برأ الصحفي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة "التحرير"، الرئيس المخلوع حسني
مبارك من تهمة قتل متظاهرين إبان ثورة يناير، واتهم جماعة
الإخوان المسلمين وحركة حماس وحزب الله بقتلهم، كما شن كذلك هجوما حاداً على رموز ثورة يناير.
وأثارت شهادة عيسى - في جلسة الأحد من جلسات إعادة محاكمة مبارك أمام
محكمة الجنايات - جدلا كبيرا بين النشطاء الذين أبرزوا تناقض شهادته الأخيرة مع روايته السابقة عن الأحداث.
تناقض
وكان عيسى من أوائل من تقدموا بدعاوى قضائية ضد مبارك بتهمة قتل المتظاهرين إبان الثورة، وقال خلال تحقيقات النيابة إن مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي مسئولان عن اعتداءات الشرطة على المتظاهرين وقتل المئات.
لكن عيسى "عكس" شهادته تماما في جلسة الأحد، ووصف مبارك بـ"البطل" الذي كان حريصا على المصريين بتخليه عن الحكم، وقال إنه لم يكن خائنا للبلاد.
وقال عيسى إنه لم ير الشرطة تطلق النار على المتظاهرين، وحمل بشدة على الإخوان وقال إنها وراء قتل الثوار وحرق أقسام الشرطة واقتحام السجون تنفيذا لمخطط يهدف إلى إسقاط مصر.
وردا على الشهادة الصادمة لعيسى، أعاد نشطاء نشر مقالات قديمة له كان قد كتبها بعد ثورة يناير مباشرة ويوثق فيها شهادته على أحداث الثورة، وتظهر تناقضا واضحا بين شهادة اليوم وروايته بعد الثورة مباشرة التي أكد فيها أن مبارك كان حاكما فاسدا مستبدا دمويا يحكم بلا شرعية سعى للنجاة بتوريط الجيش في مواجهة مع الشعب.
نشطاء يناير يردون
وهاجم عيسى في شهادته رموز ثورة يناير الذين كان لهم دور بارز في إشعال الثورة، أمثال أسماء محفوظ ومحمد عادل، وقال إنهم "صبية مشوشون" وليس لرأيهم أهمية ولا قيمة لهم وليسوا السبب في نجاح الثورة".
من جانبه، رد الكاتب بلال فضل على شهادة إبراهيم عيسى بوضع رابط مقاله "نحن في زمن اليويو" عبر حسابه على "تويتر"، ويتضمن انتقادات لاذعة لعيسى بسبب التحول الجذري في مواقفه.
كما علق الناشط السياسي تقادم الخطيب - عضو لجنة تقصى الحقائق، التى شكلها الرئيس محمد مرسى حول أحداث ثورة يناير وما بعدها - على شهادة عيسى عبر حسابه على "تويتر" قائلا إن " إبراهيم عيسى كاذب"، مضيفاً أن مسألة قتل المتظاهرين تجاوزت الإخوان وأصبح الجميع يعمل بكل وضوح على تبرئة مبارك ونظامه من هذه القضية".
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع حظر النشر في القضية فيما يخص جلسة الأحد التي تم فيها سماع أقوال براهيم عيسى فقط، كما سمحت بحضور الإعلاميين، دون إبداء أسباب.
وانتهت المحكمة في جلسات سابقة سرية من سماع أقوال شهود الإثبات من بينهم المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان وأحمد نظيف.
تعمد تزوير التاريخ
من جانبها، نشرت الصحفية إيمان عبد المنعم - التي كانت تعمل في صحيفة الدستور تحت رئاسة عيسى - على تويتر روايتها لمواقف عيسى إبان ثورة يناير وكذبته فيما قاله الأحد أمام المحكمة، وقالت إن شهادته باطلة وإنه تعمد تزوير التاريخ.
