كشفت صحيفة "
معاريف" العبرية، الأربعاء، عن أن رئيس النظام
المصري عبد الفتاح
السيسي، تقدم بنداء عاجل إلى
الاحتلال الإسرائيلي لإنقاذ نظامه من أي تحركات مماثلة لما جرى ضد
بشار الأسد في
سوريا والذي اقتلعته المعارضة الأحد الماضي من الحكم.
وأكدت أن هذا كان السبب الرئيسي لزيارة رئيسي الأركان والشاباك الإسرائيليين، للقاهرة، الثلاثاء الماضي.
وكانت "
صحيفة معاريف" قد أعلنت أن رئيس الأركان هرتسي هليفي، ورئيس الشاباك رونان بار، قاما بزيارة سريعة لمصر الثلاثاء، وذلك على خلفية الإطاحة بنظام الأسد، ناقلة عن الجيش الإسرائيلي أن الرجلين التقيا مع نظرائهما المصريين حول القضايا الساخنة.
لكن؛ تقرير الصحيفة الذي كتبه المحلل العسكري الإسرائيلي آفي اشكنازي، والذي قام باستعراض نجاح قوات الجو والبحرية الإسرائيليتين في تدمير القوة العسكرية للجيش السوري، والزهو بالانتصار الإسرائيلي ورصد ما يعنيه من تفرد عسكري لها بالمنطقة، وفق رؤيته، قام في المقابل بإظهار الحكام العرب بموقف الضعيف الخائف من أية ثورات ربيع عربي جديدة محتملة بعد انكسار موجة 2011، كما حاول إظهار تل أبيب بأنها الملجأ الوحيد لحكام دول هامة ومحورية بالمنطقة، لاتقاء أي حراك شعبي محتمل.
اظهار أخبار متعلقة
"انتفاضة متجددة للإخوان"
الصحيفة، قالت في صدر تقريرها، إنه "على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي دمر حوالي 80 بالمئة من الجيش السوري بأكمله، فإن خوف رؤساء الدول في المنطقة هو أن العديد من المجموعات، سواء من اللاجئين السوريين أو معارضي النظام في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ستطل برؤوسها".
وأضافت: "بعد أن قضى سلاح الجو الإسرائيلي على أنظمة الدفاع الجوي السورية، خلق الواقع الأول من نوعه في الشرق الأوسط منذ حوالي 60 عاما، حيث يتمتع سلاح الجو الإسرائيلي بتفوق جوي كامل ومطلق على معظم مناطق الشرق الأوسط: لبنان، سوريا، العراق، إيران"، وفق زعمها.
السبب الرئيسي لزيارة رئيس الأركان لمصر
وأكدت أن تدمير الجيش الإسرائيلي، 80 بالمئة من الجيش السوري بأكمله هو "الجانب الإيجابي لشرق أوسط جديد، والجانب الآخر هو المجهول"، متحدثة باستفاضة عن الجانب المجهول هو وضع اللاجئين السوريين في أوروبا، والأردن وتركيا والعراق، واصفة إياهم بأنهم "مثل قنبلة يدوية تم إطلاق زنادها لكن الرافعة ما زالت في اليد ولم يتم تحريرها".
اظهار أخبار متعلقة
ولفتت إلى أن "الخوف الآن هو أن العديد من المجموعات، بما في ذلك اللاجئون السوريون ومعارضو النظم في الشرق الأوسط، سوف يرفعون رؤوسهم، من الأردن، إلى العراق، إلى انتفاضة متجددة للإخوان المسلمين في السعودية والبحرين والكويت، وأيضا في مصر".
وقالت إن هذا الأمر يثير قلق جميع رؤساء الدول من حولنا حاليا"، مبينة أنه "ولهذا السبب طلب المصريون الثلاثاء الماضي، بشكل عاجل مقابلة رئيس الأركان اللواء هرتسي هليفي ورئيس الشاباك رونان بار".
وأشارت إلى "أنهما التقيا لساعات طويلة مع نظرائهما في مصر، ومن المرجح، بسبب الوضع الجديد، أن يجمع ليفي وبار رحلات متكررة، لأنه من المرجح أن يزورا كل عواصم المنطقة، مع التركيز على دول الخليج".
وكشفت عن أنه "من الممكن أيضا توقع نشاط وقائي الأيام المقبلة من وحدات الشرطة وأجهزة الأمن بدول المنطقة ضد نشطاء الجماعات الانفصالية أو الجماعات المتطرفة؛ وذلك لمنع ما حدث في سوريا على أراضيهم"، ملمحة إلى أن "إسرائيل أيضا تخشى أن تؤدي الأحداث في سوريا إلى تحفيز عناصر في الجيش الإسرائيلي".
