لا شك أن الممثل الكبير عبد السلام محمد كان موهبة كبيرة، وأن مواهبه لم تستثمر
كما يجب، بل ولم ينل مكانته التي يستحقها -بلا ريب- فقد عاش عبد السلام حياة تعسة وذاق
شظف العيش، وتكالبت عليه الأمراض التي نالت منه في النهاية ورحل عن دنيانا بعد
معاناة
كبيرة.
عبد السلام الذي بدأ كبيرا في مسرحية الفرافير تأليف يوسف إدريس ومن إخراج كرم
مطاوع أمام توفيق الدقن على خشبة المسرح القومي، وكانت علامة فارقة في تاريخ المسرح
المصري، وأيضا علامة فارقة في مسيرته
الفنية كممثل، فتكوين جسده الصغير وملامحه المميزة،
والتي تنم عن الذكاء والتمرد في مزيج مدهش قلما يجتمع كل هذا في ممثل واحد. وانطلق
عبد السلام محمد إلى سماء الإبداع وقد أنصفته الحركة النقدية وقتذاك.
ولكن تمر السنين وتتغير وتتبدل الأحوال ويتسرب الإهمال إلى حياة عبد السلام
محمد، وأصبح الفتى الذي كان، وعزف عنه المنتجون والمخرجون، بل وتعمدوا إسناد أدوار
هامشية تقلل من قيمته حتى الشخصية، لدرجة أنه قام بعمل بعض الإعلانات التوعوية، سواء
كان منفردا أم بمشاركة آخرين كالفنان أحمد ماهر، ومنها إعلان البلهارسيا الذي حفظه
-عن ظهر قلب- وردده الجمهور المصري آنذاك.
ولكنه وإزاء كل هذا، اعتزل عبد السلام الفن اعتزالا صامتا لم يبح به لأحد، وعانى
ما عانى إلى أن رحل عن دنيانا تاركا فراغا شاغرا لم يملأه أحد إلى وقتنا هذا..