.. وكانت فضيحة تشبه فضيحة "المطاهر" يوم خروجه على المعاش، على رأي الفنان فؤاد المهندس، في إحدى مسرحياته!
لغير
المصريين، فإن "المطاهر" هو "المختون"، والختان يتم في الصغر، فلكم بالتالي أن تتخيلوا شكل من تم إجراء عملية ختانه، بعد أن بلغ أزل العمر، وفي يوم خروجه على التقاعد!
"
التايم" هي من فضحت، الانقلاب في مصر، وأزلامه، وأتباعه من "غير أولي الإربة"، وذلك عندما نشرت تعقيباً على الفرح المنصوب، بمناسبة فوز الفريق عبد الفتاح
السيسي، بشخصية العام، للمجلة المذكورة، فلم يكد ينشر الخبر، حتى أقام القوم في الإعلام المصري زفة، وكأننا في لحظة فارقة، كتلك التي تم الغناء فيها: "قالوا ح نبني.. وأدينا بنينا السد العالي"!
لقد نصب إعلام الثورة المضادة، "فرح العمدة" و "زفة بلدي" بمناسبة هذا الانتصار التاريخي، الذي تمثل في فوز الفريق السيسي بشخصية العام لمجلة "التايم"، وهو انتصار جاء بعد أن فقد السيسي بريقه، وسقطت كل أعمال "البروباجندا" التي قامت بها فرق "العزف والنفاق"، التي صورت الرجل على أنه أهم قائد جيش بعد أيزنهاور، مع أنه لم يخض حرباً، ولم يحقق بالتالي انتصاراً.
وكان قد تم تصويره على أنه جمال عبد الناصر، الذي جاء ليحكم مصر على قدر، وتبين أن السيسي، لا علاقة له بناصر إلا من حيث الانتماء للمؤسسة العسكرية، ذلك الانتماء الذي اشترك فيه جمال عبد الناصر مع أنور السادات، وقد جمع الانتماء بين الأول ومحمد نجيب، ولم يمنعه من إهانته، وعزله، ووضعه تحت الحراسة. وهو الانتماء الذي جمع الثاني بالفريق سعد الدين الشاذلي، ورغم وجوده فقد عاش الشاذلي مطارداً في نهاية عهده، وهو الانتماء الذي جمع بين سعد الشاذلي وحسني مبارك، ومع هذا حرص مبارك على وضع الشاذلي في السجن، كما أنه جمع بين القاتل والمقتول، وبين خالد الاسلامبولي، وعبود الزمر، وعطا طايل، وبين الرئيس السادات!
لقد سقطت هذه الدعاية، وجاءت التسريبات، لتؤكد أننا أمام قائد جند لديه شبق في السلطة، ويريد أن يحصن نفسه، ليستمر فيها ليوم يبعثون؛ إذا لم تمكنه الإرادة الشعبية من أن يكون رئيساً للبلاد فليستمر وزيرا للدفاع. كما جاءت التسريبات لتؤكد أن انتماءه الحقيقي ليس للفقراء، كما كان عبد الناصر، ولكن للطبقة التي منها نجيب ساويرس، وأحمد بهجت، ومحمد أبو العينين، وشعاره أن الخدمة بثمنها، ولا دور للدولة هنا، على العكس من الدولة التي أسسها عبد الناصر، وكان لها دور اجتماعي مع الطبقات الفقيرة!
لقد فشل الانقلاب في تحقيق أي إنجاز للمصريين، على نحو جعلهم يترحمون على زمن الرئيس محمد مرسي، وبعض المترحمين كانوا ضد حكم الإخوان. ربما ما نجح فيه الانقلاب حتى الآن، جاء في مجال التسول من بعض دول الخليج، التي تعد من دوائر الانقلاب، ومن حرضت عليه، وهو مجال فشل فيه الرئيس محمد مرسي، وربما لم يختبر قدراته فيه!
لقد ران على الانقلاب حالة من الاكتئاب، فسعى من يؤيدونه لتحقيق أي انتصار ولو في أي مجال، ورأوا في مباراة مصر وغانا، ما يمكن أن يمثل انتصاراً ولو زائفاً وبدأ الترويج إعلامياً بأن الانتصار سيكون بسبب السيسي، وكأنه كابتن الفريق القومي، وقال أحدهم بمجرد رؤية اللاعبين لصور الفريق السيسي فان هذا كفيل بأن يدفعهم لتحقيق النصر، فكانت النتيجة هزيمة ساحقة!
لقد وجد القوم الفرج قد جاء، بما نشر عن أن مجلة " التايم" اختارت الفريق السيسي
شخصية العام، فكانت زفة إعلامية، على نحو كاشف عن أن هذا كفيل بمنحه شعبية أممية، بعد أن بدأ الناس ينفضون من حوله في مصر، وانقلب عليه من كانوا ينتمون للثورة ومثلوا بانحيازهم لانقلابه غطاء ثورياً للثورة المضادة.
ولعلها المرة الأولى، التي تضطر فيها المجلة الشهيرة لأن تصدر بياناً توضح فيه الموقف، لأنها وجدت أن مصداقيتها " على المحك"، فإذا بالبيان يمثل فضيحة مكتملة الأركان، لأنه ذكر أن هناك مواقع إخبارية، هي "اليوم السابع"، و "صدى البلد"، و "بوابة الوفد"، هي التي حشدت الناس من أجل التصويت لصالح الفريق السيسي. وهو أمر يفقد هذه المواقع الثقة والاعتبار، ويجعلها جديرة بأن تكون جزءاً من حملة العلاقات العامة، التي تتولى أمرها الشركة الأمريكية إياها، ويقوم عليها من لهم علاقات باللوبي الصهيوني، بهدف التسويق للانقلاب غربياً.
الدور الذي قامت به هذه المواقع، يفقدها الحيدة، التي ينبغي أن تتوفر في أي وسيلة إعلامية، وليس هذا هو الموضوع!
فوز الفريق السيسي، بشخصية العام والحال كذلك، لا يعطيه امتيازاً يستدعي أن يتحزم القوم ويرقصون عشرة بلدي وعلى "واحدة ونصف" بالشكل الذي فعلوا.. فنحن أمام مسابقة " ستار اكاديمي" عندما يتم الاحتكام إلى تصويت المصوتين، والبعض يصوت على قواعد قبلية، من أجل اختيار أفضل مطرب وأفضل مطربة!
لقد وضعت " التايم" النقاط فوق الحروف، في بيانها، مؤكدة أنه لم يتم اختيار السيسي رجل العام، لأن هذا لا يأتي بالتصويت الجماهيري، فشخصية العام يختارها المحررون بالمجلة، وبحسب البيان فإن الدافع وراء الأصوات الكبيرة التي حصل عليها السيسي هو التأثير على اختيار المحررين.
" التايم" قالت إن التصويت النهائي على شخصية العام لم ينته بعد، وأن السيسي ليس سوى واحدا من 24 مرشحاً سيتم الإعلان عن فوز أحدهم بشخصية العام يوم الأربعاء المقبل.
يا لها من فضيحة!