نار.
لكن الجانب الموريتاني يرى أن هذه ليست الحادثة الوحيدة، حيث يتعرض الموريتانيون بشكل متكرر لعمليات اعتداء على الحدود مع مالي.
وعام 2022، تحدثت وسائل إعلام موريتانية عن مقتل 15 موريتانيا، قُتلوا جراء استهدافهم داخل مالي، وحينها أعلنت باماكو فتح تحقيق في الحادثة، وتعهدت بمحاسبة من تثبت إدانتهم.
محاولات احتواء
وقد بدأت السلطات المالية محاولات لاحتواء الأزمة التي تفجرت بعد دخول قواتها للأراضي الموريتانية.
وأجرى رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي، آسيمي كويتا، اتصالا هاتفيا بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الشهر الماضي.
ثم أوفدت الحكومة المالية وزير الخارجية عبد الله ديوب والدفاع صوديو كامارا، إلى نواكشوط، حيث سلما الرئيس الموريتاني رسالة خطية من رئيس المجلس العسكري الحاكم بباماكو.
لكن هذه الجهود لم تمنع نواكشوط من استدعاء السفير المالي محمد ديباسي، يوم 22 نيسان/ أبريل الماضي، حيث أبلغته احتجاجا على "ما يتعرض له مواطنون موريتانيون أبرياء عزل من اعتداءات متكررة داخل الأراضي المالية".
وقالت الوزارة في بيان حينها، إنها أبلغت الدبلوماسي المالي أن الحكومة الموريتانية تنتظر من نظيرتها المالية "تفسيرا لهذه الأحداث المؤلمة".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن "هذا الوضع غير المقبول يستمر على الرغم من التنبيهات التي دأبت بلادنا على القيام بها بمناسبة الحوادث المماثلة، انطلاقا من مبدأ المحافظة على حسن الجوار، والعلاقات الوثيقة بين الشعبين الموريتاني والمالي، والمصالح المشتركة بين البلدين".
وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية تعد الأطول في المنطقة، وتبلغ ألفين و237 كيلومترا، معظمها يقع في صحراء قاحلة مترامية الأطراف، وتنشط على طول حدود البلدين الكثير من التنظيمات التي توصف بالمتشددة.
لكن موريتانيا لم تشهد أي هجوم من قبل الجماعات المسلحة منذ عام 2011، بينما تنتشر تلك الجماعات بأماكن أخرى في منطقة الساحل، وتشن هجمات متكررة في عدة دول من بينها مالي.