ما إن أنهى الرئيس الأمريكي جو
بايدن مناظرته مع منافسه الجمهوري دونالد
ترامب، وظهوره بشكل ضعيف مهتز، حتى بدأت "الشماتة
الإسرائيلية" به في أسوأ تجلياتها، ووصلت ذروتها بترحيب علني لعدد من الوزراء بتفوق ترامب وتهنئته.
وأدت هذه التصرفات إلى ردود فعل إسرائيلية غاضبة، باعتبار أنها شكلت تدخلا فظا في مسألة أمريكية داخلية، والحديث يتركز حول وزراء اليمين المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، وعميحاي شيكلي.
تساءلت السفيرة السابقة، وضابطة الاتصال الإسرائيلية بالكونغرس، توفا هرتزل "ماذا لو أعلن وزير أمريكي علنا عن مرشحه المفضل في دولة الاحتلال، بديلا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي، فضلا عن كون معظم اليهود الأمريكيين هم ديمقراطيين في الأعوام الأخيرة؟".
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت هرتزل في مقال نشره موقع "
واللا" وترجمته "عربي21" أن "الليبراليين عزلوا أنفسهم عن إسرائيل في وقت الشدة المشبع بمعاداة السامية، رغم أنها غالبا ما تلجأ إليهم لتحقيق أهدافها، ولذلك سيكون من الحكمة ألا تثقل كاهلهم".
وذكر أنه "بالنسبة لتمجيد ترامب، وتشبيهه بنتنياهو، يعود من ضمن أسباب أخرى إلى نقله لسفارة واشنطن إلى القدس المحتلة، واعترافه بسيادة الاحتلال على الجولان، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ورغم كل هذا فلا يجوز أن يقوم أي من الوزراء بتفضيل أحد المرشحين على الآخر، مع دولة نعتمد عليها كل هذا الحد كالولايات المتحدة".
وشرحت أنه "خلافا للنظام السياسي الإسرائيلي، حيث يشكل الكنيست ختما مطاطيا للائتلاف، فإن
الولايات المتحدة تعتمد على ثلاثة حكام منفصلين: الرئيس، ومجلس الشيوخ ذو الأغلبية الديمقراطية، ومجلس النواب ذو الأغلبية الجمهورية، والمساعدات الطارئة لدولة الاحتلال يجب تمريرها بشكل منفصل في كلا المجلسين، وعلى الرئيس أن يوقع على نسخة متفق عليها، مما يعكس توازن القوى فيها".
وختمت بالقول إن "كلمات الوزراء الإسرائيليين لا تعبر فقط عن معاداة لرئيس مثل بايدن حشد إلى جانبنا بطريقة غير مسبوقة، بل عن تفضيل ترامب غير المتوقع، مما يستدعي منا ضبط النفس، بل التزام الصمت، ولأن هذه التفوهات الصادرة عنهم تنتهك قواعد السلوك بين الدول، وتزدري اليهود الديمقراطيين، وتعبر عن جهل تام بالولايات المتحدة الأمريكية".
ومن ناحية أخرى، أكد قائد المشاة والمظليين وقائد فرقة غزة ورئيس شعبة العمليات السابق، يسرائيل زيف أن "محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تخريب العلاقات مع بايدن من أجل تملق ترامب ستواجه واقعا قاسيا بالنسبة لدولة الاحتلال، لأن الأشهر المتبقية حتى انتخاب ترامب، في حال تم فعلا، ستكلفها أضرارا هائلة، ومن شأنها أن تعرض أمنها للخطر بشكل أساسي، في ظل احتمال حقيقي لاندلاع حرب إقليمية، وليس من الواضح كيف يمكن للاحتلال أن يخاطر بحرب دون التزام أمريكي بالوقوف بجانبه، لأنه في نهاية المطاف، هذا هو الشيء الوحيد الذي يردع إيران".
وأضاف في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "الوهم الإسرائيلي بأن ترامب سيدعم نتنياهو قد يواجه واقعاً مختلفاً، لأنه شخص غير متوقع، ويحتقر رئيس حكومتنا، ورغم حملة التملق التي يشنها فلن تؤدي إلا لزيادة احتقاره، لأن ترامب، كرجل أعمال، لن يسمح للاحتلال بمواصلة حرب غزة فقط من أجل بقاء نتنياهو في مقعده، ولأن عدم الاستقرار الإقليمي يضر بالاقتصاد العالمي، وأول شيء سيفعله ترامب هو فرض نهاية فورية للحرب، أما الإجراء الثاني فسيكون الاعتراف بالدولة الفلسطينية لتحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "نتنياهو، على ضعفه، سيعتمد كلياً على ترامب، الذي سيتصرف مع إيران تمامًا كما فعل مع كوريا الشمالية، مما يعني زيادة مكانتها الإقليمية الأقوى، وستصبح دولة الاحتلال أضعف، وأكثر اعتمادًا على ترامب الذي لا يتسامح مع الضعيف، ولن يتسامح مع سياسة أمنية مستقلة لها، ويتوقع أن يدير سياستها الخارجية بالكامل، وحينها سيظل الشوق الإسرائيلي لبايدن الذي سمح لها بحرية العمل الكاملة".
وختم بالقول إن "إدارة ظهر الاحتلال للسياسة الأمريكية سوف تسفر عن مروره بحالة من الشلل، وتضييع الفرصة، والاستمرار في الاختباء بجبن خلف أعشاش الجيش نحو مسار النصر "العبثي"، وحينها ستغرق الدولة في أحلك فترة في تاريخها، حرب استنزاف وتآكل لا نهاية له، مما سيلحق ضرراً بالغاً بالأمن والاقتصاد، وانهيار قوات الاحتياط تحت وطأة القوات النظامية المرهقة، وسيتفاقم الوضع السياسي السيئ، ولن تعود إسرائيل لما كانت عليه، وفي هذا الوضع تزداد الحاجة الوطنية أكثر فأكثر لإسقاط هذه الحكومة الفاسدة فورا".
وتكشف هذه القراءات الإسرائيلية أن الوضع مع الإدارة الأمريكية معقد للغاية، وإن فرصة الاحتلال مع واشنطن تضيق مع مرور الوقت للإنقاذ السياسي، ولم يتبق أمامه سوى بضعة أسابيع قبل أن تدخل أمريكا الأشهر الأربعة الأخيرة من السباق الرئاسي، ويصبح الاحتلال غير مثير للاهتمام، مع استمرار الهدف الأمريكي بمنع نشوب حرب إقليمية وقت إجراء الانتخابات، وعدم السماح لـ "إسرائيل" بالتورط فيها.