اظهار أخبار متعلقة
"أجواء حديث معاريف"
وفي المقابل، وبرغم العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون الأمني والاستخباراتي الواسع طوال سنوات بين السيسي وسلطات الاحتلال الإسرائيلي وحكوماته المتعاقبة وبينها الحالية لبنيامين نتنياهو، إلا أنه مؤخرا تفجر خلاف على السطح حول محور صلاح الدين الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي منذ أيار/ مايو الماضي، بالمخالفة لاتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية 1979، واتفاقية المعابر لعام 2005.
كذلك، تأتي مزاعم الصحيفة العبرية في الوقت الذي تهاجم فيه وسائل إعلام إسرائيلية محسوبة على اليمين المتشدد في إسرائيل، حكومة بنيامين نتنياهو، لما تقول إنه "غض الطرف عن تعزيز الجيش المصري لقواته المسلحة في سيناء".
وأعرب المقدم إيلي ديكال الضابط في المخابرات الإسرائيلية سابقا، للقناة "السابعة" الإسرائيلية، عن "تخوفه من التعزيز المستمر للجيش المصري واحتمال أن يكون ذلك تحضيرا لهجوم مستقبلي على إسرائيل".
ويتزامن، أيضا تقرير معاريف مع إدانة مصر تعمد الاحتلال الإسرائيلي قصف وتدمير العديد من المواقع والقواعد والأسلحة والمعدات والأنظمة العسكرية في سوريا، وقيام الجيش الإسرائيلي بتكريس وجوده غير الشرعي وتوسيع نطاق سيطرته في الأراضي التي احتلها داخل العمق السوري، وذلك عبر بيان للخارجية المصرية، الأربعاء.
كما يتزامن توقع التقرير الإسرائيلي حدوث "نشاط وقائي الأيام المقبلة من وحدات الشرطة وأجهزة الأمن بدول المنطقة ضد نشطاء الجماعات"، مع تقرير حقوقي مصري حذر من توجه أمني في مصر لإعادة اعتقال جميع من جرى الإفراج عنهم من المعتقلين السياسيين في أنحاء مصر.
اظهار أخبار متعلقة
وتحت عنوان: "بيان هام وعاجل"، قالت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، ومقرها العاصمة البريطانية لندن الأربعاء: مع تزايد التقارير حول زيادة وتيرة الحملات الأمنية والاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية نوجه الذين سبق احتجازهم واعتقالهم أو لديهم ملفات أمنية، لضرورة اتخاذ الحيطة والحذر.
خبراء مصريون، تحدثوا إلى "عربي21"، حول مدى صدق أو كذب تقرير "معاريف" عن طلب مصر السيسي الدعم الإسرائيلي تحسبا لانتفاضة ضد نظامه، ودلالات ذلك، وحول حديث الصحيفة عن تكتل إسرائيلي مع مصر والسعودية والأردن والبحرين تحسبا لحراك تقوده جماعة الإخوان المسلمين، مع الإجابة على السؤال: هل الواقع يؤكد أو ينفي مخاوف الأنظمة العربية ومنها المصري، والذي يمكن أن تقدمه لهم إسرائيل؟
اظهار أخبار متعلقة
"عن صدق وعن باطل"
وفي رؤيته، قال السياسي والإعلامي المصري حمزة زوبع، عن دلالات حديث "معاريف": "هو من توابع زلزال الثورة في سوريا ضد بشار الأسد؛ وهذا طبيعي جدا، وطبيعي أن تقول معاريف هذا الكلام، عن صدق، وعن باطل، لأن إسرائيل تصدر نفسها دائما على أنها مصدر قوة الحكومات المستبدة العربية".
المتحدث السابق باسم حزب "الحرية والعدالة" المصري الحاكم سابقا، أضاف لـ"عربي21": "وبالتالي فمن الطبيعي بدلا عما كان يقال سابقا من أن مصر طلبت الدعم الأمريكي يقال الآن إن مصر أو أي دولة عربية يحكمها مستبد طلبت الدعم الإسرائيلي تحسبا لانتفاضات عربية ومصرية".
ويعتقد أنه "من الممكن أن يكون حدث ذلك، وقد يكون لم يحدث؛ لكنه من الطبيعي أن يكون المستبدون مدعومين من جهاز خارجي وجهات خارجية، لأنه كما قال كثيرون إن كل النظم المستبدة لا بد لها من راع، هذا الراعي أمريكا في الغالب، ولكنها الآن منشغلة بدخول رئيس وخروج آخر من البيت الأبيض، ويتم الاستغاثة بالكيان الصهيوني".
