يعتبر الطبيب النفسي الفلسطينيي
إياد السراج الذي توفى ليل الثلاثاء بعد صراع مع مرض السرطان أحد أبرز دعاة النضال السلمي ضد إسرائيل ومدافعاً شرساً عن حقوق الانسان لم يتوانى عن انتقاد القادة
الفلسطينين.
وتوفى السراج رائد الطب النفسي في قطاع
غزة ومؤسس برنامج الصحة النفسية عن عمر يناهز سبعين عاماً بعد صراع طويل مع السرطان.
وبرغم سوء حالته الصحية وافق السراج الأسبوع الماضي على إجراء مقابلة مع مراسل فرانس برس في منزله في غزة تعقيباً على وفاة الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا، إلا أن طبيبه عارضه حينها واعتذر عن إجراء أي مقابلات صحافية لسوء وضعه الصحي حينها.
وجاء على الموقع الالكتروني لبرنامج غزة للصحة النفسية ليل الثلاثاء "وداعاً دكتور إياد السراج، توفي الليلة الدكتور إياد السراج مؤسس برنامج غزة للصحة النفسية".
وقال أحد أفراد عائلة السراج مفضلاً عدم كشف هويته إن "الدكتور السراج توفي في مستشفى إسرائيلي توجه اليه لتلقي العلاج بعد ان اشتدت حالته الصحية سوءاً في الاسبوع الأخير إثر إصابته بالسرطان".
وولد السراج في العام 1943 في قرية بئر السبع التي نزح عنها مع عائلته في العام 1948 بعد إعلان قيام دولة اسرائيل.
وبعدما درس في الاسكندرية ولندن، اصبح السراج في 1977 أول طبيب نفسي يمارس مهنة الطب في غزة حيث أسس في 1990 برنامج غزة للصحة النفسية، وهو هيئة غير حكومية تهدف إلى معالجة الاضطرابات العقلية لدى الأطفال والنساء وضحايا العنف.
وعرف الرجل على مدار سنوات حياته المهنية باهتمامه بتوثيق تأثير النزاع على الأطفال في الأراضي الفلسطينية.
كما اكتسب سمعة دولية خصوصاً بعد جهوده الحثيثة لتحقيق السلام مع إسرائيل والتوصل لحل للنزاع بين الفلسطينين وإسرائيل بدون عنف.
وأدلى الطبيب الفلسطيني ايضا بشهادته أمام لجنة غولدستون التابعة للامم المتحدة والتي أجرت تحقيقا حول جرائم الحرب خلال الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة شتاء 2008-2009.
وجاء ضمن السيرة الذاتيه للسراج على صفحته الشخصية التي أنشاها على الانترنت انه "خلال مسيرته في مجال حقوق الانسان جعلته يواجه العديد من الصعوبات من السلطات الاسرائيلية والفلسطينية. ففي عام 1996 أعتقل وتعرض للتعذيب لمناهضته للتعذيب وانتهاكات حقوق الانسان من قبل السلطات الفلسطينية".
و حاز السراج على جوائز دولية عدة ابرزها جائزة أطباء من أجل حقوق الإنسان في العام 1997 وجائزة مارتن اينالز للمدافعين عن حقوق الانسان في العام 1998 وجائزة اولوف بالمه في العام 2010 عن "كشف التاثير المدمر للقمع على الصحة العقلية".
وبعد حصوله على هذه الجائزة قال لفرانس برس حينها "أنا أعتبر ضحايا العنف والتعذيب وضحايا الحروب هم الأبطال الحقيقيون ولكن هذه الجائزة تعطيني أملاً ودفعا إلى الأمام بأن لا اتوقف عن محاوله الدفاع عن ضحايا حقوق الانسان في فلسطين سواء من السلطة الفلسطينية او اسرائيل والعمل من اجل العدالة والسلام".
وبعد ظهر الأربعاء وصل جثمانه إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون (ايريز) شمال القطاع، حيث كان مئات المعزيين في استقباله في منزله قبل ان يشيعوه للصلاة عليه في المسجد العمري وسط مدينة غزة ثم ووري جثمانه الثرى .
وشارك اسماعيل هنية رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في غزة في جنازة السراج الى جانب مئات من ممثلي الفصائل الفلسطينية والمجتمع المدني في غزة .
واعتبر هنية خلال الجنازة بحسب وكالة الرأي التابعة لحكومته، ان السراج "شكل نقطة التقاء بين الفرقاء على الساحة الفلسطينية، الفقيد لم يسخر جلّ وقته لإدارة مؤسسته التي تعنى بالبعد النفسي فقط، ولكن تعامل بالسياسة، وعقد ندوات عديدة شاركت فيها قيادات الفصائل لبحث القضايا ذات البعد الوطني والداخلي.".
وكان للسراج دور فاعل في محاولة رأب الصدع بين حركتي حماس وفتح المتخاصمتين منذ منتصف حزيران،يونيو 2006، حيث شغل في هذا الاطار منصب امين سر لجنة الوفاق الفلسطينية، الا ان المصالحة بقيت حتى اليوم حبرا على ورق.
ونعت حركة حماس في غزة "القيادي البارز والناشط الحقوقي الفلسطيني الكبير الدكتور إياد السراج الذي وافته المنية اليوم عن عمر يناهز 70 عاما قضاها في خدمة شعبنا الفلسطيني وقضاياه العادلة، ومقاوما للاحتلال الصهيوني ولكافة أشكال العنصرية".
كما نعته منظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان صحافي اعتبرت فيه انه "ترك بصمة واضحة في مسيرة النضال الفلسطيني. وكان من أوائل من شقوا الطريق الصعب في مسيرة حقوق الإنسان، حيث شهدت مسيرته العديد من الصعوبات جراء همجية وقمع الاحتلالالاسرائيلي".
وامتلات صفحات الفيسبوك التابعة لنشطاء فلسطينين وحقوقين بصور السراج حيث كتب عصام يونس مدير مركز الميزان للحقوق الانسان على صفحته " الدكتور اياد غادرنا الليلة إلى راحة ابدية، اجزم انه لم يعد يمكنه العيش اكثر مما عاش. خذله الجميع وقتلوه في حلمه، في وطن حر لشعب من الاحرار وفي انهاء عبث انقسام ادمى قلبه".
وفي مقابلة له مع وكالة فرانس برس في العام 2001 قال السراج إن أكثر الأطفال الذين عانوا صدمات نفسية كان جراء فقدانهم امهاتهم او منازلهم موضحا "لأن الأم هي رمز لاستمرار الحب ، والمنزل هو رمز لاستمرار الأمان".