وأكدت أن رفع حظر النشر عن شهادة عيسى بل ودعوته للإدلاء بأقواله من الأساس في هذا التوقيت يؤكد أنها شهادة سياسية بامتياز قبل أيام من الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وأشارت إلى أن خوف عيسى من تسريب مكالمات مسجلة له على غرار ما يفعله عبد الرحيم علي، هو السر وراء شهادته الأحد بهذا الشكل.
وقالت إيمان إن عيسى نزل ميدان التحرير يوم 25 كانون الثاني/ يناير بعد إلحاح كبير من صحفيي الجريدة، وبعدها أقنع الدكتور محمد البرادعي للعودة إلى مصر ليتصدر المشهد، وبالفعل شارك البرادعي في مظاهرات جمعة الغضب يوم 28 يناير، ورافقه عيسى في ذلك اليوم حرصا على الظهور في المشهد بجانب الرمز الذي يعتقد عيسى أنه هو من صنعه، وبعد تعرضهما لاعتداء الأمن بخراطيم المياه، انسحبا من ميدان الجيزة وعادا إلى منزل البرادعي ليتابعا الأحداث عبر التلفزيون.
وأكدت أن عيسى ظل مختفيا في بيت البرادعي حتى يوم 30 كانونون الثاني/ يناير، ثم استغل علاقته بالبرادعي وببعض أعضاء ائتلاف شباب الثورة ونجح في أن يكون جزء من المشهد.
وكشفت إيمان عن تحول في توجهات عيسى بعد الثورة حيث اتخذ مواقف حادة من التيار الاسلامي، وكان ضمن الوفد الاعلامي الذي يلتقي المجلس العسكري أسبوعيا.
وكان عيسى رئيسا لتحرير صحيفة الدستور التي اشتهرت بانتقاد نظام مبارك قبل الثورة، وحكم عليه في أيلول/ سبتمبر 2008 بالحبس شهرين فى قضية صحة مبارك بعد نشره تقريرا حول مرض الرئيس المخلوع ليتحول بعدها إلى بطل شعبي قبل أن يصدر مبارك عفوا رئاسيا عنه.
وبعد الثورة أنشأ قناة "التحرير" الفضائية، لكنه سرعان ما باع حصته فيها لرجل أعمال مقرب من مبارك في صفقة أثارت علامات استفهام، ثم بدأ مرحلة جديدة من حياته بالتعاون مع رموز نظام مبارك فقدم برنامجا على قناة "القاهرة والناس" المملوكة لرجل الأعمال طارق نور المقرب أيضا من مبارك، كما أصبح عيسى من أكبر الداعمين للانقلاب.
وخلال الأسابيع الأخيرة شن عيسى هجوما شرسا على ثوار يناير، ودخل في حروب كلامية معهم تبادلوا خلالها الاتهامات بالنفاق والعمالة.
اخبطوا دماغكم في الحيط
من جانبه، انتقد عيسى وسائل الإعلام التى نشرت عنه إشادته بمبارك ووصفه له بـ"الوطنى"، مشددا على أن الصحفيين اقتطعوا أجزاء من شهادته وأخرجوها عن سياقها.
وقال عيسي في برنامجه "25 / 30" مساء الأحد :" شددت في شهادتي على أن مبارك كان حاكما مستبدا ومزورا، لكن قرار تخليه عن الحكم كان قرارا وطنيا وحكيما منع مصر من السقوط في بحور دم".
وتابع: "أنا صانع هذه القضية، أنا من كان وراء محاكمة القرن من الأساس، وأحضرت للنيابة عددا من الشهود لتقديم شهادتهم في المحاكمة الأولى لمبارك عقب الثورة".
واختتم عيسى تعليقه على انتقادات النشطاء له على مواقع التواصل الاجتماعي بالقول: "هذه شهادتي أمام الله بما رأيته أنا وليس ما رآه أصدقائي، واللي مش عاجبه يضرب دماغه في الحيط".