وتساءل زوبع: "لماذا الاستعانة بإسرائيل؟"، مجيبا بقوله: "لأن النظم في العالم العربي قدمت الأحد، في غزة بعد أن قدمت إسرائيل لها السبت في الانقلابات العربية على ثورات الربيع العربي؛ فأصبح هناك ود ومحبة بينهم".
اظهار أخبار متعلقة
وعن تكتل الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، أكد أنهم "متكتلون بالفعل، ولكن سيزيد التكتل بعض الشيء"، مضيفا: وهنا لا ننفي أبدا أن النظم العربية خائفة بالفعل من شعوبها، هي خائفة بالفعل وتتكل بالفعل، منذ الأمس واليوم وغدا، ملمحا إلى أن "ما يصدرونه لأمريكا والغرب بأن الإخوان قادمون وإنهم إرهابيون وإنهم سيسيطرون أسطوانة مشروخة سقطت، ويجب أن تسقط مستقبلا".
وألمح إلى ضعف الاحتلال الإسرائيلي، مبينا أنها "لم تصمد ولم تستطع القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ أكثر من عام وعدة شهور، وحزب الله أذاقها المرار، وإيران وجهت لها ضربات، وإسرائيل اليوم في مناخ معاد تماما لها في العالم العربي، وسقط نظام سوريا الذي كان يحابي ويستغيث بإسرائيل، وكنا نقول سابقا إن المتغطي بأمريكا عريان، واليوم نقول: المتغطي بإسرائيل عريان وساقط وسيسقط للأبد".
وخلص للقول إن "إسرائيل تحاول أن تصور نفسها على أنها راعي حمى الأنظمة وهذا أمر جيد للشعوب العربية، وليتهم يقولون ذلك دائما، بل لا أستبعد أن تقول النظم وإعلامها غدا لإسرائيل إننا فعلنا لك معروفا ووقفنا بجوارك، وبالتالي يقدم نفسه على أنه ذبح الفلسطينيين ويطلب مقابل ذلك الحماية".
وختم السياسي المصري، مؤكدا أنه "إذا جاءت ساعة الشعوب فالكل يخضع، وعندها لن ترى إلا سقوط الأنظمة ولن تسمع إلا همسا".
اظهار أخبار متعلقة
"مبالغة صحفية"
من جانبه، قال الباحث السياسي عمار فايد: "لا شك أن الأنظمة العربية بما فيها المصري تشعر بقلق بالغ من تداعيات ما حدث في سوريا، لكن لا أعتقد أن ما ذكرته (معاريف) صحيح".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "الصحافة الإسرائيلية أحيانا تبالغ في تقديم محورية دور الكيان في المنطقة خصوصا في الأجواء الحالية التي تحرص فيها على ترميم صورتها بعد ما لحق بها في طوفان الأقصى".
وتساءل: "ما الذي سيقدمه رئيس الأركان الإسرائيلي للنظام المصري؟، هل سيرسل جولاني- لواء مشاة ضمن الجيش الإسرائيلي- لتأمين القاهرة مثلا؟"، مؤكدا أنه "كلام لا قيمة له في رأيي".
ويعتقد فايد، أن "مصر قد تطلب دعما من الغرب أو الخليج لتحسين بعض جوانب الوضع الاقتصادي مثلا؛ أو تنسق مع دول المنطقة الحليفة للتدخل في سوريا بأي صورة لإفشال النظام الجديد؛ لكن لا مجال لطلب دعم إسرائيلي بالمعنى الذي تزعمه معاريف".
اظهار أخبار متعلقة
"تحسبا لمخاوف بينها الجيش"
وفي رؤيته، قال الصحفي المصري والرئيس التنفيذي السابق بالتليفزيون العربي، إسلام لطفي، إن "طلب النظام المصري للدعم الإسرائيلي ليس وليد اللحظة، ولم يبدأ مع أحداث سوريا، فالنظام المصري قبل أن يتشكل في قالبه الحالي ويحظى بدعم دبلوماسي إسرائيلي واسع بكل أروقة واشنطن المهمة في 2013 و2014، وقبل أن يصبح السيسي رئيسا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "مع انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، تحركت الدبلوماسية الإسرائيلية والإماراتية وتكاتفت لتثبيت أركان الانقلاب ودعمه بالأوساط الدبلوماسية والنخب وحاويات الأفكار بأمريكا، وكان المشهود عندها أن الدبلوماسية المصرية في الخارج لم تأخذ هذه التحركات، لكن إسرائيل نابت عن النظام".
