دفع اغتيال الوزير السابق
محمد شطح، السياسي البارز في قوى
14 آذار المناهضة لدمشق، تحالف الشخصيات والاحزاب هذا الى تصعيد مواقفه في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة في
لبنان يتعثر تاليفها منذ اكثر من ثمانية اشهر، مطالبا بحكومة تستثني
حزب الله وحلفاءه.
وتتهم هذه القوى النظام السوري وحزب الله المدعوم من ايران بالوقوف وراء الاغتيال الاخير وسلسلة اغتيالات اخرى استهدفت شخصيات اعلامية وسياسية وأمنية مناهضة للنظام السوري منذ العام 2005.
وقال منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد لوكالة فرانس برس السبت: "لم نعد نريد حكومة حيادية، نريد حكومة تكون فيها الحقائب الامنية لقوى 14 آذار لنتمكن من حماية أنفسنا وحماية المواطن اللبناني"، مضيفا "نطرح اليوم فكرة تشكيل حكومة تضم ممثلين عن فريقنا ووسطيين". وأشار الى ان الفكرة "قيد الدرس تمهيدا لاحتمال تبنيها رسميا".
واستقالت حكومة تصريف الاعمال الحالية التي يرأسها نجيب ميقاتي في 22 آذار/ مارس 2013، وسمي النائب تمام سلام المنتمي الى تحالف قوى 14 آذار لتشكيل حكومة جديدة. لكن لم يتمكن من انجاز ذلك.
ورفضت قوى 14 آذار منذ البداية المشاركة في حكومة الى جانب حزب الله، وطرحت تشكيل حكومة حيادية من مستقلين او تكنوقراط كحل للازمة. إلا ان الحزب يتمسك باقتراح يقضي بتأليف حكومة من 24 وزيرا يتوزعون تسعة لحزب الله وحلفائه، وتسعة لقوى 14 آذار، وستة للوسطيين.
وحزب الله هو القوة الوحيدة في لبنان التي تملك ترسانة عسكرية، غير القوات الشرعية. ويتهمه خصومه باستخدام سلاحه للضغط وفرض ارادته على الحياة السياسية. كما ياخذون عليه مشاركته في القتال الى جانب قوات النظام في سورية، معتبرين ان هذا التدخل يجر النار السورية الى لبنان.
وأوضح سعيد ان قوى 14 آذار "لم تترك مبادرة لم تقم بها تجاه حزب الله: حكومات وحدة وطنية وتسويات وانتخابات وفقا لقوانين توافقية وطاولات حوار... كل ذلك من أجل اقناعه بعدم استخدام العنف والقتل لتنفيذ مآربه السياسية، لكن آلة القتل لم تتوقف، وذلك منذ محاولة اغتيال النائب مروان حمادة قبل عشر سنوات".
وتابع: "لا نريد ان نبقى مكشوفين - ليس فقط كقوى 14 آذار انما كمواطنين- كاهداف بشرية امام آلة قتل حزب الله".
ونجا حمادة من محاولة اغتيال بسيارة مفخخة في تشرين الاول/ اكتوبر 2004. وقتل بعد ذلك رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و22 شخصا آخرين في تفجير انتحاري في وسط بيروت في شباط/ فبراير 2005، ما اثار موجة من الغضب الشعبي والتضامن الدولي نجحت في اخراج الجيش السوري من لبنان بعد حوالي ثلاثين سنة من التواجد في لبنان. لكن نفوذ النظام السوري لا يزال قائما عبر حلفائه.
ومنذ 2005، نالت تفجيرات واغتيالات من تسع شخصيات سياسية وإعلامية مناهضة للنظام السوري، بالاضافة الى ثلاث شخصيات عسكرية وأمنية، اثنتان منها محسوبتان على تيار سعد الحريري، احد ابرز اركان قوى 14 آذار.
وكان شطح من المقربين جدا من الحريري الذي اعلن الليلة الماضية في اتصال هاتفي مع تلفزيون "ال بي سي" ان الوقت الآن هو "لوداع فقيد عزيز"، لكن "اغتياله لن يخيفنا، لا شيء سيخيفنا او يردعنا عن المطالبة بلبنان أولا". وتابع: "على العكس. بالامس، كنا نطالب بحكومة حيادية، قد نطالب غدا بحكومة من 14 آذار".
وفي الاطار نفسه، قال الزعيم المسيحي في قوى 14 آذار سمير جعجع في مداخلات تلفزيونية عدة بعد الانفجار، معلقا على دعوات للتحاور للخروج من الازمة الحكومية: "حين نصل الى مرحلة يصبح فيها المقتول والقاتل واحدا، لا يعود للمجتمع وجود ولا مقاييس، وبالتالي اذا استمروا بالاغتيالات، من سيبقى حيا كي يحاور الفريق الآخر أساسا؟".
وخلص الى ان "تشكيل حكومة بعد الزلزال (الاغتيال) في أسرع وقت ممكن" هو الحل، و"طالما ان فريق 14 آذار هو المستهدف، فمن الطبيعي وأقل الايمان ان تتسلم هذه القوى المفاصل والوزارات الامنية في الحكومة. وان لم يتحقق هذا الأمر فلا حلّ الا ان نستكمل نضالنا السياسي".
وقال سعيد ان "الموضوع لا ينحصر بالمسألة الحكومية. محمد شطح لم يستشهد من اجل حكومة، بل استشهد لأن هذا البلد هو اسير الحرس الثوري الايراني ومحاولة عودة الاحتلال السوري". وتابع: "الحكومة جزء من حالة مقاومة مدنية لبنانية في وجه هذا الاحتلال".
لكن في بلد منقسم بشكل حاد، يبدو تحقيق مطلب تشكيل حكومة من لون واحد، لا سيما في ظل النفوذ الذي يتمتع به حزب الله، امرا صعبا للغاية.
وتراهن قوى 14 آذار على رئيس الجمهورية ميشال سليمان (وسطي) وعلى رئيس الحكومة المكلف (من المعتدلين في 14 آذار) ليقوما بتشكيل "حكومة امر واقع". لكن هذه الحكومة تحتاج للمرور في مجلس النواب حيث لا يمتلك اي من فريقي حزب الله و14 آذار الاكثرية المطلقة، الى موافقة الكتلة الوسطية التي يتراسها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والتي تشكل بيضة القبان بين الفريقين. ودعا جنبلاط الجمعة الى "تجنب الفتنة" والى "تسوية تقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية".
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية اللبنانية عماد سلامة ان "تشكيل حكومة اصبح اكثر تعقيدا"، متوقعا ان "يتعمق الانقسام مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة" في ايار/ مايو 2014.
ويضيف ان اغتيال شطح "سيجعل التوصل الى حل سياسي في لبنان امرا شاقا"، ما "سيقود لبنان الى فراغ حقيقي في السلطة في ظل رفض الاطراف السياسيين التفاوض على تسوية داخلية".