ولفت إلى أنه "لاحقا أصبح السيسي رئيسا وأصبح هناك تعاون أمني وعسكري وثيق فيما يخص سيناء وملاحقة الجماعات المسلحة، واستمر الدعم السياسي والدبلوماسي لتثبيت موقف النظام حال تعرضه للاهتزاز بواشنطن طوال السنوات الماضية".
اظهار أخبار متعلقة
وفي تقديره لدلالة طلب دعم الاحتلال الإسرائيلي حاليا، يرى أن "نظام السيسي غير متأكد الآن من صلابة قيادة الجيش واقتناعها بالسياسات الحالية، وليس بالضرورة أن تكون القيادات العليا بالجيش، ولكن الجيش مكون من شرائح وتراتبيات، وفي تقديري أنه منذ 2021 وحتى الآن، لم يعد رضاء الجيش عن سياساته الاقتصادية والأمنية والسياسية محل تسليم".
وأكد لطفي، أنه "لو كان السيسي مطمئنا إلى دعم الجيش له في كل تصرفاته وفي استمراره وفي سياساته الداخلية لم يكن ليلجأ إلى دعم إسرائيل".
وأوضح أن "التكتل الإسرائيلي مع الدول العربية مثل مصر والأردن والسعودية والبحرين وأيضا الإمارات؛ موجود بالفعل وليس وليد اللحظة، وهو في إطار التشكل منذ الاتفاق الإبراهيمي أثناء ولاية دونالد ترامب الأولى، وبأشكال متعددة، منها ترشيح الإمارات لقيادة ملف التطبيع وجعل إسرائيل جزءا من المنطقة، بل قائدا لها، ولكن قائد مستتر، ولكنها لم تنجح في تمرير هذا الأمر".
اظهار أخبار متعلقة
"تجربة سوريا والوقت المثالي"
وتابع: "بالتالي ما حدث في سوريا ضد نظام هو الأشد والأكثر فظاعة بالمنطقة وربما بين الأفظع بالعالم وانتصار إرادة الناس بعد 13 عاما من الحرب والتدمير والقصف والقمع؛ أعطى دفعة لشعوب المنطقة، وبالتالي ولدت تخوفات الأنظمة".
وتساءل: "هل التخوفات متعلقة بالإخوان؟"، مجيبا: "اللهم لا، لأن الموضوع أكبر من قدرة جماعة أو فصيل على إحداث تغيير بمنطقة محرومة من أساسيات التعامل الإنساني واعتبار الإنسان له كيونية له رأي يشارك في تحديد مصيره وشكل المجتمع الذي يعيش فيه والسياسات والقوانين التي تنظم حياته".
ولفت الصحفي المصري، إلى أن "جميع هذه الأمور غائبة عن جل الوطن العربي، وبالتالي القضية ليست قضية إخوان أو جماعات إسلامية، القضية قضية بشر يعيشون ببقعة جغرافية واسعة مسماة بالعالم العربي، وما حدث بسوريا دفقة أمل قوية وعالية وسيكون في تقديري لها ما وراءها".
ويرى أنه "بدلا من التمترس بمزيد من سياسات قمعية وارتماء بأحضان إسرائيل والتماهي مع مشاريعها بالمنطقة حماية للأنظمة؛ أرى أن إعطاء مساحات للناس للتعبير والمشاركة بإدارة شؤونهم سيناريو أفضل من سيناريوهات أخرى، لأنه إذا وصل الناس إلى نقطة الانفجار لن يكون هناك نظام ودولة والسبيل الأمثل للحفاظ على المقدرات هو استيعاب اللحظة وفهمها وفهم أن العالم يتغير والناس تتغير وأن القمع لا يمكن أن يستمر لما لا نهاية".
اظهار أخبار متعلقة
ومضى يؤكد أن "الوقت الحالي مثالي للقوى السياسية المصرية وللجيش المصري ولأبناء الدولة المصرية لاتخاذ إجراءات تصحيحية للحفاظ على الدولة، وحالة الاستعداء ضد مكونات السياسة من أقصى يمينها لأقصى يسارها ضد اليسار والإخوان والمجموعات الشبابية والحركات الاجتماعية لم تعد مقبولة، ورأينا ما حدث بسوريا".
وختم بالقول إن "بناء لحمة وطنية، إيجاد وطن للجميع، يعامل فيه الناس بحرية وكرامة، وتحكمه قيم الشفافية، الملاذ الوحيد للدولة، وبالتالي إنقاذها، ولن يكون بالارتماء بأحضان إسرائيل والأشقاء الخليجيين، لكن يكون بالارتماء في أحضان الشعب المصري".